إجراءات فورية لاستعادة الثقة المفقودة
لماذا لا تجلسون معاً وتتوافقون على خريطة طريق لإخراج مصر من أزماتها الحالية؟ هكذا خاطب رجال أعمال مصريون ومشاركون أمريكيون ممثلى حزب الحرية والعدالة وأحزاباً ليبرالية ويسارية فى مؤتمر «تحديات مصر بعد ثورة يناير» الذى عقده خلال الأيام الماضية فى فيرجينيا وواشنطن المركز الأمريكى للدراسات الاستراتيجية والدولية. وفى مواجهة سؤال مباشر ومشروع كهذا ومع ملاحظات سلبية كثيرة سجلها مشاركون فى المؤتمر بشأن الأداء السياسى حكماً ومعارضة، طرح ممثلو الأحزاب بدايات مختلفة وأفكاراً متنوعة.
وأسوق منها هنا، نظراً لعدم الاعتماد الصريح لمبدأ علنية النقاشات، ما بلورته كإجراءات فورية لإعادة بناء الثقة بين الحكم والمعارضة والوصول إلى توافق وطنى قبل الانتخابات البرلمانية.
الإجراء الأول هو أن يعيد رئيس الجمهورية تشكيل الحكومة بتسمية رئيس وزراء جديد وتعيين وزراء محايدين للعدل وللشباب وللإعلام وللتنمية المحلية وتغيير وزير الداخلية ورفع كفاءة الوزارات المسئولة عن الملفات الاقتصادية والاجتماعية. إن تم على هذا النحو، سيمزج إعادة تشكيل الحكومة بين مقتضيات استجابة الرئيس لمطالب المعارضة وبين التعاطى بجدية مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة.
الإجراء الثانى هو تجاوز الأزمة الراهنة بشأن القضاء من خلال توقف مجلس الشورى عن النظر فى قانون السلطة القضائية وترك الأمر برمته لمجلس النواب المنتخب ولنقاش مجتمعى وسياسى واسع بعد الانتخابات البرلمانية. ويرتبط بذلك حل مسألة النائب العام بإقناع النائب الحالى الذى عينه رئيس الجمهورية بالاستقالة وتمكين المجلس الأعلى للقضاء ووفقاً للمعايير الموضوعية المنصوص عليها فى دستور 2012 من اقتراح ثلاثة قضاة لشغل المنصب على أن يعين رئيس الجمهورية أحدهم.
الإجراء الثالث هو التوافق بين الأحزاب والتيارات السياسية على تحديد دقيق للدور التشريعى لمجلس الشورى، فالمجلس هذا مطعون فى شرعيته الدستورية والقانونية، وتركيبته المنتخبة والمعينة لا تؤهله لأن يصدر تشريعات ذات تداعيات طويلة المدى. لذلك، وكما طالبت رئيس الجمهورية وجماعته وحزبها فى بدايات نقل الاختصاص التشريعى لمجلس الشورى، ينبغى قصر دور المجلس على القوانين المنظمة للانتخابات البرلمانية القادمة ويتعين الالتزام بصياغة القوانين هذه بمضامين ديمقراطية ونزيهة وبتفعيل كامل لقاعدتى تكافؤ الفرص والمساواة.
الإجراء الرابع هو التوصل إلى إطار توافقى أولى لتعديل الدستور عبر تشكيل لجنة محايدة لدراسة المواد الواجب تعديلها وإعلان كافة الأحزاب والتيارات السياسية التزامها بنتائج عمل اللجنة وعزمها تمرير التعديلات الدستورية المقترحة فى البرلمان حين يكتمل بناؤه.
الإجراء الخامس هو اتفاق الأحزاب والتيارات السياسية على تفعيل المجلس الاقتصادى الاجتماعى المشار إليه فى دستور 2012 وتشكيله وفقاً للمعايير الموضوعية المنصوص عليها وتوظيفه لصياغة خريطة طريق واقعية لإنقاذ الاقتصاد المصرى من الانهيار والمباعدة بينه وبين جحيم المزايدات الشعبوية والخلافات الحزبية.
الإجراء السادس هو إنهاء الإفلات من العقاب فيما خص انتهاكات حقوق الإنسان والشروع الفورى فى مناقشة برنامج للعدالة الانتقالية يعالج الانتهاكات الممتدة من 25 يناير 2011 إلى يومنا هذا، ويحاسب المتورطين بها من مسئولى النظام السابق وقيادات المجلس العسكرى وحكومة الرئيس المنتخب دون تمييز بين مدنى وعسكرى ودون تجاهل للانتهاكات التى حدثت بعد انتخاب الدكتور مرسى للرئاسة.
طرحت هذه الإجراءات الستة على مائدة الحوار فى الولايات المتحدة، وأجدد الدعوة إلى التفاوض بشأنها بين الأحزاب والتيارات السياسية فى مصر علّنا نصل إلى مخارج من أزماتنا الحالية.