تنسيق مصرى - أمريكى لـ«تسوية القضية الفلسطينية»

تنسيق مصرى - أمريكى لـ«تسوية القضية الفلسطينية»

تنسيق مصرى - أمريكى لـ«تسوية القضية الفلسطينية»

أثار قرار مصر سحب مشروع القرار الذى تقدمت به لإدانة الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة حالة من الجدل والاتهامات فى الأوساط العربية، وسط ترحيب أمريكى من الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس المنتخب، دونالد ترامب.

وأعلنت البعثة الدائمة فى «نيويورك»، أمس، سحب مشروع قرار إدانة الاستيطان بشكل نهائى، رداً على مذكرة الدول الأربع التى توجهت إلى مصر بمذكرة إنذار بمهلة نهائية لتقديم مشروع القرار أو سحبه، حتى يتسنى لهم تقديمه.

{long_qoute_1}

فيما كشف مصدر دبلوماسى قريب من مفاوضات مجلس الأمن حول مشروع القرار، عن أن «مصر بحكم قربها وتعاملها المباشر مع كافة جوانب القضية الفلسطينية منذ عقود، واتصالاتها القوية والمتشعبة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية القريبة من هذا الملف، تدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية بكافة أبعادها لن تتم إلا من خلال مفاوضات جادة ومباشرة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى تحت رعاية من الأطراف الدولية والإقليمية الرئيسية».

وقال المصدر، الذى رفض ذكر اسمه، فى تصريحات أمس، إن «مجلس الأمن صدر عنه على مدار ستة عقود العشرات من القرارات الأقوى فى صياغتها، والأكثر حماية للحقوق الفلسطينية، من مشروع القرار الحالى، وأن ذلك لم يمنع إسرائيل من تجاهلها وانتهاكها على مرأى ومسمع من القوى الدولية الرئيسية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة وغيرها من الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن». وأشار المصدر إلى أنه من الواضح أن الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها ترغب فى تبنى موقف انتقامى من الإدارة الجديدة المقبلة، وذلك من خلال تقييد حرية حركة وقدرة الرئيس الجديد، دونالد ترامب، فى أن يتخذ قرارات حاسمة تجاه التسوية الشاملة لملف القضية الفلسطينية مثلما ألمح فى مناسبات سابقة، وذلك من خلال غسل يدها من مواقفها غير الداعمة للحق الفلسطينى على مدار ثمانى سنوات رغم كافة الجهود والضغوط المصرية والعربية، الأمر الذى يفسره ما صدر من تلميحات أمريكية لم ترق إلى مستوى اليقين حتى الآن، بأن الولايات المتحدة قد تمتنع عن التصويت على مشروع لتمريره دون استخدام حق الفيتو لتنتقم من الحكومة الإسرائيلية التى توترت علاقتها معها على مدار السنوات الماضية ولكن دون أن تجرؤ الإدارة على اتخاذ هذا الموقف فى مجلس الأمن.

{long_qoute_2}

وشدد المصدر على أن «قرار مصر بعدم التعجل بطلب التصويت على مشروع القرار يعكس رؤية أكثر عمقاً وشمولية لكل تلك المعطيات، لا سيما بعد الاتصال الذى قام به الرئيس المنتخب (ترامب) مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يبدو أنه استهدف رسم خطة عمل مصرية أمريكية مشتركة تضمن تعاملاً أكثر شمولية مع كافة عناصر ملف القضية الفلسطينية بشكل يضمن وجود مقومات حقيقية للتسوية الشاملة والعادلة لها بعيداً عن الألاعيب السياسية، أو محاولات تحقيق انتصارات مزعومة».

وقال مسئولون غربيون، لـ«رويترز»، إن «إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما كانت تعتزم الامتناع عن التصويت فى مجلس الأمن الدولى على مشروع قرار ينتقد البناء الاستيطانى الإسرائيلى»، فيما قال مسئول إسرائيلى إن «رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، طلب مساعدة الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، لتجنب القرار الأممى الحاسم بعد أن علم أن الإدارة الحالية فى البيت الأبيض لا تعتزم الاعتراض على مشروع القرار».

وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى تلقى، مساء أمس الأول، اتصالاً من الرئيس الأمريكى المنتخب، وتم التطرق خلاله إلى مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية بعد تولى الإدارة الأمريكية الجديدة مسئولياتها بشكل رسمى. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية، إن الجانبين أعربا عن تطلعهما لأن تشهد المرحلة المقبلة تنامياً ملحوظاً يشمل كافة جوانب العلاقات الثنائية، وتعاوناً فى كافة المجالات التى تعود على شعبى البلدين بالمصلحة والمنفعة المشتركة. وأضاف: «تم خلال الاتصال التباحث حول الأوضاع الإقليمية وتطوراتها المتلاحقة التى تنبئ بتصاعد التحديات التى تواجه الاستقرار والسلم والأمن، لا سيما فى منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذى يعزز من أهمية التعاون المشترك بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية فى سبيل التصدى لهذه المخاطر، وفى هذا الإطار تناول الاتصال مشروع القرار المطروح أمام مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلى، حيث اتفق الرئيسان على أهمية إتاحة الفرصة للإدارة الأمريكية الجديدة للتعامل بشكل متكامل مع كافة أبعاد القضية الفلسطينية بهدف تحقيق تسوية شاملة ونهائية لهذه القضية».

من جانبها، قالت مصادر دبلوماسية، لـ«الوطن»، إن «القيادة المصرية لا ترغب فى الصدام المباشر مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وتريد منحها الفرصة للعمل على تعزيز التعاون بشأن القضية الفلسطينية، وأن يتم وضع أسس جديدة يتم من خلالها استئناف عملية السلام فى المنطقة». وأوضحت المصادر أن «مصر تسعى لترسيخ صفحة جديدة من العلاقات المشتركة مع الولايات المتحدة على عكس ما كانت تشهده من التوتر أحياناً مع الإدارة السابقة، التى ستترك منصبها خلال أيام قليلة». وأكد سياسيون ونواب أن مصر فضلت الحل الشامل للقضية الفلسطينية دون أن تخضع لأى ضغوط، القائم على فكرة الدولتين، بعيداً عن الصدام والمناوشات، وأنه لا مجال للمزايدة عليها فى ظل موقفها الثابت من القضية الفلسطينية.

وقال طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية ورئيس الوحدة الإسرائيلية بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط، إن الاتصال الذى حدث بين الرئيس الأمريكى المنتخب، دونالد ترامب، والرئيس عبدالفتاح السيسى، لم يتطرق إلى الحديث عن مشروع القرار المصرى فى مجلس الأمن لوقف الاستيطان، مضيفاً: «الأزمة أن الإعلام الإسرائيلى يحاول الصيد فى الماء العكر، والقول بأن السيسى استجاب لمطالب ترامب ورئيس وزراء إسرائيل وسحب المشروع خطأ كبير؛ لأن القرار هو مشروع عربى وليس مصرياً فقط، ولو أن مصر بهذه الصورة المترددة لما قدمت المشروع أصلاً ومصر لم تخضع لاتصال أحد أو تدخله أو لضغوط خارجية».

وقال النائب محمد أبوحامد، عضو ائتلاف دعم مصر البرلمانى، إنه عند الحديث عن العلاقات الدولية لا يمكن التعليق على موقف دون معرفة أبعاده، والرئاسة أوضحت ما حدث بشأن مشروع قرارها فى مجلس الأمن ضد الاستيطان، لقطع الطريق على المزايدين، مضيفاً: «الرئاسة تبحث عن حل أكثر عمقاً للقضية الفلسطينية، بعيداً عن الشجب، فالهدف الذى كانت مصر تدفع فى اتجاهه تحقق بإعادة طرح الحل الشامل الكامل للقضية على مائدة المنظمات الدولية، وهو حل قائم على فكرة الدولتين، ومصر كانت من أوائل الدول التى نادت به، وتحركت فى اتجاهه».

وأكد «أبوحامد» أن استعادة التواصل المصرى الأمريكى بداية جيدة تفيد القضية، وقد اتضح التفاهم بين «ترامب» والرئيس المصرى فى قضايا كثيرة، وهو أمر شديد الإيجابية وستكون له انعكاساته على المنطقة وقضاياها، فلا أحد يستطيع إغفال دور مصر كدولة محورية فى المنطقة، وحرص الرئيس الأمريكى على التواصل معها يؤكد ريادتها، فحتى فى الأوقات التى ساءت خلالها العلاقات المصرية الأمريكية لم تستطع واشنطن إنكار دور مصر، وكانت تعود إليها طوال الوقت فى قضايا المنطقة.

فى السياق ذاته، كشفت مذكرة دبلوماسية أن «نيوزيلندا وفنزويلا وماليزيا والسنغال أنذرت مصر بشأن تراجعها عن طرح مشروع بمجلس الأمن الدولى يدين الاستيطان الصهيونى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأبلغ ممثلو هذه الدول فى مجلس الأمن مصر بأنها إذا لم توضح فى الساعات القليلة المقبلة هل تعتزم الدعوة لإجراء تصويت على مشروع القرار، فإنهم يحتفظون بحق طرحه على مجلس الأمن».


مواضيع متعلقة