مدير مشروع القمر الصناعى اليابانى الجديد: «لو أى مسئول مش قدّ المسئولية يمشى ويسيبها للى أكفأ منه».. ولا يوجد مبرّر لهجرة الشباب

كتب: نادية الدكرورى

مدير مشروع القمر الصناعى اليابانى الجديد: «لو أى مسئول مش قدّ المسئولية يمشى ويسيبها للى أكفأ منه».. ولا يوجد مبرّر لهجرة الشباب

مدير مشروع القمر الصناعى اليابانى الجديد: «لو أى مسئول مش قدّ المسئولية يمشى ويسيبها للى أكفأ منه».. ولا يوجد مبرّر لهجرة الشباب

شدّد الدكتور محمد إبراهيم، خبير تصميم الأقمار الصناعية وهندسة الفضاء باليابان، ومدير مشروع القمر الصناعى اليابانى الجديد «هورويو فايف»، فى حواره لـ«الوطن»، على ضرورة المضى قدماً فى تنفيذ البرنامج الفضائى المصرى، لجنى عوائد اقتصادية من تكنولوجيا الفضاء، مقترحاً إنشاء مصر مركزاً متخصصاً فى تصميم الحاسبات المدمجة وعملياتها بمنطقة قناة السويس، مما يُدر دخلاً على اقتصاد مصر يُقدّر بمليارات الدولارات، وإلى نص الحوار:

■ ما تفاصيل مقترحك بإنشاء مركز متخصص فى الحاسبات بمنطقة محور القناة؟

- فى رأيى يجب أن تستفيد مصر من حجم الأموال الموجودة فى سوق الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذى يقدر بـ3800 مليار دولار، خصوصاً أن مصر بها مواهب متميزة فى مجال البرمجة، لذا يمكننا أن نُدشّن لأول مرة فى محور تنمية قناة السويس، مركزاً متخصصاً لتصميم الحاسبات المدمجة ومغذياتها، ومصر لديها الكثير من المتخصصين فى هذا المجال، وعليها أن تحرص على ألا يغادروا إلى دول أخرى، خصوصاً المتخصصين فى صناعة الإلكترونيات، التى يمكنها أن تُدخل عوائد اقتصادية إلى البلاد تُقدّر بمليارات الدولارات، ويمكن لمصر الحصول على نصيب من هذه الاستثمارات العالمية فى مجال صناعة الإلكترونيات بحلول عام 2020.

{long_qoute_1}

وأقترح فى ما يتعلق بتنفيذ البرنامج الفضائى المصرى، أن يفصل التصميم عن التنفيذ، وأن تُسند عمليات التصميم إلى شركات متخصّصة فى الحاسبات ونظم صناعات الأقمار الصناعية، لتعظيم الاستفادة من الوكالة الفضائية المصرية، كما يمكن تشجيع الشركات الناشئة للدخول فى هذا المجال، مما يفتح سوقاً جديدة وفرص عمل أكثر للشباب.

■ ما تقييمك للبرنامج الفضائى المصرى؟

- بدأ البرنامج الفضائى المصرى عام 1998، بإنشاء مجلس بحوث الفضاء، الذى ضمّ مجموعة من أفضل مهندسى مصر فى هذا المجال، وشاركت لمدة 4 سنوات فى التعليم والتدريب مع المجموعة المصرية الأولى التى سافرت إلى أوكرانيا، وتلقيت تعليماً لا يُقدّر بثمن، مما ساعدنى على استكمال دراسة الدكتوراه فى مجال حاسبات الأقمار الصناعية، ثم دشّنت مصر مشروع القمر الصناعى المصرى، بواسطة مجموعة من الطلاب المصريين بالجامعات، الذين تلقوا التدريب فى الفترة من 2002 حتى 2007، فى مصنع صواريخ بأوكرانيا. وحاول الفريق العلمى نقل خبراته بالمشاركة عام 2010 فى مشروع القمر الصناعى التعليمى بمكتبة الإسكندرية، إلا أن المشروع توقف، واضطر بعض فريق العمل، وكنت واحداً منهم، إلى السفر من أجل استكمال دراسة الدكتوراه، ثم اختبرت نظاماً حاسوبياً صمّمته فى مصر، ورغبت فى عمل اختبارات له فى أحد المفاعلات اليابانية، وهو نظام يعمل بالأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض. ووصفت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» النظام الذى صمّمته بأنه أحدث تكنولوجيا فى هندسة الأقمار الصناعية، وجعلتنى أترأس جلسة بمؤتمر سنوى تعقده فى هذا المجال، وأتولى مراجعة الأبحاث العلمية المتخصّصة فى هذا المجال. {left_qoute_1}

لكن رغم التوقف المؤقت للبرنامج الفضائى المصرى، فإن استكمال مسيرة مصر فى هذا المجال من الأولويات العظمى، لأن الاقتصاد القائم على المعرفة هو الداعم الرئيسى للاقتصاد المصرى، ومصر تمتلك قدرات وإمكانيات تؤهلها لتوطين التكنولوجيا الفضائية، خصوصاً فى حال الاهتمام بالتدريب، حيث نجحت مصر عام 1994 فى إنشاء مكتب للاستشعار عن بُعد فى أكاديمية البحث العلمى، ثم أنشأت عام 1989 مركز بحوث الفضاء، الذى يختص برعاية أنشطة الفضاء، وهو يختلف عن وكالة الفضاء، التى من المتوقع أن يُعلن عنها الرئيس عبدالفتاح السيسى قريباً.

■ فى رأيك، متى يكون قرار الهجرة صائباً؟

- قبل أن أجيب، يجب أن أعترف أننى أشعر بمرارة عندما أشاهد المصرى يُحقّق تنمية ونهضة فى بلدان العالم، بينما تحتاج مصر إليه، لكن يجب أن تعلموا أن العالِم المصرى قبل أن يخرج من بلده تعرّض لمواقف دفعته إلى تركها، وأصحاب هذه المواقف لم يفكروا حينها فى المصلحة العامة قبل أن يتسبّبوا فى إيذاء الآخرين، وأنا أحد الذين تعرّضوا لمثل هذه المواقف، وكان الحل وقتها أن أترك مصر وأهاجر لأعمل فى شركة «هيتاشى» اليابانية، التى تضم 33 ألف عامل، لا يوجد بها عامل مصرى سواى، وهذا يعكس أن الشركات العالمية تنتقى جيداً قبل أن تُعيّن العاملين بها، ولا تجرى الاختيار دون الاستناد إلى الكفاءة، مما يجعلنى أوجه نصيحة إلى المسئول المصرى بألا يرفض كفاءات لديها الرغبة فى أن تفيد هذا البلد لمجرد أنها لا تتماشى مع رغبته الشخصية، وإذا شعر المسئول بأنه غير قادر على تأدية مهام عمله، فمن الأفضل أن يتركها لغيره من الكفاءات القادرة.

وقبل أن يتخذ الشاب قرار السفر يجب أن يكون السفر لتنفيذ أمور لا تستطيع تنفيذها فى مصر، وأنا شخصياً لدىّ الرغبة فى العودة والاستقرار بمصر، ويجب أن يعلم الشباب المصرى أنه الأمل والمستقبل لهذه البلاد، فلا تجعل الظروف الصعبة تُسبّب لك الإحباط أو الاستسلام، بل اجعل هذه الظروف قوة تعينك، ولا تَسر بالطرق التقليدية، ولو أُغلقت أمامك الطرق، اختر طريقاً جديداً، واجعل أمامك دائماً هدفاً تسير على خُطاه، ولا تكن عشوائياً فى تفكيرك.

■ بعد التواصل الأخير بين الدولة والعلماء المصريين بالخارج.. هل تشعر بالتفاؤل؟

- نعم، أنا متفائل جداً لسببين، لأننى أصبحت أمثل قدوة للشباب المصرى، كما أن أحوال مصر الآن تشير إلى رغبة حقيقية فى السير باتجاه العلم، وبطرق علمية مدروسة لتحقيق التنمية المبنية على التخطيط، وهذه الرؤية لم تكن موجودة من قبل، مما يعكس تطوراً رهيباً فى التواصل بين العلماء والدولة، ويجب أن تتبع هذه الرؤية الطموحة استراتيجية عُليا تتكون من خطط تنفيذية موزّعة الأدوار، وأن تقام المناقشات بهدف العمل الجماعى وليس الفردى، وألا تكون هذه الاستراتيجية قائمة على أفراد، بل تكون مؤسسية الفكر، حتى لا يبدأ كل مسئول جديد من الصفر، وتظل مصر لسنوات عند نقطة الصفر دون التحرك خطوة إلى الأمام.


مواضيع متعلقة