أستاذ «الفقه»: للمسيحيين جميع الحقوق وشغل كل الوظائف عدا المتعلقة بالدين الإسلامى

كتب: سعيد حجازى وعبدالوهاب عيسى

أستاذ «الفقه»: للمسيحيين جميع الحقوق وشغل كل الوظائف عدا المتعلقة بالدين الإسلامى

أستاذ «الفقه»: للمسيحيين جميع الحقوق وشغل كل الوظائف عدا المتعلقة بالدين الإسلامى

عانت مصر من الفكر الدينى المتشدد والمتطرف الذى غلب «الوسطية» فى السنوات الماضية، خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع أهل الوطن الواحد من الأقباط، حيث وضعت الجماعات المتشددة تصورات ومفاهيم خاطئة عن نظرة الإسلام والمسلمين لهم، وفى المقابل، لم يعدم الأزهر محاولات بعض علمائه المستنيرين، إظهار وسطية الدين، وسماحته، وهو ما عمل عليه الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، فى كتابه «أهل الكتاب فى التشريع الإسلامى».

وأكد «كريمة»، فى كتابه، أن القرآن الكريم مدح أهل الكتاب وأثنى عليهم، فقد قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، كما قال: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى)، لافتاً إلى أن لفظ اليهود جاء 8 مرات فى القرآن، ولفظ «يهودياً» مرة واحدة، فيما ورد لفظ «النصارى» 14 مرة، ولفظ «نصرانياً» مرة واحدة، ما يمثل مدحاً وثناءً على أهل الكتاب، مشدداً على أن أمور الاعتقاد التى تتنازع فيها الشرائع ينبغى التوقف فيها، لأن الحاكم فيها هو الله سبحانه وتعالى، القائل (ألا له الخلق والأمر)، و(إن الحكم إلا لله) و(إن الله يفصل بينهم يوم القيامة)، لذا فإن دراسات علوم مقارنة الأديان يجب أن تكون فى قاعات البحث العلمى كأعمال بحثية أكاديمية بأيدى العلماء فقط، بعيداً عن العوام والإعلام.

{long_qoute_1}

وأوضح «كريمة»، فى كتابه، أنه مع وجود نظم معاصرة مثل الجنسية والمواطنة ومدنية الحكومات والدولة، فإن نظام الجزية لا وجود له حالياً، فهناك العديد من الأئمة، مثل «الفقيه الباجى» أشاروا إلى أن متغيرات الظروف والأحوال، من موانع القتال، كما لم يعد من الجائز تقسيم الديار إلى ديار إسلام وكفر، لزوال دواعى ومقتضيات ذلك.

وأشار «كريمة» إلى أن الجزية لم تكن إذلالاً لغير المسلم، فقال: «الوظيفة المأخوذة من غير المسلم لإقامته بدار الإسلام فى كل عام، وتؤخذ من أهل الكتاب ومن له شبهة كتاب كالمجوس وقد وضح الإمام على مقصودها الأعظم وهى إنما بذلوا الجزية لتكون أموالهم كأموالنا ودماؤهم كدمائنا وهى مانع من موانع القتال وليس الإذلال، أو العقوبة، ونبه الإمام الباجى على قابلية الجزية للإيقاف».

وأكد «كريمة» أن من آثار حقوق المواطنة شغل الوظائف المدنية، وعدم شغل الوظائف الدينية الإسلامية التخصصية والتمتع بالخدمات والانتفاع بالموافق وإقامة دور العبادة الخاصة، كذلك حق الحماية الداخلية والخارجية وحق الانتخاب والترشح والتمتع بالحقوق وممارسة حياتهم الاجتماعية فيما يخصهم فى ظل الدستور وهو من مشروع يتفق مع المبادئ والمقاصد العامة للشريعة الإسلامية، فإن أى حظر طائفى يهدر حقوقاً ويخل بواجبات يعد عدماً لا وجود له.

وأضاف «كريمة» أن أمير المؤمنين عمر اقتص لمسيحى مصرى اعتُدى عليه من ابن أمير مصر عمرو بن العاص وقال «متى تستعبدون الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً»، وفرض ليهودى مسن راتباً من بيت مال المسلمين، كما أن خالد بن الوليد كتب لأهل الحيرة «أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، عيل وعياله من بيت مال المسلمين».

{long_qoute_3}

وأشار «كريمة» إلى ما كتبه عمر بن عبدالعزيز إلى عدى بن أرطأة عامله على البصرة «وأنظر قبلك من أهل الذمة من كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنه المكاسب من الحق له أن يجرى عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه»، فضلاً عن الوصايا النبوية فى الإحسان لأهل الكتاب فقال النبى «الله الله فى قبط مصر فإنهم عدة وبلاغ لكم على عدوهم»، وقد استضاف الرسول كبار ورؤساء ورتب نصارى نجران فى مسجده وأذن لهم بتأدية شعائرهم العبادية فيه، وأعطاهم العهد، كما فرح المسلمون بنصر الروم على الفرس واعتز النبى محمد بمولد سيدنا المسيح واحتفل بنجاة سيدنا موسى، فى يوم عاشوراء.

ووضع «كريمة»، فى كتابه تدابير وقائية للفتنة الطائفية طالب فيها بالمصارحة والمكاشفة والعقلانية والفهم الواعى لصحيح الدين لعلاج الأزمات، فيجب أن يكون هناك تدابير وقائية ومنها العمل الدعوى لدى المسلمين والمسيحيين فيحتاج إلى تقويم وحسم وحزم فليس من المقبول ترك منابع وروافد التعصب وكراهية الآخر لتكون هى منهاج الدعوة والتبشير، فهناك ضعف للمؤسسات العملاقة فى الدولة المدنية فظهر أشياخ متسلفة وإخوان كمرجعية بديلة للأزهر واقتحمت البيوت لتكفير النصارى وتحريم التهنئة ومنع البدء بالسلام والتحية ووجوب إذلالهم، فهذا لا يليق بالأديان، كذلك ضرورة وجود إعلام دينى قوى يصحح المفاهيم.

{long_qoute_2}

وتناول «كريمة»، فى كتابه، الإخاء الدينى بين الإسلام والمسيحية، وتحريم الاعتداء على المعابد الدينية، وفقاً لقول الله تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً}، فهناك حرمة للتعرض لرجال الدين اليهودى والمسيحى وحرمة لهدم معابد غير المسلمين وهناك نصوص مُحكمة وقواعد راسخة فى حماية وصيانة المعابد الدينية، ودخولهم فى الحماية الداخلية والخارجية فأهل الكتاب مواطنون لهم حق الإقامة والتنقل والأصل فيه شرعاً ما جاء فى دستور أو صحيفة المدينة.

وتطرق أستاذ الفقه إلى دستور المدينة المنورة الذى حدد أسس المواطنة فى الدولة الإسلامية، واعتبر غير المسلمين مواطنين فى الدولة وأقر المساواة فى الحقوق والواجبات، وأشار «كريمة» إلى جواز نكاح المسلم للمرأة الكتابية كذلك الاستعانة بأهل الكتاب فى الدفاع الداخلى والخارجى، فيرى الفقهاء جواز الاستعانة بأهل الكتاب فى العمليات القتالية واستدلوا بفعله فى مواطن، كذلك تحدثوا حول حقوق المواطنة وحقوق الإنسان فلهم الانضمام إلى الجيش والشرطة المدنية كغيرها من مؤسسات الدولة عدا الوظائف الدينية للمسلمين، كذلك ولاية أهل الكتاب على المسلمين فتوجد صور لذلك ومن ذلك أنه لا ولاية لغير مسلم فى زواج مسلمة ولا حضانة له لمسلم ولا حضانة وصاية له على مسلم أما الأعمال الإدارية فى المجتمع فتجوز وهى ليست ولاية بمعناها، فيجوز شغلهم مناصب قيادية فى الدولة لكن لا يجوز زواج أهل الكتاب بمسلمة.


مواضيع متعلقة