الفيوم مخزن الجهاديين ومفرخة التكفيريين.. أولهم عمر عبدالرحمن مروراً بشوقى الشيخ وآخرهم محمود شفيق

كتب: ماهر فرغلى

الفيوم مخزن الجهاديين ومفرخة التكفيريين.. أولهم عمر عبدالرحمن مروراً بشوقى الشيخ وآخرهم محمود شفيق

الفيوم مخزن الجهاديين ومفرخة التكفيريين.. أولهم عمر عبدالرحمن مروراً بشوقى الشيخ وآخرهم محمود شفيق

ليس من اللافت أن يكون منفذ العملية الانتحارية والحزام الناسف فى الكنيسة البطرسية من محافظة الفيوم، فنحن لدينا قواعد حاكمة لتلك المسألة، متمثلة فى أن المخزن التكفيرى له عدة بؤر كبيرة، أولها الفيوم والقليوبية وشبرا ودمياط والشرقية، تفرعت منها فروع كثيرة، رأسها فى سيناء الآن، وذيلها فى محافظتى أسيوط وقنا.

تعتبر الفيوم هى المخزن الأكبر لتلك الجماعات التكفيرية، التى نفرق ما بينها وبين جماعات السلفية الجهادية، أو تنظيم الجهاد، لأمور تتعلق بمسائل منها الحكم على (الديار) أى الدول، وساكنيها، وإنزال حكم الكفر عليها، وسحبه على الكل أم البعض، وثانيها تكفير (الأعوان) أى أعوان الحاكم، وهل ينسحب على الدائرة الضيقة المحيطة بالحاكم أم على جميع الحكومة، أم المجتمع بالكامل، وثالثاً مسألة العذر بالجهل، وهل يعذر الحكام وأعوانهم أم لا؟، ورابعها الكفر بالتتابع وقاعدة (من لم يكفّر الكافر فهو كافر)، وللتوضيح فإن التكفيريين فى ما بعد الثورة، يكفّرون الأعوان، ويكفّرون الحكام، ويكفرون ساكنى الديار، ويحكمون على مساجدنا أنها ضرار (أى إنها تفرّق بين المسلمين ويحرم الصلاة فيها).

{long_qoute_1}

الفيوم هى المحافظة الأكبر، من حيث وجود هذا النوع من الجماعات، فهى الموطن الرئيسى لجماعة الشوقيين، كما أصبحت فيما بعد الموطن الأساسى لجماعة «التوقف والتبين» التى نشأت فى السجن على يد قيادات تكفيرية من دمياط.

السبب برأيى فيما جرى بالمحافظة، هى حالة التمدين والترييف، فقد زحف الريف على المدن بشكل كبير، ووصم المحافظة كلها فى أرقى مناطق بها، وكان الريف منذ فترة السبعينات، هو من يشهد حالة اختراق السلفيين والإخوان للهوامش، واحتلالهم أماكن كان من المفترض أن تكون الدولة هى من تحتلها، والإحصاءات الرسمية تؤكد أن أعلى نسبة للأمية بالجمهورية هى بالفيوم، مقارنة بعدد السكان.

وقد ساهمت عناصر كثيرة فى وجود الجماعات التكفيرية بالمحافظة، كان أهمها، أنها شهدت أكبر حالة من المد السلفى فترة السبعينات، وكانت القيادة السلفية الأهم هى الشيخ الدبيسى، تعيش هناك.

كما شهدت الفيوم بدايات نشأة جماعة التوقف والتبين، وكانت مركزاً لجماعة الشوقيين، التى تنسب إلى شوقى الشيخ، الذى كان يجيز لأتباعه سرقة أموال المسلمين، وحاجاتهم، واغتصاب زوجاتهم، لأنهم كفرة، وفق قوله، حتى قُتل فى فترة التسعينات على يد الشرطة!!

الأدهى من ذلك أن شوقى الشيخ، كان فى بداياته تلميذاً لعمر عبدالرحمن، أمير الجماعة الإسلامية، لكنه تحول فيما بعد إلى تكفيرى تابع للتوقف والتبين، وكانت جماعته متمركزة فى قرية «كحك» بمحافظة الفيوم، والتى اصطدمت فى أحداث عنف بالشرطة، قتل فيها العشرات.

{long_qoute_2}

الغريب، أن المئات من أعضاء هذه الجماعة، يعملون فى حرفة الصيد، كما أن نسبة 99% منهم أميون، لا يعرفون القراءة أو الكتابة، وكان الشخص الوحيد بينهم الذى ليس أمياً، هو أميرهم، الحاصل على كلية الحقوق، والذى تولى إمرة التنظيم، عقب مقتل شوقى الشيخ.

الإشارة المهمة هنا، أن جماعة «شوقى الشيخ» امتدت إلى سيناء، وهى الضلع الأساسى فى تشكيل جماعة التوحيد والجهاد والتى أصبحت فيما بعد جماعة بيت المقدس.

كما كان أمير الشوقيين «فيومياً»، كان عمر عبدالرحمن مفتى تنظيم الجهاد مقيماً فى المحافظة ذاتها، ولذا فقد شهدت مداً للجماعات المسلحة فترة التسعينات وحتى اليوم، بصورة لم يسبق لها مثيل.

على الناحية الأخرى، كان أحمد يوسف، ومجدى كمال، والأخير كان أحد قيادات تنظيم القاعدة، يعيشان فى بنى سويف، وأسسا ما يعرف بالجماعة الإسلامية، وهى تختلف عن الجماعة التى يقودها عمر عبدالرحمن، فى مسألة العذر بالجهل، فأتباعها يكفّرون أجهزة الدولة والعاملين بها، خاصة الجيش والشرطة، وكان أتباع هذه الجماعة ينتقلون إلى الفيوم، وأسسوا فرعاً لهم بالمحافظة، وقد أسهم هذا الفرع فيما بعد فى انتشار العناصر التى تكفّر الشرطة والجيش بالجملة، وعقب عزل الإخوان، بدأت هذه الجماعة استخدام السلاح وانضم أتباعها إلى تنظيم بيت المقدس.

{long_qoute_3}

ورغم أن مرشد الإخوان كان مقيماً فى بنى سويف، ويدير تنظيم الإخوان من هذه المحافظة، إلا أن الفيوم كانت مركزاً للإخوان أيضاً، وهى من المحافظات الكبرى التى توجد بها عناصر الجماعة، ولاحظوا أن أحمد عبدالرحمن، هو من المحافظة، بل وهناك مصادر تحدثت أن منفذ تفجير البطرسية، محمود شفيق محمد مصطفى، كان يحضر دروساً لأحمد عبدالرحمن.

وأحمد عبدالرحمن، كان مسئول الإخوان فى محافظة الفيوم، وعضواً فى مجلس الشورى العام للجماعة، قبل أن يتم انتخابه عضواً فى الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، وأميناً للحزب بالفيوم، فضلاً عن انتخابه فى 2012، عضواً فى مجلس الشورى.

من هنا نشأت عقب الثورة «خلية مولوتوف»، و«ولّع» وعدد من الحركات المسلحة، والتى كان آخرها «العقاب الثورى»، و«المقاومة الشعبية» والتى تعتبر البداية الحقيقية لها من نفس المحافظة (الفيوم).

فى السياق نفسه فإن هناك كثافة كبيرة جداً للجماعات السلفية، مثل أتباع برهامى الذين ما زالوا يسيطرون على عدد من الزوايا، ففى الفيوم توجد زوايا ومساجد مفتوحة طوال اليوم، يسيطر عليها التكفيريون، ومنهم جماعة التوقف والتبين، كما أن الأمن وحده هو المعنى دائماً بملف الجماعات التكفيرية، كانت لديه نظرية خاطئة، وهى ترك الفكر التكفيرى ينتشر لضرب الفكر الجهادى، وكان هذا سبباً مباشراً فى انتشار التكفيريين بالمحافظة.

فضلاً عن أن الفيوم من أكبر المحافظات المصرية، التى توجد لها عمالة بليبيا، وهناك تأثر بعضهم بجماعات التكفير الموجودة بدرنة وبنغازى وسرت، وعادوا محمّلين بهذا الفكر.

جماعات التكفير الفيومية

أول وأخطر الجماعات التى نشأت بمحافظة الفيوم، هى جماعة التوقف والتبين، التى أصبح اسمها فيما بعد (الناجون من النار) نشأت فى منتصف الثمانينات، على يد الطبيب الشاب مجدى الصفتى (من القاهرة لكنه كان ينتقل للمحافظة) ورأى أن الطريق الأقصر لنشر فكره، هو إثبات أن معتنقى هذا الفكر هم أهل جهاد، فأسس الجماعة، التى حاولت اغتيال وزير الداخلية الأسبق النبوى إسماعيل، وحسن أبوباشا، والصحفى مكرم محمد أحمد.

تعتبر «الناجون من النار» من أخطر الجماعات الإرهابية التى ظهرت فى عهد الرئيس الأسبق مبارك وأكثرها جرأة، كفّرت المجتمع حكاماً ومحكومين واستبعدت صفة أهل الكتاب عن المسيحيين ودعت إلى استخدام العنف ضدهم، وقد جمعت بين أفكار تنظيم الجهاد وتنظيم جماعة المسلمين لشكرى مصطفى، وجماعة «التوقف والتبين»، ومن ضمن مصادرها الفكرية كتاب «المنهج الحركى فى الإسلام للإخوانى فتحى يكن»، كتب «ابن تيمية» وكتب «محمد بن عبدالوهاب»، حيث اعتبرت أن الشرك بالله هو الكفر الأكبر وهو معنى يُخرج عن الملة «الدين»، ومعنى لا يُخرج عن الملة وهو الصفات السيئة فى المسلمين من كذب ورياء وحلف بغير الله، ولهذا يعتبر المجتمع كافراً بالمعنى الثانى، ولذلك اعتبروا مصر دار حرب ولابد من إعلان الجهاد لتغيير الحكم بالقوة.

واعتبرت «الناجون من النار» أن أعضاء الحكومة والعاملين فيها محاربون لله ورسوله، ويتم إهدار دمهم واستباحة أعراضهم وأموالهم، واستباحة سرقة أموال الدولة لتعينهم على حرب الدولة الكافرة.

وحرمت الجماعة العمل فى أجهزة الدولة الكافرة، والصلاة فى المساجد الحكومية فهى مملوكة للدولة الكافرة، وعدم الأكل من الذبائح المحلية لأنها ذبائح الكفار، وتكفير رجال الشرطة والجيش والقضاء وإهدار دمهم لأنهم مساندون للنظام الكافر «تذكروا حادث قتل الجنود المصريين فى رمضان».

وصلت الناجون من النار للفيوم، واعتُقل عدد من عناصر الجماعة فى قضيتها المعروفة، وأفرج عن بعضهم بعد الثورة، وما زال البعض منهم يمارسون عملهم الفكرى.

فى الفيوم نشأت جماعة الشوقيين التى تأسست على يد شوقى الشيخ، وهى جماعة تختلف فى بعض أفكارها عن جماعة مجدى الصفتى، فهى تكفر المواطنين منها على العموم، ولا تعذر لا بالجهل ولا بالإكراه مطلقاً.

شوقى الشيخ، هو خريج جامعة القاهرة كلية الزراعة، قبل تخرجه فيها تشبع بأفكار الجماعات السلفية، وأعجبته جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهى جماعة أسسها الشيخ يوسف البدرى فى التسعينات، كان كل همها هو الخروج فى صفوف، لتغيير المنكر فى الشوارع.

عاصر شوقى جماعة يوسف البدرى، وكان يركب حصاناً ويحمل فى يده سيفاً، ويخرج فى شوارع القاهرة من أجل تغيير المنكرات.

عمل «الشيخ» بعد التخرج فى الجامعة مهندساً زراعياً، وتم تعيينه فى الفيوم، وفى هذه الفترة تعرف على طارق الزمر، الذى كان منتمياً لجماعة الجهاد، وانضم فيما بعد للجماعة الإسلامية التى يقودها عمر عبدالرحمن، ثم اعتقل فى بداية عام 1981، قبل أن يُطلق سراحه عقب اغتيال الرئيس أنور السادات. بدأ شوقى فى بناء وتكوين جماعته الجديدة التى تحكم على الناس بالردة، من قرية «سنرو»، وكان يسير فى شوارع القرية بسيارته بسرعة ويخرج رأسه من نافذتها صارخاً بأعلى صوته ابتعدوا عن الطريق يا كفار.

أتباع شوقى ٩٩٪ منهم أميون لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، وقد أقنعهم بـ(الاستحلال) أى أخذ أموال الناس لأنهم كفار، فكانوا يسرقون الأهالى إما خفية، وإما عنوة، وقد شكل التنظيم فيما بعد عدداً من المجموعات منهما مصطفى عمر، ورمضان وميهوب، للسطو على محلات الذهب بحجة استخدامها فى الدعوة.

حاول الشوقيون اغتيال عمر عبدالرحمن، وبالفعل قاموا بتلك المحاولة لكنها باءت بالفشل، كما شكل التنظيم مجموعة أخرى، سرقت محل ذهب بمنطقة الزيتون بالقاهرة، وهى نفس المجموعة التى اغتالت ضابط أمن الدولة أحمد علاء فى الفيوم، وتخصصت تلك المجموعة بعد ذلك فى سرقة محلات الذهب وسرقت ما يقرب من ٦ محلات فى إمبابة والزيتون والخصوص وعزبة النخل.

فى أبريل ١٩٩٠ جاءت قوات مدرعة، ومعها المئات من الجنود، حاصروا قرية كحك، ووقع صدام دموى انتهى بمقتل عدد كبير من أتباع الجماعة والأمن، الذى اعتقل بعضهم، وهناك بالسجن التقوا بعد صدور الأحكام عليهم، بعدد من معتقلى سيناء، فأقنعوهم بهذا الفكر، لتبدأ أول نواة للفكر التكفيرى، وظهور جماعات سيناء الإرهابية.

من الفيوم إلى سيناء

عقب حادث طابا الذى أودى بحياة عدد من السياح فى عام 2004، اعتقل الأمن عدداً من أهالى سيناء، زاد العدد على ألف تقريباً، وهناك فى سجون طرة تم إيداعهم زنازين مع جماعة «الناجون من النار» والشوقيين، فخرجوا فيما بعد محملين ببذور الفكر التكفيرى.

بدأت جماعة بيت المقدس عملها فى سيناء، وكان أول إعلان عن وجودها هو تفجير خط الغاز، وساعتها كبّر بعض المتظاهرين فى ميدان التحرير، وهم لا يعلمون أنهم بهذا يحتفلون بميلاد تلك الجماعة الإرهابية.

فى ميدان التحرير كان محمد عفيفى بدوى ناصف، الذى تم تكليفه من قبل زعيم الجماعة توفيق فريج زيادة، بعمل فرع للجماعة بالمحافظات، ونجح الأول فى إنشاء خلية تفجيرات بمحافظة الفيوم.

مع احتفالات عيد تحرير سيناء عام 2014، توعد التنظيم الجيش والشرطة بمزيد من العمليات الانتقامية، حسبما كتب أحد قياداته ويدعى «أبو سفيان المصرى» على صفحة التنظيم بموقع تويتر، وقال أبوسفيان: «قريباً الإعلان عن ولاية الصعيد».

وصل بعدها توفيق فريج للفيوم، وقرر القيام بأكبر حملة للتفجيرات، وأثناء تركيبه القنابل انفجرت فيه إحداها، لينعاه التنظيم فيما بعد بإصدار مصور، وكانت الفيوم هى المحطة الأخيرة له.

أما «سعيد حسين عبدالعظيم» الشهير بـ«سعيد البطل»، فقد أنجبته محافظة الفيوم، وترعرع على حسابها، حتى كبر وقرر الانتقام منها على طريقته الخاصة.

انضم «سعيد البطل» للقتال فى 2012 بعد أن أفرج عنه المعزول، ثم عاد إلى سيناء، وبعدها وُجد مقتولاً فى أسيوط، وفى اليوم الثانى لمصرعه تمكنت الشرطة من القبض على خلية معاونة له، تضم كلاً من «عطية رشوان» «موظف»، و«حمادة محمد ميزار» «مدرس»، و«أبو بكر عبدالغفار» «كهربائى»، و«عبده محمد يوسف» «مدرس»، وكانت تستهدف ارتكاب أعمال عنف ضد الجيش والشرطة بالمحافظة.

الفيوم منفذ إرهابيى ليبيا

يمكن لوجود قبائل بالمحافظة لها امتداد تاريخى بليبيا، مثل قبيلة (أولاد على) فإن هناك تواصلاً دائماً بين عدد كبير من المواطنين مع الليبيين، الذين نزح منهم عدد ليس بالقليل إلى المحافظة، واستغل إرهابيو القاعدة وداعش تلك الطرق الملتوية، والتى لا يعرفها سوى بدو المحافظة لاختراق مصر من حدودها الغربية.

لقد كان أشرف الغرابلى، زعيم ما يعرف باسم (المنطقة المركزية) لتنظيم بيت المقدس (قُتل فيما بعد)، ينتقل من الفيوم إلى محافظة 6 أكتوبر، ومنها نجح فى تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية.

حاول التنظيم أن يستغل تلك الطرق الملتوية التى لا يعرفها سوى البدو، فى إدخال عناصر إلى مصر، ونجح بالفعل فى نقل عناصر وأسلحة، وكان يتولى القيادى أشرف الغرابلى هذه المهمة.

حينما ظهرت ما يعرف باسم (جماعة المرابطين) التى أسسها الضابط المفصول هشام عشماوى، أفادت مصادر أمنية، أن عناصر هذا التنظيم الذى ينتمى لشبكة القاعدة، التى يقودها الظواهرى، جاءت من ليبيا، واتخذت من محافظة الفيوم أوكاراً للاختباء.

وكشفت مصادر أمنية بمديرية أمن الفيوم، أن من أسباب وجود البيئة الحاضنة بالمحافظة، هو ظهور عدد من خلايا جماعة «الشوقيين» التكفيرية، التى أسسها شوقى الشيخ، المنشق عن الجماعة الإسلامية، بقيادة عمر عبدالرحمن، وأنهم عادوا للعمل مؤخراً، وأقاموا عدداً من الزوايا، والمساجد الخاصة لاستضافة وتدريب عناصرهم فى قرى مركزى «إبشواى، يوسف الصديق» بالمحافظة.

وأفادت المصادر ذاتها أن عناصر من هذا التنظيم نفذوا عدة عمليات إرهابية بالمحافظة أهمها محاولة اختطاف الرائد وليد تاج الدين، بإدارة البحث الجنائى بالمحافظة، والشرطيين السريين سيد أحمد على، وسمير عبدالباقى.

أما داعش فقد وضع بعض المعسكرات بالقرب من واحة جغبوب، وهى الواحة التى ينتقل منها مقاتلوه إلى مصر، عبر حدودنا الغربية التى تبلغ نحو 1432 كيلومتراً، عبر 4 طرق ملتوية وصحراوية، وهى طريق القوصية أسيوط، وطريق قرية دلجا المنيا، وطريق ينتهى بمدينة ديروط أسيوط، وطريق الفيوم هو أهمها.

كيف حمل شباب الفيوم السلاح؟

عقب فض اعتصام رابعة، والقرار الذى اتخذته الجماعة بتحريك المظاهرات والمسيرات فى أنحاء الجمهورية، وكانت الشرطة ساعتها اتخذت قراراً بعدم المواجهة المباشرة معها، تصدى الأهالى لها، وكان بعض «البلطجية» المدسوسين بين المواطنين يقومون بالاعتداء على الإخوان، ووصل ذلك فى بعض الأحيان إلى سقوط ضحايا من الطرفين، كما جرى فى منطقة (الألف مسكن) و(بين السرايات)، وبعدها فكرت الجماعة أن تتعامل مع المواجهات التى تجرى بطريقة مختلفة، فاستعانت ببعض الجهاديين السابقين، واتفقوا على تشكيل ما يسمى (لجان الردع).

تشكلت لجان الردع بتكليف تنظيمى بعد تكرار الصدام أثناء المظاهرات، حيث نشطت هذه اللجان خلال مسيرات الطلبة بالجامعات.

بدأ أفراد الجماعة يطرحون السؤال «هل نحتاج إلى بعض اﻷدوات، وربما اﻷسلحة؟»، وفى هذا التوقيت كان الجهاديون والتكفيريون الآخرون، وخريجو سجون مبارك، عقب فض الاعتصامين، التقت أهدافهم حول تشكيل أجنحة مسلحة، حتى إننا شهدنا فى سيناء وحدها 19 تنظيماً خلال هذه الفترة، وقد ضمت هذه التنظيمات عدداً من العائدين من سوريا، أو الذين فشلوا فى الوصول إليها، مثل خلية عرب شركس، وفى هذه الفترة، طبقاً للتقرير السنوى الذى تصدره مؤسسة التحرير لسياسات الشرق اﻷوسط بواشنطن، فى الفترة ما بين يوليو 2013 وديسمبر 2014 بلغت نسبة العمليات الموجهة ضد أفراد قوات اﻷمن 71% من مجموع العمليات، أكثر من نصفها تم عبر إطلاق الرصاص، بينما شكلت القنابل والعبوات بدائية الصنع ما يقرب من 20% منها.

تشكلت مجموعات داخل محافظة الفيوم، ودخلت اللجان النوعية الإخوانية على الخط، وأعلن عدد من أعضاء تنظيم الإخوان فى محافظة الفيوم، عن تشكيل ميليشيات مسلحة باسم «كتائب الفيوم المسلحة»، على طريقة «كتائب حلوان»، داعية لما سمته «الجهاد المسلح»، وفيما بعد تبادلت الأجهزة الأمنية إطلاق النيران مع سالم السيد محمد أبوشناق، ويعاونه محمد عبدالله خميس إدريس «شهرته محمد خانكة»، اللذين كان يصنعان ويخزنان العبوات المتفجرة، حتى قُتلا فى المعركة.

كما أعلنت الجماعة عما يسمى حركة «ثوار بنى سويف»، وكانت هذه الحركة تضم فى طياتها عناصر من محافظة الفيوم، وهم من اغتالوا ضابط الأمن الوطنى بالمحافظة، وقتلوا طفلته، وهددوا باغتيال اللواء ناصر العبد، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن الفيوم.

بنفس الطريقة نشأ الجهاد الفردى، ومجموعات أخرى بمبادرات فردية، فيما خرج بيان ما يسمى (علماء الكنانة) ليشرعن لتلك المجموعات الأدلة على جواز حمل السلاح والقتال، وفى يناير 2015، دعا ثلاثة من أعضاء لجنة إدارة اﻷزمة الإخوانية إلى اجتماع، وساعتها أقروا فيه أهمية تحول الجماعة لاستخدام العنف كخيار استراتيجى، وقاموا باعتماد مجموعتين هما العقاب الثورى، وجبهة المقاومة الشعبية، الذين أوجدوا عناصر لهم بالمحافظة.

حواضن داعش بالفيوم

الجماعات الدينية بصفة عامة، هى عبارة عن مجموعة من الدوائر، أولاها السلفية، وثانيتها الجهادية، وثالثتها الإخوانية، والأفراد يتحركون من الدائرة هذه لتلك، حسب القناعات، والأفكار، والظروف الاجتماعية والنفسية، وهذا محكوم بكل فرد بنفسه، لأن القواعد الحاكمة لتلك الجماعات واحدة.

من هنا انتقل محمود شفيق محمد مصطفى، من الإخوان إلى (حازمون) ومن الأخيرة إلى بيت المقدس، ولم يكن وحده بل معه عدد ليس بقليل من الشباب، ومنهم شقيه (بلال) المعتقل بسجن طرة.

من ناحية مقابلة، فإن التاريخ الإرهابى بالمحافظة، ووجود رموز لتلك الجماعات المسلحة، نشر تلك الأفكار، التى تتحدث عن الكفر المُخرج من الملة، وأنواع الكفر، والفرق بين الكفر المتعلق بالعبادة، والكفر العقدى، وكفر التحليل والتحريم، والفرق بين الكفر الظاهرى والباطنى، ثم كيفية تنزيل ذلك على الأفراد، وما هى الموانع التى تمنع من تنزيل الأحكام على المجتمع، ولم يجد هذا كله من يتصدى له.

ومن هنا استطاع تنظيم داعش بسهولة أن يفتك بالوحدات المهمشة بالمحافظة، وأن يحجز مكاناً له فى التركيبات المتفككة التى غابت عنها الدولة واستطاع احتلالها، ليصنع لنا مفجر الحزام الناسف، وقد يكون له رفاق آخرون نحن لا نعلمهم حتى هذه اللحظة.


مواضيع متعلقة