ارتفاع أسعار المواد الخام أدى لتوقف استيرادها.. ومربو الماشية: «تحويشة العمر بتضيع»

ارتفاع أسعار المواد الخام أدى لتوقف استيرادها.. ومربو الماشية: «تحويشة العمر بتضيع»
- أسعار الأعلاف
- أهالى القرية
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع سعر الدولار
- الأدوية البيطرية
- الإدارة البيطرية
- الحالة الصحية
- الحمى القلاعية
- السوق السوداء
- أبناء
- أسعار الأعلاف
- أهالى القرية
- ارتفاع أسعار
- ارتفاع سعر الدولار
- الأدوية البيطرية
- الإدارة البيطرية
- الحالة الصحية
- الحمى القلاعية
- السوق السوداء
- أبناء
تشهد سوق الأدوية البيطرية نقصاً شديداً فى عدد من الأصناف الحيوية، فى أعقاب تحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار لأكثر من الضعف، نتيجة توقف استيراد المواد الفعالة التى تعتمد عليها شركات التصنيع سواء الحكومية أو الخاصة، الأمر الذى أدى إلى عدم توافر الكثير من الأدوية فى الوحدات البيطرية الحكومية، وفتح المجال أمام تجار السوق السوداء للتلاعب فى أسعارها.
«الوطن» رصدت تأثير غياب الأدوية على الفلاحين ومُربى الماشية فى المنوفية، الذين اشتكوا من ضياع «تحويشة العمر» بوفاة ما يملكون من ماشية.
{long_qoute_1}
«مناع كمال» فلاح ورث حرفة الزراعة عن أبيه وجده، فأتقنها على مدار عمره البالغ 63 عاماً، ومن خلالها استطاع تدبير نفقات أسرته التى تضم خمسة أبناء، حصلوا على مؤهلات دراسية عليا، كان «كمال» يدخر جزءاً من منتجات محاصيله الزراعية، لاحتياجات منزله السنوية، ويبيع الجزء الآخر للانتفاع بثمنه فى تدبير النفقات المعيشية، إلى جانب الاعتماد على تربية بعض المواشى التى اعتاد شراءها صغيرة ورعايتها لحين نضوجها لبيعها والانتفاع بثمنها.
قال الرجل الستينى، إن تربية المواشى أصبحت مهددة بـ«الخراب» نظراً لتضافر عدة عوامل أساسية ضدها، منها ارتفاع أسعار الأعلاف والردَّة والمبيدات الزراعية، وكذلك قيمة إيجار مواتير الرى، وأخيراً نقص الأدوية فى الوحدات البيطرية الحكومية، وخصوصاً اللازمة لعلاج الحمى القلاعية، فقد اختفت بشكل كامل على مدار الشهر الماضى، ومن ثم ارتفعت أسعارها فى الصيدليات لأكثر من 75 جنيهاً للجرعة الواحدة المكونة من حقنتين، فيما يتطلب العلاج ثلاث جرعات لكل «بهيمة».
أوضح «كمال» أن هذا المرض معروف عنه أنه سريع العدوى «يعنى لو فى جاموسة أو مِعزة مرضت بيه، تانى يوم الصبح تلاقى الزريبة كلها عيانة، وده معناه إنك عايز علاج لكل واحدة بـ500 جنيه، غير التحصينات اللى بتاخدها بعد ما بتخلص دورة العلاج».
وأضاف الرجل أن حُقن الفيتامينات اختفت هى الأخرى فى الوحدات البيطرية، مع أنها عنصر مهم لكل مُربى «عجول التسمين اللحم»، لأهميتها فى بناء أجسامهم، فضلاً عن غياب «السُم» أيضاً، الذى كانت توفره الوحدات فى الماضى للقضاء على الحشرات المنتشرة فى الزرائب وعشش المزارع، ومن ثم اقتصر توزيعها على الإدارة البيطرية فى مدينة قويسنا فقط يومى الثلاثاء والخميس.
تابع: «دلوقت لما بقينا نروح الوحدة الصحية الدكتور يطلع يكشف على الحاجة اللى معانا ويديها حقنة مش عارفين بتاعة إيه، وبعدين يكتب لنا روشتة نجيبها من الصيدليات الخاصة بشىء وشويات».
قضى إبراهيم جاد الله، ما يزيد على 40 عاماً فى تجارة وتربية المواشى بأنواعها المختلفة، بدأها فى كنف والده تاجر المواشى الشهير فى المنوفية، وبعد وفاة الوالد واصل التجارة بمفرده، واعتاد خلال تلك السنوات الاعتماد على طبيب بيطرى خاص من أبناء قريته لمتابعة الحالة الصحية لماشيته، التى تمثل رأس ماله ويعتمد عليها فى توفير نفقات أسرته المكونة من الزوجة وولدين وفتاة.
لجأ «جاد الله» للطبيب الخاص لعدم فاعلية أدوية الوحدات البيطرية من ناحية، وعدم توافرها من ناحية أخرى، قال: «دواء الحكومة لا بيودى ولا يجيب، الفلاح لو اعتمد عليه يستعوض ربنا فى المواشى لأنها هتموت، لأن المادة الفعالة فيه قليلة جداً وعامل زى البودرة، علشان كده باتعامل مع دكتور بيطرى ييجى كل أسبوع يشوفهم ويطمن على حالتهم الصحية من أكتر من 15 سنة، ولو محتاجين دواء بيجيب لى المستورد منه».
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الدواء فى الصيدليات الخاصة، وعدم توافر غالبيتها والانتظار بالأسابيع أحياناً لشراء حقنة واحدة، قد يكلف المُربى ثمن بهيمته التى تتعرض للوفاة، وتابع: «بعض الأمراض المتعارف عليها فى السنوات الأخيرة، لا تحتمل انتظار البحث عن علاج لها فى الصيدليات الخاصة بالأسابيع وأحياناً بالشهور، ومن ثم يفاجأ الفلاح بوفاة ماشيته وضياع تحويشة سنة كاملة، خصوصاً إذا كانت مصابة بحمى وسخونية أو حمى قلاعية وبرد المعدة».
أصيبت «جاموسة» مصطفى عثمان، أحد أبناء المنوفية بالحمى منذ شهرين، ولازمها ارتفاع شديد فى درجة الحرارة تسبب لها فى رعشة بشكل شبه مستمر، واضطرته ظروفه المادية الصعبة للتعامل مع الوحدة البيطرية فى قريته، وبعد مرور 10 أيام فقط، فوجئ الرجل الخمسينى بوفاة «الجاموسة»، قال: «البيت كله كان مسنود على حتة الجاموسة فى المصاريف، بنبيع اللبن لتاجر ونقبض منه كل أسبوع ليلة السوق، وكل سنة ربنا كان بيرزقنا بعجل منها بابيعه فى الصيف وأعمل بفلوسه مصلحة للعيال».
لم يترك أهالى القرية «عثمان» الذى يعول ستة أبناء وزوجته ووالدته، وتكاتفوا وجمعوا له مبلغ 13 ألف جنيه لشراء جاموسة أخرى تُعينه على تدبير نفقات أسرته، وكانت المفاجأة فى ارتفاع أسعار الجاموس «الحلابة» لأكثر من 35 ألف جنيه مؤخراً.
أضاف «عثمان»: «غالبية الفلاحين المجاورين لى نصحونى بعدم الذهاب للوحدة البيطرية لأن أدويتها لا تؤثر على المرض ولا تعالج الحمى، وقالوا لى تعامل مع طبيب خاص، حتى لا أخسر الجاموسة، لكن لم يكن لدى ثمن كشف الطبيب وشراء علاج».