عامر لاجئ سوري يحصل على الدكتوراه من مصر: على الخريطة بلادي رسمة
عامر لاجئ سوري يحصل على الدكتوراه من مصر: على الخريطة بلادي رسمة
"لاجئ سموني لاجئ طالع نازل عالملاجئ، عالخريطة بلادي رسمة ما بعرفها، بقرا عليها أحرف اسمي".. تغنى بها الشاب السوري عامر مصطفى، الذي ترك عائلته في "حماه" ليسافر إلى مصير مجهول ينتظره، حينما جاء بمفرده للقاهرة منذ خمس سنوات، لم يرى أخوته حتى الآن لمدة 1825 يوما، من أجل هدف نجح في تحقيقه حيث أصبح أول لاجئ سوري يحصل على درجة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية من جامعة مصرية.
يروي عامر لـ"الوطن" عن رحلته الشاقة ليصل إلى مبتغاه: "تركت أهلي وأخوتي في سوريا وكانت البداية صعبة نوعا ما وحالي كان مثل أي مغترب ترك عائلته، لكن سرعان ما تأقلمت على الوضع في مصر الحبيبة وبحثت عن فرصة عمل لكي أشق طريقي نحو الوصول إلى هدفي وهو الدكتوراه التي أتيت من أجلها والحمد لله وجدت طريقي نحو تحقيق هدفي".
بين تساؤلات تحتاج لإجابات قاطعة وصراع الكثير من المشاعر بداخله، صعد عامر إلى طائرته المتجهة من مطار حلب الدولي إلى القاهرة، تاركا خلف ظهره صراعات وفراق ودموع وذكريات لا يعلم إذا كان سيلتقي الأشخاص ذاتهم الذين قضى معهم ما مضى من عمره أو سيعود إلى الأماكن التي شهدت على أهم فترات حياته.
أربع سنوات يتنقل من مطعم إلى آخر حتى يوفر قوت يومه ويدخر مصاريف دراسته، حيث نجح قدر المستطاع في التوفيق بين بحثه العلمي وعمله في المطاعم ما جعله يتجاوز جميع المحن التي اصطدم بها.
الاشتياق إلى سوريا يسيطر على نبرة صوت عامر مرة أخرى، ليقول "أنا من مواليد مركز كرناز التابع لمحافظة حماه وسط سوريا الأبية إلا أن الشوق يعتصر قلبي لرؤية حلب وجميع أنحاء بلادي، لكن حلب غالية جدا بالنسبة لي، فقد سكنت فيها 9 سنوات أثناء دراستي الجامعية والماجستير أيضا وعندما أرى الدمار الذي حل بها أحزن بشدة وأسأل الله أن يعيد نعمة الأمن والأمان إليها ولبقية المدن السورية".
وعن الصعوبات التي واجهها في الدراسة بجامعة حلوان، يؤكد أنه لم يتعثر أبدا في التقديم بجامعة حلوان، ممتنا لجميع من أشرفوا على رسالته وساعدوه مثل الدكتورة منى فؤاد عطية، والدكتورة نهوت أمين العروسي، متوجها لهما بالشكر، ولكن المشكلة الحقيقية التي كان تعتبر حجرا عثرا تتلخص في الأقساط المرتفعة لطلاب الدراسات العليا غير المصريين فقسط الدكتوراه للسنة الأولى قد قارب 6000 دولار وبعدها كل سنة 4000 دولار وهذا ليس بمقدور الطلاب السوريين نتيجة الظروف الصعبة التي يمرون بها، ويشير إلى أنه يعرف الكثير من الطلاب الذين انتهوا من أبحاثهم ولم يستطيعوا إكمال إجراءات المناقشة لعدم استطاعتهم دفع الرسوم بالعملة الصعبة.
يتوقف عامر برهة عن الحديث ويستكمل: "أنا لغاية الآن لم انتهي من تسديد الديون لأصدقائي فقد اقترضت منهم الأقساط لأن أعباء الحياة صعبة وما نكسبه من عملنا بالكاد يكفي مصاريفنا المعيشية".
وبعد سنوات عدة من البحث والمحاضرات والدراسة توجت مجهوداته بإعداد رسالة دكتوراه في اللغويات والترجمة قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب جامعة حلوان وهي بحث كبير وموسع قارب 500 صفحة، تهدف إلى معرفة كيف تم تسخير الإعلام لخدمة إيديولوجيات معينة خلال التغطية الصحفية للثورة الليبية، ويتم ذلك من خلال تحليل نقدي إيديولوجي للعناصر اللغوية التي استخدمها الصحفيون الأجانب والعرب خلال تغطيتهم لمجريات الأحداث في ليبيا، وكيف أن هذه العناصر تكشف براعة الصحفيين في استخدام اللغة لإقناع القراء بما ينشدون إلى حد يصل إلى إقناعهم باتخاذ مواقف معينة اتجاه الوضع الحالي في ليبيا.
تحول مسار حياة عامر من مجال المطاعم إلى الترجمة ليجد أكثر من فرصة للعمل في الجامعات الخاصة في مصر كعضو هيئة تدريس ومحاضر في أقسام اللغة الانجليزية، وبعد كل هذه النجاحات يؤكد أن أهم خططه المستقبلية تكمن في إيجاد وسيلة للاجتماع بوالده واخوته بعد فراق تجاوز الخمس سنوات، لاسيما وأنهم لم يستطيعوا القدوم إلى مصر وعدم تمكنه من السفر إلى سوريا بعدما تقطعت بهم جميع سبل اللقاء.