دمياط.. «50٪ زيادة فى أسعار العقارات»: 7 «أباطرة» يسيطرون على السوق.. والشباب يسأل: «الدولة فين؟»

07:34 م | الأحد 06 نوفمبر 2016

ما بين 30 و50%، هى نسبة الزيادة فى أسعار العقارات بمحافظة دمياط، خاصةً فى مدينتى «دمياط الجديدة» و«رأس البر»، بالإضافة إلى بعض المناطق المتميزة فى مدينة دمياط، ما دفع الكثيرين من أبناء المحافظة إلى الإحجام عن شراء شقق جديدة بسبب أسعارها المبالغ فيها، الأمر الذى أصاب سوق العقارات بحالة من «الركود»، اضطرت عدداً من المستثمرين إلى اللجوء للعمل بتجارة الخضراوات ومحلات البقالة، فى وقت أكد فيه عدد من المتعاملين فى سوق العقارات ومستثمرون سيطرة 7 «أباطرة» على حركة السوق، ما تسبب فى تفاقم أزمة ارتفاع أسعار العقارات فى دمياط.

واتهم قانونيون وعدد من أهالى المحافظة بعض المسئولين فى الأجهزة الحكومية بـ«تسهيل» سيطرة البعض على شقق الإسكان الاجتماعى، التى تطرحها الدولة لمحدودى الدخل، لعدد من المستثمرين أو التجار، الذين يقومون ببيعها من الباطن إلى الراغبين فى امتلاك وحدة سكنية بأسعار أكثر من السعر الذى تحدده وزارة الإسكان، وهو أيضاً ما يؤدى إلى ارتفاع أسعار العقارات والأراضى المخصصة للبناء فى كثير من المناطق بمختلف مدن المحافظة.

وقال رزق مبروك، أحد العاملين فى الاستثمارات العقارية، إن عدة مناطق فى دمياط شهدت زيادة فى أسعار الأراضى، خاصةً مدينتى دمياط الجديدة ورأس البر، حيث ارتفعت الأسعار خلال فترة من 6 أشهر إلى سنة بنسبة زيادة تتراوح بين 30 و50%، بسبب عدم توافر الأراضى، وبسبب الارتفاع المستمر فى سعر الدولار وتراجع قيمة الجنيه، ما أثر سلبياً على أسعار الشقق السكنية، وأضاف «مبروك»، لـ«الوطن»، أن نسبة الركود فى سوق العقارات تتراوح بين 60 و70%، نتيجة لقلة السيولة المالية، وعدم قدرة بعض المستثمرين على الوفاء بالتزاماتهم، وهروب البعض الآخر، ما اضطر ما لا يقل عن 60% منهم إلى العمل ببيع الخضراوات، أو فتح محلات للبقالة؛ لتعويض خسائرهم نتيجة الركود فى سوق العقارات.

وبينما طالب «مبروك» الدولة بمنح تراخيص لمكاتب تسويق عقارى تتولى عمليات بيع الشقق السكنية والأراضى فى المدن الجديدة، تحت إشراف الحكومة، مع وضع الضوابط اللازمة ومعاقبة المخالفين، فقد أكد أن الذين يسيطرون على سوق العقارات فى دمياط حالياً لم يعودوا أفراداً، بل مجموعات غير معروفة يحكمها رأس المال، كما طالب بإتاحة الفرصة لأهالى المحافظات التى لا تتوافر بها مساحات كافية من الأراضى إلى تملك قطعة أرض فى المدن الجديدة الأخرى، مثل «برج العرب الجديدة»، حيث تتوافر بها مساحات واسعة يمكن استغلالها لحل الأزمة.

أما محمود درويش، محامٍ، فقال إن أسعار الأراضى ارتفعت بنسبة تصل إلى 20% خلال 3 أشهر فقط بمدينتى دمياط الجديدة ورأس البر، وبعض المناطق فى مدينة دمياط، ومنها «الأعصر» و«الحربى»، نتيجة ارتفاع سعر الدولار، و«جشع» بعض التجار، فى الوقت الذى ارتفعت فيه الأسعار بالمحافظات الأخرى بنحو 10%، مطالباً المسئولين بضبط الأسعار، وتشجيع الاستثمارات، وعدم إعطاء فرصة للمشترين للتصرف فى الشقق أو الأراضى التى يحصلون عليها من خلال مشروعات الإسكان الاجتماعى، سواء للفئات المتوسطة أو المتميزة.

وأضاف «درويش» أن هناك 7 أشخاص فقط يسيطرون على سوق العقارات فى دمياط، لافتاً إلى أن بعضهم يحصل على عدد من شقق الإسكان الاجتماعى، عن طريق «التواطؤ» مع بعض الموظفين والمسئولين بالأجهزة المعنية، حيث يقومون بشرائها بمبالغ زهيدة، ثم يبيعونها بأسعار مبالغ فيها، مشيراً إلى قيام نحو 40% ممن حصلوا على شقق إسكان اجتماعى أو متوسط أو متميز ببيعها من الباطن، والاستفادة من فروق الأسعار، مشدداً على ضرورة تدخل الدولة بصورة أكثر حزماً لتقنين عمليات بيع الأراضى والشقق السكنية.

وقال مستثمر عقارى، رفض نشر اسمه، إن سوق العقارات شهدت ارتفاعاً بنسبة 30% فى بعض المناطق بمحافظة دمياط، وبلغت نسبة الزيادة 50% فى مدينة دمياط الجديدة، وضرب مثالاً بـ«عمارات الأمل»، قائلاً إن سعر الشقة ارتفع من 350 ألف جنيه إلى 420 ألف جنيه خلال فترة قصيرة لا تتجاوز الشهر الواحد، كما أن أقل زيادة فى أسعار الشقق بلغت 50 ألف جنيه، بسبب ارتفاع سعر الدولار، الذى أدى أيضاً إلى ارتفاع أسعار الأراضى بمختلف مدن وقرى المحافظة، رغم الارتفاع الكبير فى أسعارها بعد صدور قانون حظر البناء على الأراضى الزراعية.

ولكن مصطفى رخا، مستثمر عقارى، أكد ارتفاع الطلب على الأراضى مؤخراً، رغم ارتفاع أسعارها، بسبب «الشائعات» عن تعويم الجنيه وتراجع قيمته، حيث أقدم بعض المواطنين على شراء الأراضى تحسباً لاستمرار ارتفاع الأسعار، وناشد الدولة طرح قطع أراضٍ للتمليك فى مدينة دمياط الجديدة، وتخصيص عدد من المناطق لإقامة أبراج سكنية عليها، بما يساعد على استقرار أسعار الشقق والأراضى عن طريق زيادة المعروض منها.

واعتبر محمد بصل، محامٍ، أن مشروعات الإسكان المتميز، مثل مشروع «دار مصر»، أحد الأسباب المباشرة فى ارتفاع أسعار الأراضى بمدينة دمياط الجديدة، حيث قام عدد من «السماسرة» برفع الأسعار بصورة مبالغ فيها، وقال: «عندما دخلت الدولة سوق الاستثمار العقارى بمدينة دمياط الجديدة، تسبب ذلك فى رفع الأسعار، وتحول الأمر من إنشاء المدن الجديدة مراعاة للبعد الاجتماعى، وتوفير وحدات مدعمة لمحدودى الدخل، إلى طرح قطع الأراضى فى السوق كنوع من الاستثمار، الأمر الذى أدى إلى زيادة أسعارها».

فى المقابل، أكد مصدر مسئول بجهاز تعمير مدينة دمياط الجديدة، لـ«الوطن»، عدم زيادة أسعار الأراضى المطروحة من الجهاز، مشيراً إلى ثبات أسعارها، حيث بلغ سعر المتر بالمناطق «الأكثر تميزاً» 3240 جنيهاً، بالإضافة إلى «نسبة التميز»، وأضاف أن السعر يتحدد حسب المنطقة، وأنه «لا علاقة لنا بالأسعار المطروحة من أصحاب مكاتب التسويق العقارى والشركات».

كما أكد رئيس مجلس أمناء مدينة دمياط الجديدة، أسامة حفيلة، أن جهاز التعمير لم يقم ببيع أى قطع أراضٍ منذ فترة، ولفت إلى أنه حينما يتم طرح أراضٍ للبيع بالمزادات يكون سعرها محدداً من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وأضاف أن العلاقة بين المشترين وأصحاب مكاتب التسويق العقارى لا علاقة للجهاز بها، مؤكداً أنها «علاقة قائمة على العرض والطلب».

على جانب آخر، يعتبر العديد من الشباب بمحافظة دمياط أن «حلم» شراء قطعة أرض أو تملك شقة سكنية بات «مستحيلاً»، بسبب الزيادة المبالغ فيها بأسعار الأراضى خلال الشهور الأخيرة، وطالب أسامة محمد، محاسب، الدولة بطرح شقق بأسعار مناسبة للشباب محدودى الدخل، لمعاناتهم بين ضيق المعيشة والإيجار، وأضاف أن «الدولة لا يمكنها منع المستثمرين من السيطرة على سوق العقارات»، فى ظل غلاء أسعار مواد البناء، إلا إذا كان المعروض من المبانى بأسعار مخفضة أكثر من المبانى التى يطرحها المستثمرون، كما طالب الدولة بضرورة التدخل لخفض أسعار مواد البناء.

وقال إيهاب الجمال، منسق ائتلاف سكان مشروع «دار مصر»، لـ«الوطن»، إنه «لا صحة لما يردده أصحاب شركات الاستثمار العقارى بأن شقق الإسكان المتوسط بمشروع دار مصر سبب مباشر فى ارتفاع الأسعار بمدينة دمياط الجديدة»، وأكد أن «أسعار الوحدات أقل بكثير مقارنة بالقطاع الخاص، بالإضافة إلى تسليم الوحدات كاملة التشطيب، ورغم اعتراضنا على مستوى التشطيبات، لكنها ما زالت أسعاراً تنافسية»، مشيراً إلى أن سياسة وزارة الإسكان بمنح أولوية لمن دفع مقدم الحجز ولم يُدرج اسمه بالمرحلة الأولى للحصول على وحدة بالمرحلة الثانية، تسببت فى عدم قدرة بعض شركات الاستثمار العقارى على تسويق وحداتها.