«القطاع المصرفى» يستعيد السيطرة على «سوق الصرف»

كتب: إسماعيل حماد

«القطاع المصرفى» يستعيد السيطرة على «سوق الصرف»

«القطاع المصرفى» يستعيد السيطرة على «سوق الصرف»

 

قالت مصادر مصرفية بارزة إن إجراءات البنك المركزى المصرى الأخيرة بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية أسفرت عن استعادة الجهاز المصرفى زمام السيطرة على سوق صرف النقد الأجنبى وسحب البساط من تحت أقدام السوق السوداء التى أضرت بالاقتصاد الوطنى لفترات طويلة، حيث بدأت البنوك فى استعادة السيولة بالعملة الصعبة من السوق.

{long_qoute_1}

وكشفت المصادر، لـ«الوطن»، عن أن حصيلة البنوك من النقد الأجنبى ارتفعت بواقع 10 أضعاف المعدلات اليومية المعتادة قبل قرار «تعويم الجنيه»، ومن خلال المؤشرات الأولية فإن تلك المعدلات من المتوقع أن ترتفع خلال تعاملات البنوك فى الأسبوع الأول بعد قرار التعويم.

وقامت البنوك بإجراءات من شأنها توفير العملة الصعبة للعملاء الأفراد والشركات بعد تزايد حصيلتها من العملة الصعبة اليومية بمعدلات تفوق المعتاد، مما أدى إلى تدعيم ثقة العملاء فى القطاع المصرفى، بالإضافة إلى إصدار أوعية ادخارية بسعر فائدة يصل إلى 20% الأمر الذى من شأنه سحب السيولة من السوق لتخفيف الضغط على الدولار وتعزيز الثقة فى الجنيه واستهداف معدلات تضخم أقل. وأشارت المصادر إلى أن تعاملات الأيام الأربعة الماضية شهدت احتدام المنافسة بين البنوك العاملة فى السوق المحلية على شراء حصيلة النقد الأجنبى، وهو ما أدى إلى تباين وتذبذب أسعار العملات بين البنوك التى استندت إلى آليات العرض والطلب، وهو ما يصب فى صالح البنوك والعملاء وسوق الصرف أيضاً.

{long_qoute_2}

وقام أكبر 3 بنوك فى مصر، تستحوذ على أكثر من 54% من حجم الجهاز المصرفى، هى «الأهلى المصرى» و«مصر» والتجارى الدولى- مصر «CIB» بإعادة النظر فى حدود بطاقات الائتمان فى الخارج ومبيعاتها من الدولار للمسافرين.

وكشف محمد الأتربى، رئيس بنك مصر، أن مصرفه رفع حدود التعامل على بطاقات الدفع الإلكترونى فى الخارج، فيما قرر البنك التجارى الدولى «CIB» زيادة الحد الأقصى لبطاقاته فى الخارج لتصل إلى ما يعادل 64 ألف جنيه للمشتريات و1.75 ألف جنيه للسحب النقدى لبطاقات كبار العملاء الائتمانية، وما يعادل 750 جنيهاً للسحب النقدى و8 آلاف جنيه للمشتريات الخاصة بالبطاقات الائتمانية لصغار العملاء، بالإضافة إلى رفع الحد الأقصى لبطاقات الخصم المباشر المتاحة لكبار العملاء لتصل إلى ما يعادل 4.8 ألف جنيه للمشتريات فى الخارج، وما يعادل 800 جنيه لصغار العملاء.

وقال هشام عز العرب، رئيس مجلس إدارة البنك التجارى الدولى CIB، ورئيس اتحاد بنوك مصر، لـ«الوطن»: «إن قرار تحرير سعر صرف العملة الأجنبية هو الأهم اقتصاديا منذ عشرات السنين».

وقال حازم حجازى، الرئيس التنفيذى لقطاع التجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة فى البنك الأهلى المصرى، إن مصرفه قرر بيع 300 دولار للمسافرين الذين لا يمتلكون حسابات بالبنك، وألف دولار لعملاء البنك الذين يمتلكون حسابات منذ أكثر من 6 أشهر، بشرط تقديم مستندات السفر فى الحالتين.وأكد «حجازى» أن البنوك تستعيد سيولة النقد الأجنبى من السوق المحلية، لافتاً إلى أن إجراءات «المركزى» بتحرير سعر الصرف تاريخية وضربت السوق الموازية فى مقتل، ومكنت البنوك من لعب دور أكبر فى اجتذاب حصيلة العملة إلى القنوات الرسمية.

وفتحت البنوك أبوابها للعمل للمرة الأولى فى تاريخها لأصحاب الحوالات والمتعاملين على الدولار فى أيام الإجازات (الجمعة والسبت)، حتى التاسعة مساء، وقال متعاملون فى السوق إن البنوك بدأت فى استعادة السيولة الدولارية من السوق السوداء ولم تعد هناك حاجة إلى اكتناز العملة الصعبة خاصة مع بدء البنوك فى رفع حد استخدام بطاقات الائتمان فى الخارج ومبيعاتها من العملة الأجنبية للمسافرين.

وأكد طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، فى مؤتمر صحفى الخميس الماضى، أن ما تم اتخاذه من إجراءات تصحيحية لسوق الصرف تاريخية وتحدث لأول مرة، وتحقق للشعب المصرى آماله، قائلاً: «لو لم نكن واثقين من قدراتنا الكبيرة على لعب دور قوى لما كنا تحملنا المسئولية من البداية».

وأضاف: «تلك الإجراءات تأتى فى إطار برنامج متكامل لإعادة وضع الاقتصاد فى خط المنافسة لتحقيق أهداف النمو المرجوة»، لافتاً إلى أنها لن تؤثر سلباً على المواطن وتصب فى صالحه فى نهاية المطاف، مؤكداً أنه تم فتح اعتمادات بـ1.2 مليار دولار لاستيراد السلع الأساسية بما يكفى احتياجات السوق لمدة 6 شهور مقبلة، والحكومة ستتحمل حماية محدود الدخل من الزيادة فى الأسعار، على حد قوله.

وأشار «عامر» إلى أن هناك إرادة سياسية للإصلاح وتدخلات القيادة السياسية كانت دائماً حاسمة خاصة فى الأوقات التى احتجنا فيها دفعة إلى الأمام، لافتاً إلى أن حصيلة البنوك من العملة الصعبة فى اليوم الأول لقرارات «المركزى» ارتفعت بنحو 8 أضعاف الحصيلة اليومية المعتادة.

وشدد على قوة الجهاز المصرفى المصرى، قائلاً: «مؤشرات أداء البنوك المصرية تعد من أفضل المؤشرات على مستوى الأسواق الناشئة بفضل الإصلاح المصرفى الذى تم فى عهد الدكتور فاروق العقدة، المحافظ الأسبق للمركزى».

وأضاف: «استطعنا الحصول على تأكيدات تمويلية بقيمة 16.3 مليار دولار للعام المالى 2016-2017 بالتنسيق مع الحكومة ومن خلال التعاون مع العالم الخارجى، لسد الفجوة التمويلية التى تواجه الدولة.

وأوضح «عامر» أنه لا توجد أى نقاط معلقة بين مصر وصندوق النقد الدولى، وأن التعاون معه ليس الهدف منه الحصول على القرض بقدر ما أنه سعى وراء استعادة الثقة فى الاقتصاد المصرى لتعزيز الاستثمار الأجنبى بشكل يلبى طموحات الاقتصاد الوطنى خلال المرحلة المقبلة.

وقال: «نعمل على بناء الاحتياطى الأجنبى ونتوقع زيادته بقيمة 6 مليارات دولار فى الشهور القليلة المقبلة»، مشدداً على التزام البنك المركزى بالحفاظ على سوق صرف مرنة، وأنه لا رجوع عن ذلك، لافتاً إلى أن السوق توفر فى السنة 100 مليار دولار، وهدفنا استعادة تلك الأموال إلى الجهاز المصرفى، مؤكداً أن الأسواق الرأسمالية المنفتحة منظمة ومراقبة بشدة، وأن السوق المفتوحة لا تعنى ترك الأمور للانفلات.

وقال «عامر»: «ستكون البورصة المصرية من أقوى بورصات الأسواق الناشئة، ولدينا الإمكانيات لتحقيق ذلك ولدينا الشركات والقيادة والقرار»، لافتاً إلى أن هناك إرادة لملء البورصة بالشركات القوية والوصول بمصر إلى مركز مالى قوى، قائلاً: «لو هنخاف مش هنحقق حاجة ولا غنى عن الثقة فى القيادات والمسئولين».

وكان البنك المركزى قد أصدر صباح الخميس الماضى قرارات من شأنها خلق سوق صرف مرنة تخضع لآليات العرض والطلب فى تحديد أسعار العملة الصعبة، فيما يعرف بعملية «تحرير سعر الصرف» أو «التعويم».


مواضيع متعلقة