فرق «الأندرجراوند».. الهروب من «التردى» باللجوء للتراث

كتب: إلهام زيدان

فرق «الأندرجراوند».. الهروب من «التردى» باللجوء للتراث

فرق «الأندرجراوند».. الهروب من «التردى» باللجوء للتراث

شكلت فرق «الأندرجراوند»، ثورة غنائية على التردى الكبير الذى تعانى منه الأغانى المصرية التقليدية، التى لا تخرج كلماتها عن موضوعات الحب والغرام، وهربت من التردى الحالى فى كلمات الأغانى، بالاستعانة بالأغانى التراثية وإعادة إنتاجها، والكتابة الجديدة عن الشارع، بلغة يفهمها بعيدة عن ابتذال أغانى المهرجانات.

{long_qoute_1}

وتواجه هذه الفرق صعوبة فى إيجاد الكلمات القادرة على نقل أفكارها، ولخص بعضهم الموضوع فى كونه نقص أفكار جديدة وليس أزمة شعراء، فكاتب الأغانى التقليدية لا يحمل من الأفكار إلا موضوعات مستهلكة تدور فى إطار الحب والغزل، بحسب آرائهم، ما دفع البعض إلى الكتابة بنفسه، أو إلى إعادة تقديم أغانى التراث بتوزيع جديد يلائم المطرب والجمهور فى آن واحد، حتى إن البعض يرى أن مستقبل الأغنية بات لفكر «الأندرجراوند».

الفنانة دينا الوديدى، أبرز مطربى «الأندرجراوند» أكدت أنها تعانى صعوبة شديدة فى الحصول عن الكلمات التى تحمل الفلسفة الوجودية الخاصة بها لتقدمها للجمهور، وبدأت مؤخراً تجرب الكتابة لنفسها، بعد أن قدمت نحو 17 أغنية لشعراء من أجيال مختلفة. {left_qoute_1}

وقالت دينا لـ«الوطن»: «كُتاب الأغنية ينقصهم اختيار الموضوع، لأن الأغنية منذ 50 سنة مسجونة داخل إطار المذهب والكوبليه، والوزن والقافية، والموضوعات المستهلكة، والمفروض نفاجئ الجمهور بموضوعات مختلفة، والأغنية مثل الفيلم السينمائى تعتمد على تيمة معينة، والمشكلة الحالية فى الأفكار، وطريقة طرحها»، وأوضحت أنها لجأت إلى أغانى التراث مرتين وقدمت «السيرة الهلالية» و«على ورق الفل» بتوزيع جديد، لأنها أحبت هذه الأغنيات، كما أن التراث مادة غنية على مستوى الكلام واللحن والفكرة، مشيرة إلى أنها بدأت مشوارها الفنى فى فرقة الورشة، وكانت تعمل على إحياء التراث الشعبى المصرى، وتقدمه دون اللعب فى الكلمات أو تحريف فى اللحن الأصلى، فقط فى طريقة توزيع جديدة تشبه جمهور هذه الأيام.

وأضافت: «الجمهور تجاوب مع التجربتين بشكل غير عادى، ففى السيرة الهلالية يتجاوب معى الجمهور كلما غنيتها بشكل كبير، ولا أمانع من تكرار التجربة».

بدوره، قال الشاعر أحمد حسن راؤول: بعد ثورة 25 يناير، بدأت الناس تمل من أغانى الحب، وبدأت هذه الأغانى تفقد شعبيتها، وبدأ المستمع يبحث عن موضوعات جديدة، والنجوم الكبار لم يستوعبوا هذا التغيير ما أدى لتراجع شعبية الأغنية بدليل أن الـ3 ألبومات الأخيرة لعمرو دياب لم تحقق نجاح ألبوم «تملى معاك»، وإيهاب توفيق عمل ألبوماً أخيراً من 15 أغنية لم يسمع به أحد.

وأكد: الموضوع ليس فى مصر فقط، ولكن فى الوطن العربى كله، فأغنية كاظم الساهر لم تحقق النجاح المعتاد عليه، وهو ما يؤكد أن عصر الأغانى العاطفية انتهى، فمنذ 5 أو 6 سنوات لم تعلق أغنية لدى الجماهير غير أغنية «بشرة خير» لحسين الجسمى و«كده يا قلبى» لشيرين، وأضاف: بعد ثورات الربيع العربى الشباب أصبحوا من يتحكمون فى الساحة، والمطربون الذين أدركوا حركة التغيير التى تفرض نفسها، نجحوا فى فرض أنفسهم، والكلمة أصبحت هى البطل بعد الثورة، بعدما كنا فى عصر اللحن والمزيكا بدليل «أنت معلم» نجحت بسبب الكلمة، ورأى «راؤول» أن الأزمة ليست فى قلة مؤلفى الأغانى، وقال «لدينا الكثير من الشعراء، لكن الأزمة فى الأفكار الجديدة، خارج إطار الحب، وكل جيل من المستمعين له أفكاره، ونحتاج لشعراء يطرحون الأفكار الجديدة هذا ما تفعله فرق الأندرجراوند التى تعتمد على مفردات الشارع، كما أن جيل كبار الفنانين لم يوظفوا السوشيال ميديا لصالح فنهم، وهذا زمن السوشيال ميديا».

وعن إعادة توزيع الأغانى القديمة، قال إنها طريقة للنجاح والانتشار، ويستخدم المطرب اللحن أو الكلمة القديمة كمدخل للنجاح لتقديم نفسه للناس، خاصة فى البدايات.

وقال «راؤول» إن هناك فجوة كبيرة بين النجوم وشاعر الأغانى، لأن النجم يكتفى بعدد قليل من الشعراء الذين اعتادوا الكتابة له من قبل، ويعزل نفسه ولا يريد تجربة الغناء لشعراء جدد يحملون أفكاراً غير تقليدية، ومن هنا يبحث الشاعر عن نجوم ستار أكاديمى والأندرجراوند، والسوشيال ميديا.

وأوضح أن كل فرقة أو مطرب «أندرجراوند» له فكر خاص يرغب فى تقديمه يختلف عن الفرقة الأخرى، فمثلاً «بلاك تيما» تناقش الموضوعات الاجتماعية الأقرب إلى غناء محمد منير مع إضافة الألحان النوبية، وفريق «كايروكى» يعتمد على الألحان الغربية مع الكلمات الأقرب إلى السياسية.

واختتم «راؤول» كلامه قائلاً: «المستقبل لفكر الأندرجراوند الذى يتناول حياة الناس، ونحن فى زمن التفاصيل، حتى فى الأغانى الوطنية أكتبها بطريقة حتى الناس يصدقوها، فالسنة الماضية كتبت على صفحتى: أحمد حسن راؤول سيحصل على جائزة نوبل فى الأدب فى 2020، لأن الجيل الجديد مؤثر، الأغنية مؤثرة فيه ومعبرة عنه بشكل كبير».

الفنان أمير صلاح الدين، عضو فريق «بلاك تيما»، فسر نجاح فرقته قائلاً: نركز على الأغانى القريبة من الناس، وآخر ألبوم «غاوى بنى آدمين» يضم 14 أغنية كلها لها علاقة بالمشاكل الحياتية والإنسانية.

وانتقد الأغانى الحالية قائلاً: أغانى هذه الأيام متشابهة إلى حد كبير «قالب» واحد، ولا أحد يهتم بالكلمات، والناس حاولت تقلد أغانى عمرو دياب، أو محمد منير، أو هشام عباس، بسبب استسهال بعض الفنانين، والجمهور مظلوم فهو يسمع ما يقدم له».

ونفى «أمير» وجود أزمة نقص فى مؤلفى الأغانى، وقال: «لدينا شعراء كثر، ومطربون وملحنون، لكن تحكم شركات الإنتاج فى إنتاج وتسويق الأغنية أدى إلى ظهور أغنيات ضعيفة بشكل عام»، وأضاف: أغنية «الأندرجراوند» مشروع، تعتمد بشكل أساسى على الكلمة باعتبارها البطل، لكن المنتج وشركة التوزيع لا يتحمسان لإنتاج ألبوم يعتمد على نوعية أغانى «الأندرجراوند»، ومطربو وفرق الأندرجراوند يغنون لكل شىء حتى للأرض والشجر، ولذلك أصبحت أغانيهم أقرب للشباب، ما أدى إلى حالة حرب بين أغانى المهرجانات، وبين الفرق.

وحول «بلاك تيما» قال: بدأنا منذ 2004 نغنى أغانى سياسية لأنها تعكس الواقع، وتحقق نسبة مشاهدة عالية على اليوتيوب، وتفاعلاً فى الحفلات المباشرة، لكن لا يتم إذاعتها فى قنوات الأغانى أو التليفزيون، كما نغنى بعض الأغانى القديمة منها «يا حلو صبح» لمحمد قنديل، و«باحلم معاك» لنجاة، و«علمونى عينيك أسافر» لمحمد منير.


مواضيع متعلقة