آلية مواجهة التحرش فى جامعة أسيوط

شكَّل صدور قانون يجرم التحرش الجنسى خطوة مهمة، حيث حسم نقاشاً استمر لأكثر من عشر سنوات حول قوة القانون الجنائى فى الردع وكفاية نصوصه، بدأ هذا النقاش مع إعلان المركز المصرى لحقوق المرأة دراستين كانتا الأوليين ليس فى مصر فحسب وإنما فى المنطقة العربية، الأولى بعنوان «التحرش سرطان اجتماعى» والثانية بعنوان «غيوم فى سماء مصر»، شكلت الدراستان صدمة حقيقية للمجتمع وفتحتا نقاشاً واسعاً على المستوى القانونى والاجتماعى، لذا جاء القانون تتويجاً لعمل دؤوب وجهود عدد من المنظمات التى انضمت لحملة المركز فيما بعد.

ومن المؤكد أن القانون يلعب دوراً مهماً على مستوى الحماية وأيضاً نشر الوعى، لكن يظل هذا القانون سجين الأوراق إذا لم تستتبعه قواعد تنفيذية واضحة وشارحة لكافة القائمين على إقرار العدالة حول كيفية التنفيذ، لذا قدم المركز ذاته مبادرته فى تكوين وحدات لمكافحة التحرش الجنسى فى الجامعات المصرية، وقد تبنى الفكرة عدد من الجامعات بعد نقاش استمر لعامين تم فيه استعراض التجارب المهمة لعدد من الجامعات على مستوى العالم، لاسيما الحاصلة على مراتب متقدمة فى جودة التعليم، منها جامعات هارفرت ولندن واليابان وماليزيا، أيضاً تصميم نموذج يتوافق مع البيئة الثقافية والاجتماعية والنظام القانونى المصرى.

تم عمل دراسات حول النظام القانونى المصرى الجنائى وقانون الجامعات أيضاً والعلاقة بينهما لضبط الجريمة فى حال حدوثها ما بين جزاء إدارى ينظمه قانون الجامعات وجزاء جنائى ينظمه قانون العقوبات، وقد لعب مركز دراسات حقوق الإنسان التابع لجامعة أسيوط دوراً مهماً فى مناقشة كافة التفاصيل بدءاً من مسار الشكوى وإدارة الحالة ودور كل من رئيس الجامعة وعمداء الكليات ومستويات الشكوى والتحقيق والحفاظ على السرية والخصوصية التامة فى تداول الشكوى والمعلومات وجمع الأدلة والبيانات، جهد شارك فيه عمداء الكليات والموظفون والطلاب والطالبات.

ما ساهم به المركز المصرى لحقوق المرأة وجامعة أسيوط خطوة مهمة فى تقديم نموذج محكم يمكن تنفيذه فى الجامعات المصرية الحكومية منها والخاصة، وهو ما وعدت به الدكتورة مايا مرسى رئيسة المجلس القومى للمرأة عندما حضرت الافتتاح الرسمى للوحدة، واطلعت على نموذج إدارة الحالة واستمارات الشكوى ودرجة الدقة والخصوصية فى تداول المعلومات، أيضاً وعد برنامج الأمم المتحدة الراعى للمبادرة بالمساهمة مع أطرافها والمجلس لتعميم التجربة.

أيضاً قدم طلاب الجامعة عرضاً مسرحياً بعنوان «انتباه» كمحاكاة للإجراءات القانونية ودور الوحدة فى مناهضة التحرش، مسرحية جمعت بين نص قانونى محكم وأسلوب شيق وممتع ومضحك فى العرض، وتمثيل عدد من الشباب الموهوب ومخرج يستحق كل تقدير، نموذج يدرس حول دور الفن فى دعم قضايا مهمة.

يمكن القول إنه نموذج للتعاون الرباعى بين مؤسسة المجتمع المدنى ومؤسسة تعليمية، ومؤسسة قومية ومؤسسة دولية، نتج عنه إطار عملى لتطبيق القانون لجعل الحرم الجامعى ليس مكاناً للعلم فقط وإنما لممارسة الأنشطة والإبداع.

ما قدمته جامعة أسيوط بدعم رئيسها الدكتور أحمد جعيص ونائبه الدكتور عصام زناتى مدير مركز حقوق الإنسان، فى الجامعة، إضافة نموذج حقيقى يستحق التعميم، ويحمل المجلس القومى للمرأة بقيادة الدكتورة مايا مرسى مسئولية العمل مع وزير التعليم العالى، لتكون كل الجامعات المصرية سباقة فى تقديم آلية محترمة لمواجهة التحرش الجنسى وجعل البيئة الجامعية آمنة للجميع.