مفتى الجمهورية: ليس كل من يرتدى عمامة الأزهر مؤهل للفتوى.. وأدعو الشباب لعدم التظاهر فى 11 نوفمبر

كتب: سعيد حجازى وعبدالوهاب عيسى

مفتى الجمهورية: ليس كل من يرتدى عمامة الأزهر مؤهل للفتوى.. وأدعو الشباب لعدم التظاهر فى 11 نوفمبر

مفتى الجمهورية: ليس كل من يرتدى عمامة الأزهر مؤهل للفتوى.. وأدعو الشباب لعدم التظاهر فى 11 نوفمبر

شدّد الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، على أن الزى الأزهرى ليس بوابة لدخول مجال الإفتاء، فليس كل من ارتدى عمامة الأزهر مؤهل للإفتاء، مضيفاً: لذلك فإننا نرحب بقانون يُجرّم الفتاوى، لأن الفتوى تتغيّر بتغيُّر الواقع، ولا اجتهاد فى الثوابت فهى قطعية ثابتة، كالصلوات الخمس.

وقال «علام» فى حواره مع «الوطن»: إن تجديد الخطاب الدينى أصبح أمراً ضرورياً لمواجهة الفكر المتطرّف، خصوصاً الذى يستهدف الشباب على الإنترنت، لافتاً إلى أن المجتمع يعانى حالة من السيولة والموضوعية غابت عن شرائح كبيرة فى المجتمع.

{long_qoute_1}

ودعا الشباب إلى عدم الاستجابة لدعوات التظاهر فى نوفمبر المقبل، موضحاً أنه «تم عقد مجالس إفتائية بمراكز الشباب للتواصل معهم لإيصال صحيح الدين، ونواجه الفكر المتطرّف طوال 24 ساعة».. وإلى نص الحوار:

أجرى الحوار:

■ كيف تابعت أحداث سيناء الأخيرة؟

- نتقدّم بخالص التعازى إلى أسر الشهداء، ونُعزى أنفسنا لأن هذا مصاب الأمة ومصر، وليس أهل الشهداء فقط، وهذا الحادث يؤكد ضرورة التمسُّك بالكفاح ومساندة القوات المسلحة والشرطة ضد هؤلاء المجرمين الآثمين الذين أفسدوا فى الأرض، وجزاؤهم عند الله تعالى إنما هو جزاء المحاربين، فقال الله عز وجل «إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ»، فنحن نُقدّر ونُثمن جهود جنودنا من أبناء القوات المسلحة والشرطة لما يقدمونه من تضحيات للدفاع عن أمننا ووطننا، ثم إن الاعتداء الآثم مؤخراً إنما يأتى فى إطار أن هؤلاء المجرمين يريدون زعزعة استقرار مصر، لكن أمن واستقرار مصر فوق الجميع، ونحن على يقين من ذلك، لأن مصر فوقهم وفوق كل كيد لهذا البلد الأمين وستدحر كل هذه الاعتداءات والتخطيطات، وسينتهى إن شاء الله بعزم المصريين واتحادهم وإدراكهم للمسئولية التى على عاتقهم.

{left_qoute_1}

■ الجماعات الإرهابية تدّعى أن ما تقوم به من الدين والتراث.. فما ردك؟

- بلا شك هم مخطئون، والدين الإسلامى لا يمكن بأى حال من الأحوال، أن يؤدى إلى هذه النتيجة الفاجعة، فلإسلام دين رحمة واستقرار.

■ كيف استجابت «الإفتاء» إلى دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى تجديد الخطاب الدينى؟

- نحن استجبنا إلى دعوة السيد الرئيس، واستحدثت الدار منذ عام 2014 تكنولوجيا تعمل طوال 24 ساعة، للرد على الفتاوى الضالة والمضللة، وأنشأت موقع بصيرة، الذى يبث بـ3 لغات ليعالج كل القضايا الخاصة بالمفاهيم الخاطئة، كما أنشأت صفحة بعنوان «إرهابيون» ترصد حركة المسلمين بالخارج لتحسين سمعة الإسلام ومواجهة الدعوات الباطلة التى تسىء إلى الإسلام والمسلمين، وهنا يجب أن أؤكد أن تجديد الخطاب الدينى ليس مسئولية المؤسسة الدينية وحدها، لكنه مسئولية مشتركة لجميع مؤسسات الدولة المعنية ببناء الإنسان فكرياً ومعنوياً وثقافياً.

■ هل تجرى مراجعة التراث الإسلامى حالياً؟

- التراث الإسلامى يحتاج إلى عقل رشيد، يتعامل مع هذا التراث، فهو فخر للأمة الإسلامية والمسلمين، لأنه نتاج عقول مختلفة رشيدة ومدركة، لأن كثيراً من الأحكام والمسائل التى وُجدت فى التراث تختلف فى عهدها عن الوضع الحالى، وتحتاج إلى إنسان مدرك للواقع الذى يعيش فيه ويستخرج المنهج من التراث كى يُطبّق هذا المنهج لتعامله مع القضايا المعاصرة.

{long_qoute_2}

■ البعض تحدّث عن عدم وجود رؤية حقيقية للتجديد لدى المؤسسات الدينية؟

- الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف تقع عليهم مسئولية كبيرة تجاه هذه الظواهر، نظراً إلى مكانتها العلمية والدعوية، ولما لها من رصيد عند جميع المسلمين فى الشرق والغرب، والقائمون على تلك المؤسسات يؤدون دوراً إيجابياً كبيراً حالياً، خصوصاً فى التصدى لمثل هذه القضايا من خلال الرد عليها رداً علمياً صحيحاً، وذلك بمنهجية علمية منضبطة تراعى الواقع والمصالح والمآلات والمقاصد الشرعية، بعيداً عن الإثارة الإعلامية التى لا طائل من ورائها غير مزيد من الالتباس على الناس. ونحن بالفعل أخذنا الخطوة، فدار الإفتاء عكفت على صياغة ردود علمية موثّقة ظهرت تباعاً لكل المسائل والقضايا والشُّبهات المثارة على الساحة الآن، قياماً بواجب توضيح صحيح الدين، ودفعاً للاتهامات التى يحرص البعض على إلصاقها بالإسلام، ووأداً لأى محاولة لنشر الفتن أو الطعن فى الثوابت.

■ هل هناك إشكالية فى التراث الإسلامى؟ وهل نحن بحاجة إلى تنقيح هذا التراث؟

- المجتمع الآن يعانى حالة من السيولة، وغابت الموضوعية عن شرائح كبيرة فى المجتمع، وهذا الجو من السيولة يُعتبر تربة خصبة لظهور مثل هؤلاء الأدعياء الذين ينالون من الدين ومن ثوابته ومن صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لكنه رغم ذلك سرعان ما تزول آثارهم، لأنهم لا يستندون إلى جذور ثابتة راسخة فى الأرض. وأرى أن الغرض من هذا إثارة الرأى العام وإحداث بلبلة كبيرة وطعن فى ثوابت الدين ونصرة للفكر المتطرّف والمتشدّد، إذاً الأمر له شقان، الأول النيل من الدين ومن ثوابته، وكذا من رموزه، والأمر الثانى النيل من أمن واستقرار الوطن، لأن الأمن الفكرى لا يقل أهمية عن الأمن الاجتماعى.

{left_qoute_2}

■ الجماعات المتطرّفة تُكفّر الناس وتستحل الدماء، ما السبب فى ذلك؟ وما دور دار الإفتاء فى مواجهتها؟

- تنظيم «داعش» بتصرفاته وأفكاره ليس دولة، إنما هو مجموعة إرهابيين هجّروا ودمّروا، وأتمنى أن يتوقف استخدام هذا المصطلح من قِبل الإعلام، وأن يضعوا هؤلاء الإرهابيين فى مكانهم الصحيح، إنهم «تنظيم داعش الإرهابى». والإسلام تصدى للإرهاب، ولجميع أشكال العنف وإشاعة الفوضى، والانحراف الفكرى، وكل عمل يقوّض الأمن ويروّع الآمنين، فجميعها وإن تعدّدت صورها تُشيع فى المجتمع الرعب والخوف وترويع الآمنين فيه، وتحول بينهم وبين الحياة المطمئنة، التى يسودها الأمن والأمان والسلم الاجتماعى.

■ وما الذى تفعله دار الإفتاء لمواجهة مثل هذه الجماعات؟

- دار الإفتاء المصرية تحرص دائماً على نشر صحيح الدين، حيث إن ذلك هو السبيل الوحيد لضمان العيش فى وئام مع النفس والتعايش مع الآخر، مؤسَس على السلام والحب، اللذين هما أساس الأديان جميعاً. كما أن المستوى الشرعى لدى قيادات «داعش» ضعيف، ومن هنا تأتى الحاجة إلى أن تقوم المؤسسات الإسلامية ذات الفكر الوسطى، وفى مقدمتها الأزهر ودار الإفتاء، بدورها فى تكوين «خطاب إفتائى رصين»، لمنع تأثير الأفكار المتطرّفة على الجيل الجديد فى العالم الإسلامى والغرب»، فلا يوجد لدى «داعش» علماء يستطيعون التعامل مع النصوص الشرعية، ودار الإفتاء «فنّدت أكثر من 40 فتوى صادرة عن داعش، حيث إن الأفكار الواردة فى الكتاب الصادر عن التنظيم مغلوطة تماماً، ولا تمت إلى الناحية العلمية المنضبطة بصلة».

■ ما أهمية مؤتمر الإفتاء المنعقد فى القاهرة بحضور 80 وفداً دولياً؟

- المؤتمر جرس إنذار قوى يلفت النظر إلى طريقة التكوين النفسى والعقلى للمسلمين الجُدد ولأبناء المسلمين فى العالم، ويطرح مجموعة من الأسئلة المشروعة «ماذا يتعلمون؟ أين يتعلمون؟ من يتولى إرشادهم ويجيب عن فتاواهم؟ إلى من يلجأون لحل مشكلاتهم وقضاياهم؟ لماذا يحاول الأدعياء استغلالهم سياسياً ومذهبياً؟»، فبعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التى وقعت فى عدد من بلدان أوروبا وتتسبّب فى انتشار الإسلاموفوبيا وتشويه صورة الإسلام، كان ذلك لازماً للاجتماع معاً لبحث الإشكاليات التى نواجهها بهذا الصدد ووضع التوصيات والمقترحات والمبادرات من أجل مواجهتها ودعم المسلمين والأئمة فى الخارج، لأنهم يُمثّلون حائط صد أمام الفكر المتطرّف إذا ما تم تأهيلهم بشكل جيد وسليم.

{left_qoute_3}

■ وما النتائج التى يسلمها المؤتمر؟

- هناك محاور كثيرة للمؤتمر ومتنوعة وتغطى جوانب عدة مهمة فى هذا الشأن، وقد تم استكتاب العلماء المشاركين من مختلف دول العالم للكتابة فى عدة محاور مهمة، الأول هو دورُ المؤسسات الإفتائية فى العالم تجاه الأقليات المسلمة، ويشمل عناصر فرعية حول تجارب المؤسسات الإفتائية للجاليات المسلمة تجاه قضاياهم، ودعم وتأهيل قادة الرأى الدينى فى مجال الإفتاء فى الخارج، وخبرات المؤسسات الإفتائية فى العالم الإسلامى فى التواصل مع الأقليات. والثانى هو الأصول المنهجية للتأهيل الإفتائى للأقليات المسلمة، وسيشمل عناصر فرعية حول إشكاليات التشدد فى فتاوى الأقليات ونماذج التعايش فى عصر النبوة، ومداخل توسيع دلالات النصوص الشرعيّة لاستيعاب النوازل والمُستجدّات، وأثر مراعاة المتغيرات الأربعة فى مناسبة الفتوى لمجتمع الأقليات، ومرتكزات برنامج علمى لتأهيل أئمة المساجد، أما المحور الثالث فسيكون حول التحديات التى تُواجه الأقليات المسلمة، ويشمل عناصر كيفية مواجهة الإفتاء ظاهرة الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا)، ووسائل مواجهة التحديات الاقتصادية للأقليات الإسلامية عبر الإفتاء، والتهديدات الاجتماعية والسياسية والقانونية للأقليات المسلمة، وكيفية التعامل معها.

■ الدار تسعى للتصدى لفتاوى غير المتخصصين، فما سُبل ذلك؟

- بفضل الله قلّت وتيرة فوضى الفتاوى فى الفترة الأخيرة، نظراً لمجهودات دار الإفتاء وعلمائها، وقد حاولنا مواجهة ذلك على عدة أصعدة عبر الفضاء الإلكترونى، وعلى أرض الواقع، فاستخدام الدار لوسائل التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى أسهم بشكل كبير فى وصول صحيح الدين إلى أكبر قدر ممكن من الناس، خصوصاً الشباب، كما عقدت الدار المجالس الإفتائية التى شارك فيها علماء دار الإفتاء فى مراكز الشباب على مستوى محافظات الجمهورية، بالتعاون مع وزارة الشباب من أجل التواصل على أرض الواقع، لترسيخ المفاهيم الإفتائية وثقافة الاستفتاء الصحيحة بين الشباب. ويجب هنا أن أوضح أمراً أنه ليس كل من ارتدى عمامة الأزهر الشريف مؤهلاً للإفتاء، لأن الإفتاء يحتاج إلى مهارات خاصة يتم التدرُّب عليها، لذا أطالب المسلمين جميعاً بعدم الالتفات إلى غير المختصين، واللجوء إلى أهل العلم المؤهلين للفتوى، مثل علماء دار الإفتاء المصرية.

■ لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب كشفت عن مشروع قانون لتقنين الفتوى فى مصر.. ما رأيكم؟

- نحن لسنا جهة تشريع، لكننا مع أى إجراءات لمواجهة فوضى الإفتاء، وفى مقدمتها إعداد قانون يُجرم الفتاوى التى يُطلقها غير المختصين، استناداً إلى الأفكار المستورَدة، التى تحاول نشر العنف والتطرّف والإرهاب، وإلى أن يصدر القانون نحن فى دار الإفتاء وضعنا عدة آليات نتبعها لمواجهة فوضى الفتاوى؛ وذلك يتم عن طريق إجراءين، أحدهما وقائى يتمثّل فى نشر الوعى بمفاهيم الإفتاء الصحيحة، وحثّ الناس على ألا يسألوا غير المتخصّص، والآخر إصلاحى، حيث يتم نشر تصحيح للفتاوى المغلوطة.

{long_qoute_3}

■ وماذا عن خطة الدار للتجديد والتطوير ومواجهة التطرّف؟

- صدرت عن دار الإفتاء خلال الأعوام الماضية مجموعة من الإصدارات التى أثّرت المكتبة الإسلامية وأسهمت فى بناء خطاب إفتائى رصين متصل بالأصل ومرتبط بالعصر، يأتى فى مقدمتها موسوعة الفتاوى المهدية فى 20 مجلداً، وكتاب يُؤرّخ لمسيرة الفتوى بالدّيار المصريّة، وآخر «فقه الجندية» من واقع فتاوى دار الإفتاء المصرية لفضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، وكذلك أبحاث وأعمال مؤتمر الفتوى فى مجلَدين، كما أصدرت دار الإفتاء موسوعة تضم نحو 1000 فتوى، تُرجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية، معظمها وردت من دول غربية، وتُجيب عن كل ما يدور فى أذهان المسلمين فى الغرب، حول مختلف المسائل، خصوصاً الشبهات التى يعتمد عليها «داعش» وغيره من الجماعات المتطرّفة، كما انتهت الدار من أول موسوعة إفتائية عن التكفير تضم تحليلاً لمسائل التكفير والفكر المتشدّد وطرق المعالجة الفكرية لقضايا التطرّف، ونظراً إلى أهمية الفضاء الإلكترونى، فقد اهتمت الدار بإنشاء عدد من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعى، مثل صفحة «داعش تحت المجهر» وغيرها.

■ وماذا على الصعيد الخارجى؟

- أرسلت الدار طوال العام عدة حملات وقوافل إفتائية إلى الخارج، شملت دول «النمسا وهولندا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وسنغافورة وكازاخستان والبرتغال وإسبانيا وباكستان ودول غرب أفريقيا وأمريكا وجيبوتى والمغرب ولبنان والإمارات واليونان» وغيرها من دول العالم، حيث التقت خلالها رؤساء الدول والوزراء، وعقد ندوات ومحاضرات فى كُبرى الجامعات هناك عن الإسلام الوسطى، وعُقد الكثير من اللقاءات والفعاليات الجماهيرية والإعلامية، وكان لدار الإفتاء خلال السنوات الماضية حضور لافت فى المحافل الدولية، ويأتى فى مقدمتها الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبى ومنتدى دافوس العالمى والمفوضية الأوروبية و«اليونيسكو» والبرلمان الدولى للأديان، ومراكز الأبحاث الدولية، بالإضافة إلى المشاركة فى أكثر من 32 مؤتمراً دولياً حول العالم، وكان نتاج تلك الجهود الكبيرة من الدار وعلمائها أن تم اعتماد دار الإفتاء المصرية مرجعية للبرلمان الأوروبى فى ما يخص الفتوى وقضاياها، لبلورة خطاب إفتائى رصين يُلبى متطلبات المسلمين فى دول الاتحاد الأوروبى، والتصدى لظاهرة الإسلاموفوبيا، بالتعاون مع الهيئات الإسلامية المعتمدة هناك.

■ سبقتم الدنيا كلها بفكرة مرصَدى التشدّد والإسلاموفوبيا.. فمن أين جاءت تلكم الفكرة الرائدة؟ وهل تحقق المرجو منها؟

- ظهور عدد من الفتاوى التى تنال من المجتمع وتُهدّد السلام الاجتماعى فى مصر والعالم العربى والإسلامى بل والإنسانى، كان هو الدافع لدار الإفتاء المصرية لإنشاء مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشدّدة، والمرصد مركز بحثى رصدى يعمل طوال الساعة، ويتابع جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، ويُعد التقارير والبحوث اللازمة للتعامل مع تلك الفتاوى وتقديم المعالجات الدينية والاجتماعية لها واختيار السبيل الأمثل للرد عليها.

■ وماذا عن حملاتكم فى وسائل الإعلام العالمية؟

- قمنا بحملة عالمية طالبت فيها وسائل الإعلام العالمية -خصوصاً الغربية- بعدم إطلاق اسم الدولة الإسلامية على مقاتلى «داعش» واستبداله بمنشقى «القاعدة»، وكان هدفها تصحيح صورة الإسلام والمسلمين التى شوّهها «داعش» وغيره من التنظيمات المتطرفة، وتعريف الغرب بحقيقة التنظيمات الإرهابية الساعية إلى العنف والترويج للفكر المتشدّد. وفى سبتمبر الماضى عقب هجمات باريس الإرهابية أطلقت دار الإفتاء صفحة رسمية عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» تحمل اسم «Not In The Name Of Muslims»، موجهة لغير العرب، تشرح تعاليم الإسلام، وتُبين الفرق بين الإسلام الحق والتصورات المشوّهة التى تروّجها الجماعات المتطرّفة فى الغرب، وكانت الحملة بثلاث لغات هى الإنجليزية والألمانية والفرنسية، وفى ديسمبر الماضى، وتزامناً مع ذكرى ميلاد النبى صلى الله عليه وآله وسلم، أطلقت دار الإفتاء، عبر موقعها الإلكترونى بالإنجليزية، وصفحتها على «فيس بوك» حملتها العالمية الثالثة باللغة الإنجليزية للتعريف بنبى الرحمة محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، واستهدفت الحملة الوصول إلى 10 ملايين شخص حول العالم من غير المسلمين.

■ ما خطتكم للعام الجديد؟

- نحن فى بداية كل عام نضع استراتيجية جديدة بأهداف متعدّدة نهدف للوصول إليها، والحمد لله ننجح فى ذلك كل عام، وشهد هذا العام (2016) تطوراً كبيراً وتوسّعاً فى نشاط دار الإفتاء المصرية على جميع المستويات والأصعدة؛ حيث عملت الدار على تعزيز وتطوير خدماتها الشرعية التى تُقدّمها للمسلمين فى مختلف أنحاء العالم، لضمان تحقيق أكبر قدر من التواصل الفعّال مع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وتم إطلاق عدة خدمات جديدة من خلال خطة تم اعتمادها، فى مقدمتها تطبيقات للفتوى على أنظمة «أندرويد»، و«آى أو إس» لأجهزة الهواتف الذكية، إيماناً من دار الإفتاء بضرورة مواكبة التكنولوجيا الحديثة فى وسائل الاتصال، لضمان الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المسلمين حول العالم.

■ وماذا عن خطة الإفتاء لإعداد المفتيين عن بُعد؟

- أسست دار الإفتاء أول مركز من نوعه للتعليم عن بُعْد فى المجال الإفتائى والشرعى؛ حيث تم إعداد المناهج المتخصّصة فى مجال الإفتاء الشرعى؛ ليتم بث ذلك على موقع خاص بالتعليم عن بُعْد. وتوفر هذه الخدمة على طلاب العلم عناء السفر للحصول على دراسة دورة الإفتاء بالدار، كما هو حاصل فى وقتنا هذا.

■ كيف تُبت «الإفتاء» فى أحكام الإعدام ضد قيادات «الإخوان»؟

- دار الإفتاء حلقة من حلقات القضاء، ويجب أن يُحاط تقرير المفتى بسرية تامة، والمفتى ينظر قضايا الإعدام من الناحية الشرعية فقط، بغض النظر عن الأشخاص فى تلك القضية أو توجهاتهم، والمهام المنوطة بدار الإفتاء فى ما يخص قضايا الإعدام لأى شخص تقتصر على إصدار الفتوى فى قضايا الإعدام، حيث تُحيل محاكم الجنايات وجوباً إلى المفتى القضايا التى ترى بالإجماع، وبعد إقفال باب المرافعة وبعد المداولة، إنزال عقوبة الإعدام بمقترفيها، وذلك قبل النطق بالحكم، تنفيذاً لقانون الإجراءات الجنائية، حيث أتفحص القضايا المحالة إلىّ من محكمة الجنايات، وأدرس أوراقها دراسة مستفيضة حتى أطمئن بشكل تام، فدار الإفتاء فى نظرها قضايا الإعدام تمثل حلقة مهمة من حلقات المحكمة، لذا يجب عدم الخوض فى أى تفاصيل بشأن القضايا المحالة إليها، تحقيقاً لمبادئ العدالة وسيادة القانون، كما أن المفتى ينظر قضايا الإعدام من الناحية الشرعية فقط، بغضّ النظر عن الأشخاص فى تلك القضية.

■ كيف ترى دعوات التظاهر فى 11/11 المقبل؟

- الشباب قوة كبيرة فهم يمثلون ما يقارب 40%، وهذه نسبة عالية بالنسبة إلى عدد السكان، وعلى الشباب أن يدركوا أنهم أبناء هذا الوطن، وأن هناك مسئولية ملقاة على عاتقهم، وأن تتقدم مصر، وازدهارها لن يكون إلا بأيديهم، ودعوات 11/11 نحن ندعو إلى عدم الاستجابة لها، بل ندعو إلى عكسها بالتضامن والتكاتف لبناء الدولة والوقوف مع مؤسسات الدولة وقيادة الدولة والنهوض بمصر واستقرار الوطن.


مواضيع متعلقة