لجنة المصنفات الفنية: سيف الرقابة الكنسية

كتب: مصطفى رحومة

لجنة المصنفات الفنية: سيف الرقابة الكنسية

لجنة المصنفات الفنية: سيف الرقابة الكنسية

رغم أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بدأت فى إنتاج الأفلام القبطية منذ وقت مبكر، وتمحورت حول أعمال عن القديسين والرهبان، إلا أنها استحدثت فى عام 2003 لجنة تابعة للمجمع المقدس للكنيسة، تسمى بلجنة المصنفات الفنية، يتولى رئاستها الأنبا مارتيروس، أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد بالقاهرة، الذى تمت سيامته أسقفاً بيد البابا الراحل شنودة الثالث فى 3 يونيو 2001.

{long_qoute_1}

لجنة المصنفات الفنية، التى تعد سيف الرقيب على الأعمال الفنية القبطية والمسيحية، كانت موجودة من قبل ويتولى رئاستها الأنبا هدرا، مطران أسوان وتوابعها للأقباط الأرثوذكس، وكانت مهمتها فى هذا الوقت مراجعة «التراتيل المسيحية» من ناحية الكلمات والموسيقى والألحان، ولكن مع ظهور الأفلام القبطية ظهرت اللجنة بشكلها حين تولاها الأنبا مارتيروس، التى صارت مهمتها مراجعة الأفلام المسيحية وأى مصنفات لها علاقة بالشأن المسيحى للاطمئنان على صحة النص والنواحى الفنية، سواء من أديرة أو كنائس أو قنوات فضائية أو أفراد عاديين، وتتبادل اللجنة خطابات مع لجنة الرقابة على المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة لإبلاغهم بأى ملاحظات عن ظهور فيلم أو مسلسل كنسى أو مسيحى لا يراجع فى الكنيسة لأخذ موافقتها عليه من الناحية العقائدية أو من عادات وتقاليد المجتمع القبطى.

ورغم أن اللجنة كنسية ولا سلطان لها على الأعمال الفنية التى تعرض خارج أسوارها، إلا أن بعض المصادر الكنسية أكدت أنها تجد تعاوناً من قبل المسئولين بالرقابة على المصنفات الفنية بالرجوع إلى الكنيسة، وهناك تبادل للخطابات بينهما حول أى منتج فنى يتناول الكنيسة وتصحيح ما قد يوجد بسيناريو بعض تلك المنتجات من أخطاء تتناول الزى الكهنوتى أو الوضع فى الأديرة وعلاقة الرهبان أو الطقوس الكنسية، مشيرة إلى أن أقصى ما تستطيع فعله الكنيسة مع أى منتج فنى يخالف ملاحظاتها هو إصدار بيان باسم اللجنة تتبرأ فيه من صدور هذا المنتج الفنى ومن الأخطاء الواردة فيه، مع مناشدة منتج العمل الفنى إصلاح الأخطاء الواردة به.

وحول تحذير الكنيسة شركات الإنتاج الخاصة من إنتاج أى أعمال كنسية دون الرجوع إليها، واحتكارها تقديم التاريخ القبطى والرقابة على الشخصيات القبطية فى الأعمال الفنية وكأنها وصية على الإبداع، رفضت المصادر اتهام الكنيسة بمعاداة الإبداع بتدخلها فى الأعمال الفنية، معتبرة أن تلك مزايدة على الكنيسة، حيث إن الكنيسة مع حرية الإبداع بدليل إنتاجها الكثير من الأفلام المسيحية عن القديسين والشهداء فى تاريخ الكنيسة، فضلاً عن إقامة المهرجانات الفنية داخلها لاكتشاف المواهب فى مختلف المجالات الإبداعية، والاهتمام بالمسرح، ولا يمكن تفسير اعتراض الكنيسة على عمل فنى يخالف عقيدتها وتقاليدها بأنه موقف ضد الإبداع، مع العلم بأن الإبداع نابع من المسئولية، كما أن الإبداع لا ينكر حق الملكية الفكرية الذى تمتلكه الكنيسة عن تاريخ شخصياتها.

وبحسب تصريحات للأنبا مارتيروس، رئيس لجنة المصنفات الفنية بالكنيسة، أشار إلى وجود أزمة فى الأعمال الفنية القبطية داخل الكنائس، ففى 2003 استقبلت اللجنة 36 فيلماً مسيحياً، وهو الرقم الذى أخذ فى التناقص بسبب عوائق ومشاكل إنتاجيّة ضخمة، بسبب نسخ الأعمال الفنية وسرقتها وتداولها على صفحات الإنترنت، ممّا أدّى إلى خسارة المنتجين، وتخوّف شركات الإنتاج المسيحى من الخسائر الفادحة فى مجال إنتاج الأفلام الدينيّة، حيث استقبلت اللجنة فى عام 2004 حوالى 35 فيلماً، ثمّ وصل فى عام 2005 إلى 17 فيلماً. وفى عام 2006 إلى 10 أفلام، قبل أن تصل إلى 7 أفلام فى عام 2008، ولم يتم إنتاج أى فيلم عام 2010، ثمّ فيلمين فقط فى عام 2011، وعاودت اللجنة عدم نظر أى فيلم خلال عام 2012، كما أنه فى عامى 2014 و2015، و2016 لم يتمّ إنتاج سوى بعض الأفلام الدينيّة، من إنتاج أديرة، آخرها فيلم «المزار» عن حياة البابا الراحل شنودة الثالث من إنتاج دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون، وفيلم «49 شهيداً» من إنتاج دير الأنبا مقار عن قصة تاريخية لرهبان بالدير وقعت أحداثها فى القرن الخامس الميلادى. وكان عدد من شركات الإنتاج المسيحى الكبرى، وعلى رأسها شركتا بافلى فون وماريا فون، قد أعلن عن توقف الإنتاج الخاص بالصوتيات والمرئيات، بشكل شبه نهائى، بعد تسريب كافة موادها الفيلمية والصوتية، عبر الإنترنت.


مواضيع متعلقة