البنوك تستثمر فى أذون الخزانة وتتجاهل المشروعات الاستثمارية

كتب: إسماعيل حماد

البنوك تستثمر فى أذون الخزانة وتتجاهل المشروعات الاستثمارية

البنوك تستثمر فى أذون الخزانة وتتجاهل المشروعات الاستثمارية

على الرغم من الدعاوى المناهضة لتوجهات الحكومة نحو الاعتماد المكثف على الجهاز المصرفى فى تمويل عجز الموازنة العامة للدولة عبر طرح أذون الخزانة (إحدى أدوات الدين الحكومية التى تعتمد عليها الدولة فى تمويل عجز الموازنة العامة) لما له من آثار سلبية على تمويل المشروعات التنموية وارتفاع تكلفة الدين المحلى وبالتالى ارتفاع عجز الموازنة، فإن الحكومة واصلت طرح أذون الخزانة حتى ارتفع حجم استثمارات البنوك فى أذون الخزانة بنسبة 11% لتصل إلى 245.4 مليار جنيه بنهاية مارس الماضى، مقابل 220.3 مليار جنيه بنهاية مارس 2011. وبحسب أحدث التقارير الصادرة عن البنك المركزى، فإن استثمارات البنوك فى أذون الخزانة استحوذت على 24.4% من ودائع العملاء، فى الوقت الذى سجلت فيه نسبة القروض إلى الودائع 50% فقط، وهو ما دفع مصرفيين وخبراء إلى التحذير من مخاطر تمويل عجز الموازنة على حساب الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية. وسجلت الودائع بالبنوك رصيدا قيمته تريليون و4.9 مليار جنيه حتى مارس الماضى بزيادة قدرها 55.7 مليار جنيه، مقابل 949.2 مليار جنيه فى نهاية مارس 2011. وقال السيد القصير، رئيس بنك التنمية الصناعية والعمال، لـ«الوطن» إن حجم اكتتابات مصرفه فى أذون الخزانة تقدر بنحو 200 مليون جنيه فقط، والبنوك قد تبرز توجهاتها فى الوقت الحالى نحو الاكتتاب فى أذون الخزانة بسبب انعدام فرص التمويل الجيدة، مؤكدا أن البنوك لا ترفض تمويل المشروعات الجيدة التى تطلب ائتمانا. وتابع: إن التوسع فى تمويل أذون الخزانة يجب ألا يأتى على حساب المشروعات بمختلف أنواعها فى الظروف الطبيعية، إلا أن البلاد تمر بفترة استثنائية تتطلب تضافر الجهود لعبورها، مؤكدا أن الحكومة لم تجد بديلا عن الاقتراض من البنوك ورفضته. وأكد الدكتور هشام إبراهيم، الباحث المصرفى، أن البنوك العامة كانت تستحوذ على الحصة الأكبر من الزيادة فى تمويل أذون الخزانة التى يطرحها البنك المركزى لصالح تمويل عجز موازنة الدولة، خلال الفترات السابقة إلا أن الوضع تغير خلال الشهور القليلة الماضية حيث اندفعت البنوك الخاصة والمتخصصة وفروع البنوك الأجنبية إلى زيادة استثماراتها بأذون الخزانة فى إطار التوجه العام للقطاع. وأضاف أن توجهات البنوك نحو رفع استثماراتها بأذون الخزانة يرجع إلى عدة أسباب أبرزها ارتفاع سعر الفائدة على الأذون إلى ما يتجاوز الـ16%، وهو ما يدر عائدا جيدا على الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية خاصة أن نسبة المخاطر فيها «صفر»، إضافة إلى أن الاقتصاد لا يزال يعانى من مشكلات تتمثل أبرزها فى ارتفاع معدلات المخاطر واحتمالات التعثر وبالتالى فإن البنوك تحجم عن منح القروض، خاصة مع انعدام فرص التوظيف الجيدة. وأضاف إبراهيم أن تكثيف الاعتماد على القطاع المصرفى لتمويل عجز الموازنة يدفع تكلفة القروض إلى الارتفاع بشكل قوى وبالتالى يتزايد حجم الدين العام وتقل قدرة الحكومة على القيام بدورها الاجتماعى على مستويى الصحة والتعليم وغيرهما، مشيرا إلى أن مهمة البنوك الأساسية هى تمويل مشروعات التنمية لدفع عجلة الإنتاج إلى النمو وهو ما يخفف الضغوط على الموازنة العامة للدولة. وعلى صعيد تداعيات التوسع فى تمويل عجز الموازنة على الجهاز المصرفى، قال إبراهيم إن هناك شقين الأول إيجابى ويكمن فى تحقيق عائد مقبول بما يكفل للبنوك قدرة أفضل على تغطية تكلفة الودائع وسداد الفوائد للعملاء وتحقيق أرباح جيدة، والآخر سلبى ويتمثل فى ارتفاع خسارة الجهاز المصرفى من سوق التمويل الحقيقى وقطاع الإنتاج الخاص لذا فإن معدل نمو الجهاز المصرفى لا يسير فى الطريق الصحيح من حيث دفع الأنشطة الاقتصادية إلى النمو. ورأى سامح بنانى -خبير مصرفى- أنه يتوجب على البنوك حساب خطواتها فى تمويل أذون الخزانة التى تطرحها الدولة وفقا لمتطلبات السوق وإدارة السيولة الموجودة لديها، لافتا إلى أن التوسع غير المحسوب سيكون له تأثير نسبى على تمويل مشروعات القطاع الخاص. ورصدت تقارير البنك المركزى تفوق بنوك القطاع الخاص لأول مرة على القطاع العام من حيث حصتها فى أذون الخزانة، حيث بلغ نصيبها 106.4 مليار جنيه للأولى مقارنة بـ103.7 مليار جنيه للعامة فى نهاية مارس الماضى، وجاءت فروع البنوك الأجنبية العاملة فى السوق المحلية فى المرتبة الثالثة بنصيب قدره 23.2 مليار جنيه، بينما تذيلت البنوك المتخصصة قائمة البنوك الممولة لعجز الموازنة برصيد بلغ 12.1 مليار جنيه.