صاحب بطولة أسر «عساف ياجورى»: «يوسف والى دخّله مصر تانى كخبير زراعى»

كتب: جهاد عباس

صاحب بطولة أسر «عساف ياجورى»: «يوسف والى دخّله مصر تانى كخبير زراعى»

صاحب بطولة أسر «عساف ياجورى»: «يوسف والى دخّله مصر تانى كخبير زراعى»

ربما تبدو مفاجأة من العيار المحزن، لكن هذا ما رواه البطل يسرى عمارة، صاحب أشهر عملية أسر فى حرب أكتوبر للمدعو عساف ياجورى، قائد الفرقة 119 مدرعات إسرائيلية، والذى قال إن وزير الزراعة الأسبق، يوسف والى، «دخّله مصر تانى كخبير زراعى». فى ميدان البطل يسرى عمارة، المواجه لنادى ضباط القوات المسلحة، الميدان الذى أطلقته محافظة بورسعيد باسمه تخليداً لبطولاته خلال حرب السادس من أكتوبر عام 1973، جاء البطل فى موعده مع «الوطن» بانضباط عسكرى كأنه لا يزال فى الخدمة، مضى بخطوات واثقة، يحمل حقيبته الجلدية معه، لم يتخل عن نبرة صوته القوية، ومشاغبته لكل من حوله، يقول إن العسكرية فى الدم حتى وإن لم يعد يمارسها، متذكراً أهم لحظة أسر فى حياته.

وإلى نص الحوار

■ سيادة العميد يسرى عمارة ما سر عشقك لبورسعيد؟

- كثيرون لا يعرفون أننى لستُ من مواليد محافظة بورسعيد، فقد ولدتُ فى المنوفية، ولكننى تزوجت فى بورسعيد وأنجبتُ أولادى هنا، وعشقت تلك المحافظة بكل تاريخها وجمالها، وأشعر بالحزن عندما أراها مهملة، خاصة فى فترة السوق الحرة، توافد شباب كثر من محافظات بعيدة، ودمروا جمال المدينة دون اكتراث.

{long_qoute_1}

■ لقد درست فى كليتين، الجوية والحربية، ما سبب ذلك؟

- «يبتسم».. بعد دخولى الكلية الجوية، ظهر لى كيس دهنى فى عينى، ذهبت للطبيب، وقام باستئصاله ببساطة، ووضع عليه قطناً، وخرجت، ثم فوجئت بعدها بأمر طبى لتحويلى للكلية الحربية، هناك دبت فى قلبى الثورة، ذهبت مع زملائى للمسئول، وبقينا نلح عليه لبقائى مع زملائى فى الكلية الجوية، ولكنه رفض، وقال إننى فى سن الأربعين سأصاب بالحول، وانتهى حلمى بالطيران، مع أن توقعات الطبيب لم تكن فى محلها، والآن أستخدم ذلك الموقف الذى حطمنى وقتها كنكتة، فعندما يسألنى أى شخص عن عمرى، أقول إننى لم أتجاوز الأربعين، لأننى لم أصب بحوَل كما قال الطبيب، وتخرجت من الكلية الحربية دفعة 55 حربية، عام 1969.

■ ما الذى يشعرك بالحزن؟

- عندما أشعر بعدم وعى الناس للضغوط والظروف الحالية، بعد هزيمة 67 كان الوضع الاقتصادى فى مصر مريراً، كنا نقف بالطوابير من أجل شراء صابونة نابلسى أو فرخة، ولم نسمع عن شكوى الشعب لأنه كان على دراية بصعوبة المرحلة، الآن أشعر أن المواطن غير مدرك لما حوله من أخطار، يتكالبون بشراهة على الاستهلاك، حتى إن كانت هناك أخطاء من قبل الحكومة أو الدولة، هذا لا يعنى أن نمزق بعضنا البعض.

{long_qoute_2}

■ كيف كانت معنوياتكم فترة ما قبل حرب 73، وأثناءها؟

- كنا شباب فرحانين إننا رايحين الجبهة، وكنا نتسابق للوصول للجبهة، وللتدريبات الصعبة الخطرة، فكنا فى منطقة السرابيوم، بطولة الضباط الحقيقية كانت تظهر فى التدريبات الشاقة التى كنا نقوم بها، وكنا نظن أن الجبهة خنادق صلب مسلحة، ولكننا اكتشفنا عند وصولنا أن الجنود والضباط يطهرون الخنادق من الرمل طوال النهار، حتى نندس بها ليلاً ونحمى قناة السويس من الهجمات الإسرائيلية، وكانت هناك مصيبة أكبر، عند حفر القناة قام أجدادنا بنقل الرمال ناحية الشرق، صانعين ساتراً ترابياً.

فى عام 1972 قامت إسرائيل بعمل بروفة لمنع عبور الجنود المصريين للقنال، وحضرتها وقتها، حيث فتحوا علينا خزان نابالم درجة حرارته 700، وفتحوا الميكروفون وهم يتحدثون العربية قائلين: «اللى هيعدى من هنا هنشويه زى السمك»، وبالطبع كانوا يتحدثون العربية وباللهجة العامية المصرية أيضاً، وأدركنا وقتها أنهم يعرفون أسماءنا واحداً واحداً، وهذا من خيبتنا، لأننا كنا ننادى على بعض بصوت عالٍ فى الكتيبة، فكانوا يتنصتون علينا من الجهة الأخرى، وكان الهدف من تلك البروفة إرعابنا.

■ ما أصعب تلك التدريبات التى قمتم بها قبل حرب 73؟

- كنا نتدرب على المرور فى قناة السويس، رغم وجود أسماك مفترسة بها، بسبب توقف حركة الملاحة، وكانت الأسماك فسفورية تلمع تحت الماء، وجاء أمر ببدء التدريب بالمرور فى القناة، عزل بدون سلاح، واختير الضابط رشدى عبدالله، كأول فرد يقوم بتلك المهمة حيث يعبر للجهة الأخرى بدون سلاح، وينام عند الجبهة الإسرائيلية، دون أن يشعر به أحد، وصرخ رشدى وقتها فرحاً بأنه سيقوم بذلك التدريب، وتحرك ونام على الضفة فى الليل، وكانت الأوامر إن ألقوا القبض عليه سيكون أسيراً، وإن قتلوه فهو شهيد، وكان بيننا وبينه 200م، ولم نره فى الجهة الأخرى، نام رشدى ساعتين، ثم قام بالتحرك فى الجبهة هناك، ووجد نفسه فى النقطة القوية، وكشف لنا السر بأن كل ما كنا نسمعه كان يتم بثه من استريوهات وتسجيلات، أما الجنود الإسرائيليون فيختبئون تحت الأرض.

■ كيف قمت بأسر عساف ياجورى؟ وهل كنت تعرف وقتها هويته؟

- جاءت لنا الأوامر بالإفطار من قائد كتيبنا العقيد جلال مروان، لأننا كنا فى نهار رمضان، بعضنا أفطر بالفعل، والبعض الآخر رفض، وسمعنا كل واحد هيعمل إيه فى دوره، الطيران بدأ من الإسماعيلية، ودخل على ساحة المعركة الأول، وبعده كتائب المشاة، لحظة رفع الأعلام ما حدش يقدر ينساها، القادة اللى كانوا بيعذبونا فى التدريب، بقوا بيبكوا بالدموع أول لما رفعنا العلم المصرى، وعبرنا وخلال أيام 6 و7 و8 أكتوبر اللى كان بيقابلنا كنا بنفرمه، كنت أثناء حرب أكتوبر رتبتى نقيب، جاءت أوامر أن هناك مركبات إسرائيلية مقبلة، كونا تشكيلاً مثل حدوة الحصان، وقمنا باصطيادها، العربية الجيب التى كنت أركبها أصيبت، وركبت فوق المدرعة وعندها تمت إصابتى، وعند نزولى من المركبة وجدت «شخص مستخبى»، وقمت بالجرى نحوه، ولا أعرف لماذا نزلت له مع أنه كان معى رشاش، قتلنا 3 جنود إسرائيليين، وسمعنا صوت صراخ من حفرة لـ4 إسرائيليين آخرين، يقولون أسرى أسرى، كان منهم عساف ياجورى، وقتها لم أكن أعرفه، وعرفت أنه قائد الكتيبة أثناء علاجى فى المستشفى، وكرمتنى الدولة وحصلت على وسام النجمة العسكرية.

■ أخبرتنى أن هناك سراً تعرفه عن عساف ياجورى فما هو؟

- عساف ياجورى الذى كُرمت لأسره استعان به يوسف والى، وزير الزراعة الأسبق، كخبير زراعى لجامعة القاهرة.


مواضيع متعلقة