«المصرية للاتصالات» لصاحبها الشعب المصرى

رامى جلال

رامى جلال

كاتب صحفي

خلق الله الكائنات الحية ذكراً وأنثى، وأنشأ الإنسان الكيانات أشكالاً وأنواعاً مثل الهيئات والوزارات والمفوضيات والشركات وغيرها. و«المصرية للاتصالات» هى «شركة»، أقسم بالله العظيم هى «شركة»، وتُكتب هكذا «شين راء كاف تاء مربوطة»، وهى ليست أى شىء إلا «شركة»، هدفها الأساسى والرئيسى هو «تعظيم القيمة للمساهمين وزيادة ربحيتهم».. وهى شركة مساهمة مصرية تشارك فيها الدولة وبنوك وصناديق استثمار وأفراد.. وطبيعة المالك لا تُغير الصفة القانونية للمؤسسة وتحولها من شركة لسوسن أو فوزية أو هيام، هى شركة وستظل كذلك.

الشركة المصرية للاتصالات -كأى شركة أخرى- لها أهداف تجارية بحتة، أما المالك، وهو الدولة ممثلة فى وزير الاتصالات، فلها أهداف معظمها سياسية تضر بمصلحة الشركة التجارية، وبناء عليه يجب أن تنتقل تبعية الشركة لصندوق استثمار سيادى، وقتها ستكون له أهداف تجارية مثل الشركة.

وفضلاً عن أن أى وزير اتصالات فى مصر بلا دور حقيقى؛ حتى لو كان مجتهداً كالوزير الحالى، لأن وجود الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات يلغى وجوده، فإن وزير الاتصالات فى مصر يقوم بأدوار لا منطق فى الجمع بينها، وهى تمثيل مالك الشركة والقائم على ملف الاتصالات والمسئول عن رسم سياسات القطاع كله!

تتضارب رؤية المالك (الدولة) مع المدير (الشركة) ثم تتم محاسبة «الشركة» على عدم تحقيق أهداف لا شأن لها بها! الأمر يشبه أن تصف غزالة بالسيئة لأنها لا تستطيع الغطس، فى الواقع أنت تريدها سمكة بخياشيم بينما مهمتها الوحيدة هى أن تجرى على البر بسرعة. والغزالة سترفض نزول الماء لأنها ستغرق، كذلك الشركة المصرية لا بد أن تقاوم أى قرار سياسى قد يؤثر سلباً على الأرباح وعلى مصلحة المساهمين.

الشركة المصرية للاتصالات كيان عملاق، قادر على توفير الخدمة فى مصر، والعمل كذلك فى أسواق خارجية وتحقيق عوائد ضخمة. والحديث عن أولوية جلب الاستثمارات إلى الداخل هو كلام سطحى؛ لأن الأصل هو أن تحصل الشركات الوطنية على أكبر توسع ممكن فى السوق المصرية ثم نساعدها للذهاب خارجاً، وليس أن نستجلب استثمارات أجنبية بديلاً عن الاستثمارات المحلية.. والحقيقة أن مصر هى أفضل دولة تُطفش الُمنتَج المحلى (بضم الميم وفتح التاء)، وتُشجع المُنتِج الأجنبى (بضم الميم وكسر التاء)!! رغم أنها تقوم بحملات عكس ذلك وتتهم الناس بأنهم يعانون من عقدة الخواجة!

الشركة المصرية للاتصالات تستحق كل الدعم من الدولة المصرية، ومع ذلك فالمطلوب هو معاملتها كباقى أقرانها.. فعلى مستوى الكيانات فإن على الدولة أن تفهم أن «المصرية للاتصالات» شركة (شين راء كاف تاء مربوطة) وليست أى شىء آخر. وقتها سيتوقف الجميع عن النظر إليها نظرة سيئة جعلت منها «ملطشة» الكل، وأصبحت كل الأطراف إما أنها لا تدعمها وإما أنها تحارب وجودها من الأساس!