بروفايل: سيد الضوى.. رحيل «آخر الحكائين»

كتب: محمد الأبنودى

بروفايل: سيد الضوى.. رحيل «آخر الحكائين»

بروفايل: سيد الضوى.. رحيل «آخر الحكائين»

فى قرية «أبنود» بمحافظة قنا عاش طفولته، قضاها «رحالة» مع والده فى الحفلات والأفراح والموالد، يتغنى الأب بـ«السيرة الهلالية» فيما يجلس الابن خلفه ينصت إليه بتركيز شديد، حتى استطاع فى فترة قصيرة أن يحفظها، رغم أن أحداً لم يعلمه يوماً القراءة أو الكتابة، لتكون بعد ذلك سبباً يجمع بينه وبين الشاعر الراحل عبدالرحمن الأبنودى حينما كونا معاً «دويتو» لتسجيل السيرة الهلالية لسنوات طويلة عبر شاشات التليفزيون المصرى.

عن عمر ناهز الثلاثة والثمانين عاماً، غيب الموت سيد الضوى، آخر رواة السيرة الهلالية، الذى قال عنه الأبنودى فى إحدى المرات: «الأقدار هى التى جمعت بينى وبين رجل يعتبر السيرة سراً من الأسرار التى وهبها الله له، وهو إنسان متواضع برغم أنه يحمل كنزاً فى قلبه».

يجلس جلسة واثقة مرتدياً جلباباً فضفاضاً وعمامة تزين رأسه ويلف حول رقبته كوفية فى مظهر ليس ببعيد تماماً عن زى الرجال «القناوية»، حيث مسقط رأسه، يناوله أحد المحيطين به الميكروفون ليعلو صوته الخلاب ويتغنى بلهجة مصرية من الصعيد الجوانى بالسيرة الهلالية، راسماً فى مخيلة من يستمع إليه صوراً وحكايات لأبطال أشهر الملاحم العربية التى شهدها العرب فى الفترة بين منتصف القرن الرابع الهجرى، وحتى منتصف القرن الخامس الهجرى، ولكن «الحكاء» استأذن فى الانصراف بعد رحلة طويلة مع المرض، تاركاً وراءه موسوعة أدبية وتاريخية ضخمة سجلها بإحساسه قبل صوته.

ولد «الضوى»، بمركز «قوص» بمحافظة قنا فى 16 فبراير عام 1933م وورث عن جده ووالده المديح والإنشاد، والسيرة الهلالية التى قيل إنه حفظ منها 5 ملايين بيت ومقطوعة، حتى أصبح أحد عمالقة رواة السيرة الهلالية وآخرهم، وهو الأمر الذى أهّله لأن يسافر ليقدم هذا الفن فى كثير من الدول العربية والأوروبية، ومنها «المغرب» و«تونس» و«الأردن» و«الدنمارك»، وغيرها.

رافق «الضوى» الراحل عبدالرحمن الأبنودى طول حياته لسرد السيرة الهلالية، حتى فارق الأخير الحياة، ليرحل «شيخ القوالين» إلى ربه تاركاً تراثاً كبيراً من الفن الشعبى، وسيرة ربما كانت أكبر من ذلك التراث، حتماً سيتغنى بها من سيأتون بعده، وفى أذهانهم أنهم لن يصلوا لقامة «آخر الحكائين».

 


مواضيع متعلقة