"ضحايا الاغتصاب" يبحثن عن حل.. هل تنجح مبادرات "الإجهاض القانوني"؟

"ضحايا الاغتصاب" يبحثن عن حل.. هل تنجح مبادرات "الإجهاض القانوني"؟
- المبادرة الشخصية
- الإجهاض
- قانون العقوبات
- حق المرأة
- الشريعة الإسلامية
- المبادرة الشخصية
- الإجهاض
- قانون العقوبات
- حق المرأة
- الشريعة الإسلامية
- المبادرة الشخصية
- الإجهاض
- قانون العقوبات
- حق المرأة
- الشريعة الإسلامية
تحت شعار "الإجهاض الآمن ينقذ الحياة"، أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملتها الجديدة، الداعية لتمكين النساء من الإجهاض بشكل قانوني، في حالة كون ما بأحشائهن ناتج عن الاغتصاب أو اغتصاب المحارم.
تتزامن الحملة مع اليوم العالمي لحق المرأة في الإجهاض، ففي عام 1990، أقرت حركة "صحة النساء" الدولية يوم 28 سبتمبر من كل عام للدعوة إلى توفير ظروف الإجهاض الآمن للنساء. الحملة تأتي اعتراضا على القانون المصري الذي يجرم إجهاض المرأة، إلا في حالة وجود مخاطر صحية على حياة الأم أو الجنين، مما يحرم ضحايا الاغتصاب من التخلص من آثاره، التي قد تدمر الأم نفسيا، وتجبرها على الحياة طوال عمرها بذكرى أليمة.
وشرحت الدكتورة داليا عبدالحميد، مسوؤلة برنامج النوع الاجتماعي بالمبادرة، في تصريح لـ"الوطن"، أن المبادرة تهتم بحقوق المرأة من الناحية القانونية في السماح لها بالتخلص من الجنين الناتج عن الاغتصاب، بتعديل القانون وجعله يسمح بالحكم طبقا لحق المرأة كمواطنة، حيث أوضحت أن الدولة لا بد أن توفر الأمن داخل الشوارع ومحاسبة المغتصب بأحكام رادعة حتى يصبح عبرة لغيره
القانون المصري.. 133 عاما من تجريم الإجهاض
يعتبر الإجهاض حقا قانونيا ومكفولا في معظم دول الاتحاد الأوروبي، على رأسهم أسبانيا وهولندا وسويسرا وإيطاليا، فيما أن أيرلندا وبولندا لديهم قوانين مقيدة للإجهاض، وحددته ألمانيا في 4 حالات، هم "الحمل غير المرغوب فيه والحمل الناتج عن اغتصاب والإجهاض لأسباب صحية، والحمل الحاصل عند الفتيات ما دون الـ18 عاما"، وأجازته قبرص فى حال الاغتصاب فقط. بينما حظرته مالطا تماما ويعتبر جنحة يعاقب عليها القانون بحبس ما بين 18 شهرا وثلاث سنوات.
أما مصر، فكان أول تجريم للإجهاض بها من خلال إصدار قانون العقوبات بالأمر العالي الصادر في 13 نوفمبر 1883 في عهد الخديوِي توفيق والذي صدر وفقًا للنهج الذي اتبعه المشرع الفرنسي، حينما أصدر قانون العقوبات الفرنسي وقتها، وجاء التجريم من خلال الباب الثالث منه المعنون"في إسقاط الحوامل وصنع وبيع الأشربة أو الجواهر المغشوشة المضرة بالصحة" بالمواد 239، 240، 241، 242.
هذه المواد هي نفس النصوص السارية والمعمول بها حاليًّا بموجب القانون رقم 58 لسنة 1937، وتم إضافة مادة جديدة في موجب قانون العقوبات الأعملي رقم 4 لسنة 1904، ينص على العقاب على الشروع في الإجهاض.
المبادرة المصرية تركز جهودها تحديدا على إلغاء المادة 262 من قانون العقوبات، لكون المادة تفرض عقوبات على المرأة في حالة لجوئها إلى الإجهاض غير القانوني، على أن يتم السماح بذلك في وجود خطر على حياتهن وصحتهن، من خلال إدخال تعديل تشريعي القانون يلزم الأطباء بتقديم هذه الخدمة الطبية في الحالات المنصوص عليها.
ويرى المحامي الحقوقي مايكل رؤوف، من مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، أن ضحايا الاغتصاب يتضررن من حرمانهم من الحق في الإجهاض، في حين تتسبب الجريمة في الإضرار بالطفل أيضا، حيث يتم تسميته باسم أهل الأم، وليس باسم الأب، وفقا لقانون الطفل. ويقترح مايكل أن يسمح القانون بحق المرأة في إجهاض نفسها خلال شهرين من الحمل.
في حين ترى الدكتورة عزة هيكل، العضو السابق بالمجلس القومي للمرأة، أن قرار الإجهاض خاص بالمرأة وحدها فقط، في أول 10 أسابيع من الحمل، لكونها من وقع عليها الضرر الناتج عن إثم وجريمة، شارطة وجود ضوابط "صحية، وقانونية، وشرعية".
أما الفقيه القانوني محمود كبيش، فيرى أن اقتصار القانون على إتاحة الإجهاض للمرأة في حالة الخطورة الصحية فقط خطأ، وأنه يجب تعديل القانون بشكل سريع لكي يتوسع في إتاحة الإجهاض لضحايا الاغتصاب وزنا المحارم، مشيرا إلى أن ذلك كله يجب أن يتم في إطار الشريعة الإسلامية.
جدل الفقهاء حول الإجهاض
يعد الإجهاض أحد أكثر الأمور إثارة للجدل في الفقه الإسلامي. بعض الفقهاء يصرون على أن الإجهاض حرام وممنوع ولا يسمح به في أي حالة على الإطلاق، وهو ما يؤكده الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، مشيرا إلى أن الإجهاض تحت أي ظرف هو قتل للنفس البشرية التي خلقها الله عز وجل.
الدكتور محمد وهدان، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية، يرى أيضا أن الإجهاض حرام، ويقع إثمه على الأم والدكتور المساعد في ذلك الأمر، لما نصه الحديث الشريف: "من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل مكتوباً بين عينيه آيس من رحمة الله".
لكن وهدان يستدرك أن الفقهاء أجازوا الإجهاض في حالة وجود خطورة على صحة الأم أو الجنين، خلال 120 يوما كحد أقصى من الحمل، وهي الفترة التي قدروا أنها تسبق دبيب الروح في الجنين. يرى وهدان أن العذر ذاته يصلح شرعا للسماح للناجيات من الاغتصاب وزنا المحارم، في حال رغبتها الشخصية على شرط الرجوع للطبيب.
وذكرت الدكتورة زينب عبدالسلام أبو الفضل، أستاذ الفقه المساعد بجامعة طنطا، في كتابها "المغتصبة وأحكام الستر عليها فى الفقه الإسلامي"، أن الشريعة الإسلامية أجازت للمغتصبة أن تخفى آثار الجريمة التى ارتكبت ضد إنسانيتها وشرفها وشرف أهلها، بإجهاض الجنين الناشئ عنها، إذا كان دون الأربعة أشهر وبضوابط، ولها الحق في أن تتزوج من مغتصبها إذا أرادت، وهو ما قضى به أبو بكر وعمر وابن مسعود وابن عباس.
الإجهاض أمام البرلمان
الدكتورة داليا، مسؤولة برنامج النوع الاجتماعي في المبادرة، أكدت أن المبادرة ستتقدم بمطالبها إلى مجلس النواب بنهاية العام الجاري، وهي "التزام الأطباء بآداب المهنة بإجراء عمليات الإجهاض للمغتصبة للمحافظة على صحتها الجسدية، وأن يسمح القانون بالتخلص المرأة من حملها، وإلغاء المادة التي تُجرم السيدات المغتصبات التي تقوم بإجهاض حملهن".
وأشارت داليا إلى أنَّ مصر من أكثر دول العالم تقييدًا لحق الإجهاض إذ لا يبيح القانون المصري الإجهاض ﻷي سبب كان، ولا يسمح للناجيات من الاغتصاب، الحصول على حقهن في التخلص من "الحمل غير المرغوب فيه"، كما يعامل القانون النساء اللاتي يلجأن إلى الإجهاض القصدي باعتبارها جنحة عقوبتها الحبس مدة لا تزيد عن 3 سنوات.
ومن ناحيتها اعتبرت الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وعضو مجلس النواب، أنَّ تلك المطالبة لا تحتاج إلى صياغتها في مقترح وتقديمها للبرلمان، إذ ترى أنه على المرأة التي تعرضت للاغتصاب أن تتطهر من آثاره مباشرة وإجهاض الجنين في حال رغبتها مباشرة، وفقا لآراء فقهية في هذا الشأن.
بينما يرى البرلماني إلهامي عجينة، أنَّه يجب على لجنتي الصحة والدين في البرلمان مناقشة ذلك المقترح من الناحيتين الدينية والصحية والفصل بين حالتي الاغتصاب وزنا المحارم، لتحديد قبوله من رفضه.