أسر الضحايا تنتظر «الجثامين» عند ملتقى «النهر والبحر»

أسر الضحايا تنتظر «الجثامين» عند ملتقى «النهر والبحر»

أسر الضحايا تنتظر «الجثامين» عند ملتقى «النهر والبحر»

فى منطقة تقترب من ملتقى نهر النيل والبحر المتوسط بمدينة رشيد، تجمع أهالى الضحايا الغارقين، انتظاراً لوصول المراكب التى تحمل جثامين ذويهم. هنا جلس محمد الجمال فوق صخرة قرب الشاطئ، يمسك صورة نجله وحفيده، اللذين فقدهما معاً فى رحلة الهجرة غير الشرعية، بحثاً عن «لقمة عيش»، بعيداً عن قرية «شبرا اليمن» بمركز زفتى.

{long_qoute_1}

بدا الأب متماسكاً رغم الألم الذى يعتصره، ثم انهار وبكى وهو يقول: «ابنى تحدى ظروفه، وكان يعمل منذ تخرج فى كلية مرموقة فى دكان صغير لبيع أدوات مكتبية وبقالة، لكن دخله لم يكفه لتربية ابنه الذى أصر على اصطحابه معه، كان فاكر إنه هينقله لبلد تانى يبنى له فيها مستقبل جديد.. لكنه قضى عليه للنهاية».

ويحاول «الجمال» التماسك، يحفظ عن ظهر قلب أسماء السماسرة الذين شاركوا فى سفر ابنه ضمن رحلة الموت، وأبلغ عنهم أجهزة الأمن، وينتظر القصاص: «لازم ياخدوا إعدام»، ويكمل: «ابنى يحلم بالسفر منذ 3 سنوات، وحاول 4 مرات السفر، لكن فشل فى كل مرة والجيش قبض عليه»، وحاول «الجمال»، الذى يعمل موظف أمن بأحد البنوك، منع ابنه من السفر بهذه الطريقة غير الشرعية، لكن تلك المرة أخفى نجله عليه الأمر.

ويقول «الجمال» إن «مراكب الصيد هى التى أنقذت الناجين وانتشلت الجثامين وقوات الإنقاذ لم تفعل شيئاً».

التقط شعلان راغب طرف الحديث من «الجمال» ليقول إن شقيقه «هيثم» ما زال مفقوداً منذ يومين وقوات الإنقاذ تحركت بعد 7 ساعات من الإبلاغ، ويضيف: «أخى اتصل بى قبل ما ينقطع الاتصال تماماً، وأرسلنا بدل الاستغاثة 10 للأمن، دون مجيب، ولم يظهر أحد من مسئولى المحافظة ولا حتى فى الإعلام، والصيادين رموا سمكهم وطلعوا ينقذوا الناس»، ويستطرد: «الناس بتغرق من الساعة 5 الفجر.. قوات الإنقاذ وصلت الساعة 2 الظهر».

«مش مكتفين بالموت اللى إحنا فيه، لا وكمان إهمال»، هكذا يصف فتحى الجمال، الذى فقد ابن شقيقه، ما شاهده فى المستشفيات من إهمال خلال بحثه عن نجل شقيقه، ويقول إن الجثامين كانت ملقاة فى الطرقات، بعد تشريحها: «إزاى الجثث تتشرح فى عدم وجود أهلها». شاهد الرجل جثثاً لجنسيات مختلفة بمستشفى دمنهور، 12 جثة ملقاة خارج الثلاجات، ويقول: «دى جثث بنى آدمين مش حيوانات، حتى الحيوانات مايتعملش فيها كده»، وحين سأل الطبيب فى مستشفى دمنهور عن ذلك، أجاب: «معندناش تلاجات».


مواضيع متعلقة