«الوطن» تحاور «الأديب» ثروت الخرباوى: «الإخوان» ستتعقب أى مبدع لا يعجبها

كتب: سارة سند

 «الوطن» تحاور «الأديب» ثروت الخرباوى: «الإخوان» ستتعقب أى مبدع لا يعجبها

«الوطن» تحاور «الأديب» ثروت الخرباوى: «الإخوان» ستتعقب أى مبدع لا يعجبها

فى مكتب ثروت الخرباوى، المحامى البارز والعضو السابق فى جماعة الإخوان المسلمين، لوحة كبيرة معلقة على أحد الجدران كُتب عليها «الله غايتنا»، تلك اللوحة البسيطة التى تحمل فكرا يؤمن به الرجل هى جزء من تكوينه الدينى والأدبى الذى يعشق القراءة والكتابة والجمال. ما يعرفه أغلب المتابعين للخرباوى أنه كاتب ضد الإخوان، لكن ما لا يعرفونه أن الرجل يتمتع بحس أدبى وثقافى رفيع ظهر البعض منه فى كتاباته.. والبعض الآخر يحكى عنه فى حواره مع «الوطن»..[Quote_1] * فى كتابك «سر المعبد» استخدمت جملا وحكايات عن كبار الأدباء والحكماء.. لماذا استعنت بالأسلوب الأدبى للكتابة فى السياسة بدلا من استخدام طريقة سرد المعلومات؟ - لكى نحبب الناس فى القراءة السياسية يجب أن يكون الأسلوب مشوقا وأدبيا، خاصة أن الشعب المصرى له ذائقة أدبية عالية، نحن شعب نتذوق الأدب ونحبه، والدليل أنه فى التاريخ المعاصر كانت قصائد أحمد شوقى تكتب فى الصفحة الأولى من الأهرام، وكان يقرأها رجل الشارع العادى الذى كان يفهم شعر أم كلثوم وهى تغنى لأبى فراس الحمدانى وإبراهيم ناجى ورباعيات الخيام وحافظ إبراهيم. وكانت هذه القصائد تصل إلى المستمع العادى وينتشى بها، لذا أحببت أن أخاطب الجمهور بالحس الأدبى، أما الكتابة الجامدة فتخاطب النخب فقط وأنا فى كتابى لم أقصد النخب.[Quote_2] * كتاب «سر المعبد» مكون من 13 فصلاً، كل فصل كنت تنهيه بلغز لا تكشف عنه سوى فى الفصول اللاحقة. - لم يكن هذا مألوفاً للروائيين فى مصر، لكن هذا الأسلوب متبع فى الأدب العالمى، ويستخدمه كثير من الكتاب مثل باولو كويلهو ودان براون، واستخدمه فى مصر علاء الأسوانى، وأنا أخرجت هذا الأسلوب من قالب الرواية إلى عالم السياسة لمزيد من التشويق والمتعة أثناء القراءة. * متى بدأت الاهتمام بعادة القراءة وموهبة الكتابة؟ - أنا أجيد القراءة قبل التحاقى بالمدرسة، لأن والدى ألحقنى بالكتاب فى مدينة أنشاص بالشرقية، كنا نُرسل إلى كتاب الشيخ محمد، وهو ما جعلنى أقرأ منذ الرابعة من عمرى، دخلت المدرسة وقرأت فى المرحلة الابتدائية لتوفيق الحكيم «يوميات نائب فى الأرياف» ومسرحيات مثل «شمس النهار» و«أهل الكهف»، وكانت حصيلة مفرداتى كبيرة، وكنت أقرأ مقالات محمد حسنين هيكل فى الأهرام. والذى ساعدنى على ذلك أن الوالد كان يحب القراءة جدا، وكان لدينا مكتبة كبيرة تحتوى على جميع أصناف المعرفة، أحببت القراءة وكتبت فى سن مبكرة كتابات ساذجة ثم تطور الأسلوب، وأذكر أننى كتبت شعرا فى سن صغيرة ثم توقفت عن كتابته عندما وجدت أننى لن أكون بارزا فيه. * من الكتاب المفضلون لديك وتحرص على قراءة إنتاجهم؟ - تأثرت جدا بتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وكنت متيما بيوسف إدريس، وأحببت للغاية يوسف زيدان وبهاء طاهر خاصة روايته «واحة الغروب»، وأعتبرها من درر الأدب العربى، وكذلك «ملحمة السراسوة» لأحمد صبرى أبوالفتوح التى يجب أن تسلط عليها الأضواء لأهميتها. * يبدو من كتاباتك أيضاً أنك مطلع بشكل كبير على الأدب العالمى؟ - أنا متيم بالأدب العالمى خاصة الإنجليزى والفرنسى، وقرأت لفيكتور هوجو روايته «البؤساء» التى أثرت فىّ تأثيرا كبيرا، وكذلك روايات شكسبير ومسرحياته. * قرأت فى العديد من المجالات.. هل هناك قصة تشبه ما حدث فى الثورة المصرية؟ - هناك رواية للأديب الروسى فيكتور كرافيشينكو اسمها «آثرت الحرية»، ترجمها زكى نجيب محمود إلى العربية عام 1948 وحازت جائزة نوبل، هذه الرواية تشبه الثورة المصرية، وساعدتنى كثيرا أثناء كتابتى عن الإخوان، فهى تجربة شخصية للكاتب يروى فيها سنوات انضمامه للحزب الشيوعى الروسى ثم تخليه عن ضيق التنظيم إلى سعة الحرية، وكيف أن ثورة روسيا قام بها الأحرار الذين يحاربون الاستبداد، وإذا بالتنظيم الواحد الجاهز وقتها وهو التنظيم الشيوعى يستولى على الثورة رغم عدم مشاركته فيها خلال الأيام الأولى، وأقصى المعارضين وحكم بالحديد والنار، وهو ما يشبه بشكل كبير وضع الثورة المصرية، وتم اغتيال الكاتب من قبل المخابرات الروسية فى ستينات القرن الماضى. * هل واجهت مشكلات أثناء وجودك فى جماعة الإخوان بسبب قراءاتك المتعددة وميولك الأدبية؟ - عندما كنت فى الجماعة لم أكن أطلع أحدا من الإخوان على ما يدور فى حياتى الخاصة، اللقاءات كانت دائما جافة لها منهج معين، نبدأ فى جلسة الأسرة بقراءة القرآن وندرس حديثا من الأحاديث، ثم كتابا من الكتب المتعلقة بتثبيت فكر الإخوان مثل «المتساقطون فى طريق الدعوة» لفتحى يكن. الغريب أن «يكن» نفسه كان أحد الذين انشقوا عن الجماعة.. والمستوى الثقافى لجماعة الإخوان متدنٍّ، ولم يكن هناك أحد يصلح للحديث معه فى شئون الأدب والشعر. * هل كانت هناك توجيهات من الجماعة بكتّاب يجب القراءة لهم؟ - نعم، فى السيرة النبوية يقرأون «الرحيق المختوم» من تأليف الشيخ صفى الرحمن المباركفورى، وهو شيخ باكستانى، وفى الأحاديث يقرأون «الأربعون النووية»، وفى الفقه كانوا يقولون لنا اقرأوا لسيد سابق ولا تقرأوا لغيره إلا لو كان يوسف القرضاوى. * هل تعتقد أن «الإخوان» بعد أن أصبحت فى الحكم ستحتوى الأدباء والكتاب وتترك لهم مساحة من التعبير الحر؟ - مصر معروفة بأدبها والإخوان معروفون بقلة أدبهم، وهذا أدى إلى إحالة يوسف زيدان إلى المحاكمة بسبب كتابه «اللاهوت العربى» رغم أنه كتاب رائع، جماعة الإخوان ستتعقب أى كاتب أو روائى تشعر أن هناك انفلاتاً لا يعجبها فيما يكتب.