توسع المستوطنات الإسرائيلية خلال فترتي ولاية أوباما

كتب: أ ب

توسع المستوطنات الإسرائيلية خلال فترتي ولاية أوباما

توسع المستوطنات الإسرائيلية خلال فترتي ولاية أوباما

في كلمته الهامة إلى العالم العربي منذ 7 سنوات، حذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تقوض آمال السلام، وأعلن "آن الأوان لوقف هذه المستوطنات".

بينما يقترب أوباما من نهاية فترته الرئاسية، فإنه يترك خلفه رؤية لم تتحقق، حيث إنه لم يفشل فحسب في منع المستوطنات، بل إن فترة حكمه شهدت ازدهار البناء في الضفة الغربية والقدس الشرقية على الرغم من الإدانات المتكررة من البيت الأبيض.

وفقا لبيانات الحكومة الإسرائيلية التي حصلت عليها "أسوشيتدبرس"، دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بموجة من البناء في أثناء رئاسة أوباما توازي، وحتى تتجاوز حجم المباني التي تمت في ظل أسلافه في أثناء سنوات رئاسة جورج بوش الابن.

تظهر الأرقام محدودية التأثير الأمريكي على حليفتها المقربة والعزوف عن ربط الدعم المالي لإسرائيل بالاختلافات السياسية، وعلى الرغم من التحدي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمستوطنات وتاريخ طويل من الاحتكاك بين نتنياهو وأوباما، وقعت الدولتان اتفاقا مؤخرا يمنح إسرائيل 38 مليار دولار من المعونات الإسرائيلية الأمريكية على مدار 10 سنوات، وهو أكبر اتفاق من نوعه في التاريخ الأمريكي.

وقالت حنان عشراوي، وهي مسؤولة فلسطينية بارزة، إن رئاسة أوباما تمثل خيبة أمل بالنسبة لشعبها، وقالت إنه بعد الوعود المبشرة في كلماته في مصر وتركيا في عام 2009، وتعهده ببناء جسور مع العالم الإسلامي، "هناك انحدار منذ ذلك الحين".

وأضافت عشراوي أنها لم تفاجئ بالمرة من الأرقام، ورفضت الانتقادات الأمريكية باعتباره مداهنة كاذبة، وأضافت "لم يفعلوا شيئا لوقفها (المستوطنات)، بل على العكس كانوا يديرون وجوههم إلى الناحية الأخرى".

وتظهر أرقام الاستيطان التي تم الحصول عليها من مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن 12 ألفا و288 وحدة سكنية تم بدء العمل فيها في الضفة الغربية خلال فترة اوباما حتى 30 يونيو، وهي أحدث بيانات متاحة.

في النصف الأول من عام 2016 وحده، بدأ العمل في 1195 وحدة سكنية، وفقا لما أظهرته الأرقام التي نشرت هذا الأسبوع، واستنادا إلى هذه الوتيرة من البناء، يمكن أن يتجاوز العدد 13 ألف وحدة في غضون الوقت الذي يغادر فيه أوباما السلطة، ما لا يقل كثيرا عن 14636 بدأ العمل فيها خلال فترتي بوش في الرئاسة، وتظهر الارقام في القدس الشرقية، حيث يأمل الفلسطينيون أن تكون عاصمتهم قصة مماثلة.

وفقا للأرقام التي جمعتها منظمة (السلام الآن) المناهضة للاستيطان، تم البدء في إقامة 3915 وحدة خلال فترة أوباما اعتبارا من نهاية عام 2015، واستنادا إلى الاتجاهات الأخيرة، وبحلول الوقت الذي يغادر فيه أوباما السلطة، من المؤكد أن يتجاوز هذا الرقم 4191 وحدة كان قد تم البدء فيها خلال فترة رئاسة بوش.

تمكن أوباما من إقناع إسرائيل بالتجميد الجزئي للاستيطان في 2009 و2010، حيث أبطأت الاستيطان، علاوة على ذلك، كان الجانب الأكبر من الاستيطان محصورا في التكتلات الكبرى ومناطق في القدس تتوقع إسرائيل أن تحتفظ بها في ظل أي اتفاق سلام مقبل، ولكن بالنسبة للفلسطينيين، لا يمثل هذا التمييز أي فرق.

سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية إلى جانب قطاع غزة في حرب الشرق الأوسط في عام 1967، ويطالب الفلسطينيون بالمناطق الثلاثة لإقامة دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل، وهو موقف يحظى بدعم دولي واسع.

تعتبر الولايات المتحدة والفلسطينيون وتقريبا كل المجتمع الدولي المستوطنات غير شرعية وغير قانونية، كما ينظرون إليها على أنها عقبة أمام السلام، وضم إسرائيل للقدس الشرقية غير معترف به دوليا.

على مدى 5 عقود زاد سكان المستوطنات في الضفة الغربية ليصل عددهم إلى 400 ألف في عشرات المستوطنات، إضافة إلى 200 ألف آخرين في مناطق القدس الشرقية، وانسحبت إسرائيل من غزة في عام 2005 والقطاع تسيطر عليه حاليا منظمة حماس.

على الرغم من الموقف المتمثل في أن المستوطنات تمثل عقبة أمام السلام، يقول المسؤولون الأمريكيون إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، وأن المعونة العسكرية لا يمكن ربطها بالخلافات السياسية، ونقلت صحيفة "هاآرتس" اليومية عن جاكوب ناجل، مستشار الأمن القومي الإسرائيل، بالنيابة الذي تفاوض حول حزمة المعونة: "لم يتم حتى التلميح إلى الأمر في أثناء المناقشات".

في بيان يشير إلى الاتفاق، قال أوباما إن الولايات المتحدة سوف تستمر في الضغط من أجل حل الدولتين في الصراع العربي الإسرائيلي الذي طال أمده، على الرغم من الاتجاهات المقلقة على الأرض التي تقوض هذه الهدف.

رفض البيت الابيض أن يرد على أسئلة بشأن نجاح سياسته المتعلقة بالمستوطنات أو فشلها، غير أن مسؤولا بارزا في إدارة أوباما اعترف بأن المستوطنات استمرت في النمو إلى درجة كبيرة خلال سنوات أوباما، وقال إن الولايات المتحدة قررت عدم ربط حزمة المعونة بسياسة الاستيطان، خشية أن تؤدي مثل تلك التهديدات إلى تشجيع أعداء إسرائيل وتقليص احتمالات السلام.

رفض المسؤول أن يحدد ما إذا كان أوباما يعتزم اتخاذ أي إجراء خلال شهوره الأخيرة في السلطة، ولكنه ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية أن تدرس أمريكا باهتمام دعم قرار للأمم المتحدة ينتقد إسرائيل إذا ما جاءت مناسبة، ولم يكن مسموحا للمسؤول أن يتحدث عن الأمر وطلب عدم الكشف عنها.

وقال بيتر بينارت، وهو معلق أمريكي ليبرالي دأب على انتقاد المستوطنات، إن أوباما أضاع فرصة، واتهم الرئيس بأنه تخلى عن النفوذ الأمريكي بسبب الخوف من إغضاب لوبي "إيباك" الموالي لإسرائيل وحلفائه، وكتب بينارت في "هآارتس": "السياسية الأمريكية تجاه إسرائيل هي تمثيلية".

استمتع بوش بعلاقات دافئة مع رئيسي الوزراء أرييل شارون وإيهود أولمرت في أثناء فترة رئاسته من 2001 إلى 2009، غير أن أوباما كانت علاقته خلافية مع نتنياهو منذ تولى الاثنين السلطة في عام 2009، بيد أن الرئيسين اتخذا مواقفا مماثلة تجاه المستوطنات، بدون جدوى.

وقلل نتنياهو، وهو داعم للمستوطنين منذ وقت طويل، من أهمية الخلافات مع الولايات المتحدة باعتباره خلاف بين الأصدقاء، وفي الأسبوع الماضي أغضب حلفائه بمقارنة الدعوات الدولية لاقتلاع المستوطنات بالتطهير العرقي.

وقالت حاجيت عوفرون، وهي باحثة في منظمة "السلام الآن"، إن تأثير الرئيس محدود وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي هو الذي يقود سياسة الاستيطان، وأضافت أنه من المثير للمفارقة أن الاستيطان يميل إلى الزيادة عندما تجرى محادثات السلام، ومن الواضح أن ذلك يعود إلى أن المفاوضون يركزون على التوصل إلى اتفاق.

بصورة ما فإن انهيار المفاوضات خلال العامين الماضيين أدى إلى كبح جماح نتنياهو، وقالت "الآن ليست هناك عملية سياسية، ونتنياهو مكشوف، وكل ما يفعله يحظى باهتمام كبير".


مواضيع متعلقة