«العيدية».. مؤجلة لحين «ميسرة»

كتب: جهاد مرسى

«العيدية».. مؤجلة لحين «ميسرة»

«العيدية».. مؤجلة لحين «ميسرة»

انتهت تكبيرات العيد، وانقضت الصلاة، وحان وقت العيدية.. صغار ينتظرون آباءهم على أحر من الجمر للفوز بها، وزوجات يتظاهرن بعدم الاكتراث وهن يخططن لها من شهور مضت، لتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن ويخيب ظن الجميع، فالعيدية «فى خبر كان» لحين تحسن الظروف الاقتصادية.

ارتفاع الأسعار الذى يعانى منه المواطنون، وتزامن حلول عيد الأضحى مع موسم المدارس، كان له انعكاس على أهم الطقوس المرتبطة بالعيد وهى العيدية، فلم تعد موجودة كما كانت فى الماضى، فيحاول الأب منعها أو تقليل قيمتها إلى أقل حد عن أبنائه، ويتجاهل الزوج زوجته وكذلك الخطيب خطيبته، ويضيع أحد أهم مصادر الفرحة بالعيد تحت مبررات.. «ها نجيب منين»! «الظروف الاقتصادية بريئة منهم»، هكذا ترى «ياسمين عاطف»، ربة منزل، فالتحجج بقلة الدخل وضعف الإمكانيات ليس مبرراً للتخلى عن عادات جميلة، وموروثات شعبية كانت تنشر البهجة بين الناس ومحفورة فى الذاكرة: «ممكن العيدية تكون رمزية مش بنقول مئات الجنيهات، أنا متجوزة بقالى 8 سنين آخر مرة أخدت عيدية لما كنت مخطوبة».

{long_qoute_1}

تصف «ياسمين» تجاهل زوجها لمنحها عيدية بـ«استهبال»، على العكس من سلوك والدتها معها، التى تحرص على منحها عيدية كل عام، أما أبناؤها فلا تتنازل عن منح والدهم عيدية لهم بشكل منتظم: «صحيح هى ثابتة عند نفس المبلغ بقالها كام سنة، بس أحسن من مفيش».

«ده عيد لحمة مش فلوس»، هى الحجة التى باتت تسمعها «عزيزة جابر» من زوجها وحماتها تحديداً، فلماذا يهادون الصغار والأولى إهداؤهم لحمة!

تحكى «عزيزة» عن نقاش دار بينها وبين حماتها حول عيدية العيد الكبير تحديداً: «قالت لى طول عمر عيد الأضحى للحمة بس، أما العيدية فللعيد الصغير، ولما قلت لها بس الأطفال بيفرحوا بيها، قالت لى هايفرحوا أكتر بلقمة حلوة».

محاولات «عزيزة» لإقناع حماتها بأهمية العيدية باءت بالفشل، لكن محاولاتها للفوز بعيدية من زوجها أصرت عليها: «لازم آخد عيدية وأفرح بالعيد، لكن المشكلة إنها بتلف وترجع تانى للبيت، فتلاقينى بصرفها للولاد أو أتكفل ببند من مستلزمات المدارس، وأخفف الحِمل عن زوجى، أصل حرام الحمل عليه تقيل». اختفاء العيدية فى القرن الـ21 يعد غريباً فى ظل التكنولوجيا والتطور والحياة السريعة التى نعيشها، رغم صمودها ورسوخها فى المجتمع لفترات وعصور مختلفة، فيوضح سامح الزهار، الباحث والكاتب فى الآثار والتاريخ الإسلامى، أن العيدية ترجع إلى العصر المملوكى، وكانت تعرف آنذاك بـ«الجامكية»، وهى عبارة عن دنانير ذهبية وفضية كانت تصرف بأوامر سلطانية إلى الجنود خلال أيام العيد، فتوضع فى أطباق خاصة مزينة ومزخرفة وبجانبها حلوى، وبمرور الوقت وتعاقب الأجيال أخذت تتطور فى شكلها وقيمتها حتى انتهى بها الحال كما نعيش حالياً.


مواضيع متعلقة