«كبيش»: أى شخص يمكن أن يتحول إلى متهم فى دقائق.. والنيابة العامة تستدعى «المبلغ ضده» دون التحقق من صحة البلاغ أولاً

كتب: أحمد ربيع ورضوى هاشم

«كبيش»: أى شخص يمكن أن يتحول إلى متهم فى دقائق.. والنيابة العامة تستدعى «المبلغ ضده» دون التحقق من صحة البلاغ أولاً

«كبيش»: أى شخص يمكن أن يتحول إلى متهم فى دقائق.. والنيابة العامة تستدعى «المبلغ ضده» دون التحقق من صحة البلاغ أولاً

قال قانونيون وخبراء إعلام إنه لا يوجد أدنى مسئولية قانونية على وسائل الإعلام التى تقوم بنشر البلاغات، ولكن عليها أن تلتزم، فى حال النشر، بالتأكد أولاً من صحة تلك البلاغات ونقلها دون تحريف، فيما طالب أساتذة قانون بتغليظ عقوبة نشر البلاغات الكاذبة لتصل للحبس بدلاً من الاكتفاء بالغرامة. {left_qoute_1}

ووصف الدكتور محمود كبيش، عميد حقوق القاهرة الأسبق وأستاذ القانون الجنائى، البلاغات الكيدية بأنها «دمار للدولة»، موضحاً أن ظاهرة تقديم البلاغات لأتفه الأسباب زادت فى الفترة الأخيرة، والأخطر من ذلك أن جهات التحقيق ممثلة فى النيابة العامة تقوم باستدعاء الشخص المُبلغ ضده لسماع أقواله فيما تضمنه البلاغ دون أن تقوم بالتثبت منه أولاً.

وأضاف «كبيش» أنه يفترض أن تقوم النيابة العامة أولاً، وقبل اتخاذ أى إجراء ضد الشخص المبُلَّغ ضده، بالتأكد والتثبت من صحة البلاغ أولاً، فإذا ثبت أنه «كيدى» قامت بحفظه إدارياً، واستدعاء من قدم البلاغ لمساءلته والتحقيق معه لتقديمه بلاغاً كاذباً ترتب عليه تعطيل جهات التحقيق وسلطة الدولة، وتحريك الدعوى الجنائية ضده، موضحاً أنه للأسف مثل هذه البلاغات التى يثبت أنها «كيدية» يتم حفظها دون أدنى مساءلة لمن قدم البلاغ، ويكون الشخص الذى قُدم ضده البلاغ هو المتضرر بعد تشويه سمعته بالنشر فى وسائل الإعلام.

وقال عميد حقوق القاهرة الأسبق إن أى شخص يمكن أن يتحول لمتهم فى دقائق بمجرد تقديم بلاغ ضده دون أى مستندات ونشر هذا البلاغ فى وسائل الإعلام، لافتاً إلى أن نشر البلاغات والتحقيقات قبل إصدار أى حكم فيها يُعد إفشاء لسرية التحقيقات.

وأوضح أنه «للأسف الشديد لا يتم اتخاذ أى إجراء من قبَل النيابة العامة فى البلاغات الكيدية ضد مقدم البلاغ أو الوسيلة الإعلامية التى نشرت البلاغ، وفى حال لجوء الشخص المتضرر للنيابة العامة للإبلاغ عمن قام بتشويه سمعته، تقوم النيابة بحفظ البلاغ، معتبرة أنه قليل الأهمية، أو تكتفى بالإحالة لمحكمة الجنح التى تكون أقصى عقوبة فيها الغرامة التى لا تزيد على 15 ألف جنيه».

وطالب «كبيش» بضرورة إعادة عقوبة الحبس بدلاً من الاكتفاء بالغرامة فى البلاغات الكاذبة أو الكيدية، خاصة أن المعتدَى عليه فى مثل هذه البلاغات هو الدولة قبل الأفراد، لأن البلاغ الكاذب يعطل سلطات التحقيق.

من جانبه، قال المستشار فريد نصر، رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق، إن المسئولية الجنائية فى البلاغات الكيدية أو الكاذبة تقع على عاتق من بلّغ وليس من قام بنشر البلاغ فى وسائل الإعلام، مشيراً إلى أنه لا بد من قيام المبلَّغ ضده بعمل محضر إذا ثبت كذب البلاغ، وأضاف: «البلاغ الكاذب له شرطان لا بد من توافرهما، الأول أن تكون الواقعة التى تضمنها البلاغ مكذوبة، والثانى أن يكون هناك سوء قصد فى التبليغ، أى إن المُبلغ أراد الإضرار عمداً بمن بلغ عنه»، لافتاً إلى أن النيابة العامة هى التى تحدد إذا كان البلاغ كاذباً من عدمه، فإذا ثبتت صحة البلاغ اتخذت إجراءاتها بشأنه، وإذا ثبت كذبه فعلى من أضير أن يحرر محضراً ضد من اتهمه بوقائع كاذبة.

ولفت «نصر» إلى أن الصحافة والإعلام لهما دور تنويرى فى الكشف عن الفساد بنشر البلاغات التى تقدم لجهات التحقيق، ولا يجب تقييد حريتها فى ذلك، ولكن عليها أن تتحقق أولاً من شخصية مقدم البلاغ وأن يوقّع هذا الشخص على البلاغ وأن تلتزم الوسيلة الإعلامية بنشر نص البلاغ كما هو دون تحريف.

وأكد خبراء إعلام أن نشر البلاغات ليس فيه أدنى مسئولية على الصحفيين، ولكن يجب اتباع المعايير الإعلامية الصحيحة وميثاق الشرف الإعلامى فى هذا الشأن. وقال ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى، إن هناك قواعد لنشر البلاغات المقدمة للسلطات فى حق الأشخاص أو المؤسسات، أولها أن نشرها من عدمه مسألة تقديرية للصحيفة، ولكن فى حال النشر يجب التأكد وتوثيق البلاغ ودراسة ما ورد فيه من دوافع وأسانيد لمُقدم البلاغ ضد المقدم فيه، وإذا ما رأت الصحيفة جدية هذا البلاغ وأنه يتعلق بالمصلحة العامة، فإنها تقوم بنشره على أنه وجهة نظر المبلغ وليس حقيقة مطلقة، كما يجب عليها أن توضح وجهة نظر المشكو فى حقه، وتابع «عبدالعزيز» أنه إذا لم يلتزم الصحفى بذلك يكون قد اقترب من التشهير ويكون قد ارتكب خطأ فى الممارسة الصحفية، لكنه لا يقع عليه أى مساءلة قانونية.

وقالت الدكتورة نجوى كامل، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، إن نشر البلاغات يندرج ضمن حق الجمهور فى المعرفة ولزاماً على المؤسسات الصحفية نشره، وأضافت أنه نظراً لأن الوضع حالياً أصبح ملتبساً، ومن حق أى كان أن يتقدم ببلاغ للنائب العام وأن يكيل الاتهامات، لذا فإن الصحفى الذى ينقل ذلك يكون قد روّج للسب والقذف، وبذلك تنعكس المقولة ويصح أن «ناقل الكفر كافر» وعليه مسئولية أخلاقية وإن لم يكن عليه مساءلة قانونية، فالقانون لا يجرّم مثل تلك الممارسات.


مواضيع متعلقة