"علي" الطفل الوحيد لشهيد الشرطة "أيمن" راح ضحية الإهمال الطبي بالغربية

كتب: رفيق ناصف وأحمد فتحي

"علي" الطفل الوحيد لشهيد الشرطة "أيمن" راح ضحية الإهمال الطبي بالغربية

"علي" الطفل الوحيد لشهيد الشرطة "أيمن" راح ضحية الإهمال الطبي بالغربية

"كان آخر ما تبقى من رائحة والده الشهيد، تركه لنا أمانة قبل ما يرحل عن الدنيا، ولكنه سرعان ما لحق بأبيه"، بهذه الكلمات عبرت والدة الطفل "علي أيمن أبو النور" عن الحزن الذي يعتصر قلبها حسرةً على طفلها البالغ من العمر عامين و4 شهور، الذي فقد حياته نتيجة "الإهمال الطبي"، داخل قسم طب الأطفال بمستشفى طنطا الجامعي، ومن قبله زوجها "رقيب الشرطة"، الذي اغتالته يد الإرهاب قبل عامين في شمال سيناء.وبمرارة ملأت نبرة صوتها، تحدثت "فاطمة بدر محمد سليمان" عن مأساتها لـ"الوطن"، فقالت إن "علي" ابنها الوحيد من شهيد الشرطة "الرقيب أول" بإدارة المفرقعات في مديرية أمن شمال سيناء "أيمن أبو النور"، الذي استشهد في تفجير مدرعة بمدينة العريش عام 2014، واضافت: "كان عمر علي 4 شهور عندما استشهد والده، الشيء الوحيد الذي ساعدني على الصبر بعد رحيل زوجي، أن له طفل من صلبه يحمل اسمه ونشم فيه رائحته"، وتابعت بقولها: "يبدو أن الأطباء استكثروها علينا، وبسبب إهمالهم في علاج ابني علي، فارقنا هو الآخر ليلحق بأبيه.

{long_qoute_1}

"وأضافت "الأم الثكلى" أنه بعد أسبوع واحدة من اتمام ابنها عامه الأول، بدأ المرض يداهمه، وظهرت عليه أعراض التشنجات، مما نجم عنها إصابته بضمور في المخ، وكان يدخل في غيبوبة بين فترة وأخرى"، وتابعت أنه بسبب خطأ في التشخيص من بعض الأطباء، اعتقدوا في البداية أن ابنها مصاب بكهرباء زائدة في المخ، وظل على مدار عام كامل يتناول علاجاً لتلك التشنجات باعتبارها ناتجة عن كهرباء زائدة، إلى أن اكتشفوا أنه مصاب بمرض نادر في الدم ونقص البروتين في الجسم، وهو مرض وراثي، ينتج عنه جفاف في الجسم.

وتابعت بقولها إن حالة طفلها ظلت مستقرة على مدار عام و3 شهور تقريباً، ولكنها بدأت تتدهور قبل شهر، وأصيب جسمه بجفاف شديد ونقص في الوزن، وتم نقله إلى أحد المستشفيات الخاصة، وبعد استقرار حالته، تم تحويله إلى مستشفى طنطا الجامعي لاستكمال علاجه، وبالفعل تواصل الدكتور "م. ع."، بالمستشفى التخصصي، مع دكتورة تمثيل غذائي "أ. ر."، طبيبة بقسم الأطفال بمستشفى طنطا الجامعي، للإشراف على علاج الطفل، مبينةً أن نجلها خرج من المستشفى التخصصي وهو في حالة صحية جيدة، وتم نقله للمستشفى الجامعي، ولم يمر يومان على تواجده داخل مستشفى طنطا الجامعي، وتناوله أدوية "البروتين" التي صرفتها له الطبيبة، وبدأت حالته في التدهور مجدداً، وظهر على جسده مرض الحساسية والقرح، وأضافت: "رغم قيام زملاء تلك الطبيبة بتقديم النصيحة والمشورة لها بأن الأدوية التي يتناولها الطفل هي السبب وراء ظهور مرض الحساسية والقرح على جسمه، غير أنها لم تستمع إلى نصحهم، وأصرت على موقفها.

{long_qoute_2}

"كما أشارت "الأم" إلى أن الطبيبة منعت السوائل عن طفلها، ووصفت له جرعات مضاعفة من المضادات الحيوية ومخفضات الحرارة، ولم تخبرها بإصابة الطفل بالتهاب في الرئة، وكانت تصرف له نوعين من اللبن، بدعوى أن ذلك يساعد على زيادة وزنه، موضحةً أن "هذين النوعين عندما طلبتهما بحثنا عنهما كثيراً في مختلف الصيدليات، وتبين عدم توافرهما، وبالرجوع إليها، أعطتنا رقم هاتف طبيب من القاهرة، للتواصل معه لتوفير اللبن، وبالفعل تم شراء اللبن ثمن العبة الواحدة 480 جنيهاً، وتبين بعد ذلك أن هذين النوعين لا يصرفان فقط إلا من وزارة الصحة ومجاناً.

"وقالت إن حالة الطفل ازدادت سوءاً، وظهرت على جسده قرح حول وداخل الفم وعلى الشفتين، وطلبت الطبيبة شراء حقنة من الخارج، ثمنها 1900 جنيه، بحجة زيادة مناعة الطفل، ولم تمر سوى ساعات على إعطاء الحقنة للطفل، حتى ظهرت حروق في أنحاء متفرقة من جسده، ودخل في غيبوبة، وأصبح غير قادراً على التنفس، فقررت الطبيبة نقله إلى "مستشفى طنطا العالمي"، التابع لجامعة طنطا، حيث تم وضعه على أجهزة التنفس الصناعي في محاولة لإنقاذ حياته، ولكن باءت كافة المحاولات بالفشل، وتوفي الطفل في اليوم التالي من نقله للمستشفى، واختفت الورقة التي كتبت عليها الطبيبة اسم الحقنة، من ملف الطفل.

وأشارت "الأم" إلى أن طفلها "علي" هو ابنها الثاني الذي تفقده بسبب المرض، حيث أن شقيقه الأكبر "عمر"، توفي في الشهر الثالث من عمره، بسبب مرض في الأمعاء، وكان والده حينها على قيد الحياة، ولكنها أكدت أن وفاة "علي" بسبب "الإهمال الطبي" في مستشفى طنطا الجامعي، وقالت: "لقد ضحى أبوه بحياته دفاعاً عن وطنه، ومات ابنه بسبب الإهمال الطبي من قبل مسئولين لم يقدموا الرعاية الطبية اللازمة له، بل اعتبروه فأر تجارب لطبيبة قليلة الخبرة في الـ30 من العمر"، وطالبت بـ"القصاص" لطفلها، ومحاسبة كل من أهمل في علاجه وتسبب في وفاته.

ومن جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة طنطا، وعميد كلية الطب بالجامعة، الدكتور أمجد عبدالرؤوف، أنه علم بحالة الطفل "علي" عن طريق لجنة الوفيات والمضاعفات بمستشفيات جامعة طنطا، وليس عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن اللجنة تقدم تقارير طبية كاملة عن كل حالة توفيت داخل مستشفيات الجامعة، من أجل معرفة أسباب الوفاة، وقال إن "التشخيص المبدئي للطفل بين أنه مصاب بمرض نادر، يؤدي إلى زيادة نسبة الحموضة في الدم، ومن ضمن مضاعفات هذا المرض، انخفاض نسبة خلايا الصفائح الدموية في الجسم.

"وتابع رئيس المستشفيات، في تصريح لـ"الوطن"، أن الطفل كان مريضاً بنوبات صرع، وكان يعالج منها من خلال تناوله عقار، نتج عنه مضاعفات، ودخل قسم الأطفال بمستشفى طنطا الجامعي وبه تلك المضاعفات، والتي تسفر عن طفح جلدي في الجسم، وبمجرد دخول الطفل قسم الأطفال بالمستشفى، تم على الفور نقله إلى وحدة الوراثة، وأشرف على علاجه رئيس الوحدة بنفسه، إلى جانب عدد من كبار الأطباء، مبيناً أن العلاج الوحيد لتلك الحالات هي "حقنة IG"، ويتم حقنها في الوريد، وثمنها يتم توفيره من خلال التبرعات بالمستشفى، نافياً أن تكون أهلية الطفل هم من تحملوا ثمنها، وتم إعطاء الحقنة للطفل داخل العناية المتوسطة بقسم الأطفال، وأثناء ذلك تعرض الطفل لحالة من "الزرقة"، فتم على الفور نقله إلى العناية المركزة بقسم الأطفال في المستشفى العالمي، وتم وضعه على جهاز التنفس الصناعي، وبسبب النقص الحاد في الصفائح الدموية، إلى جانب مرضه النادر، حدث نزيف في الرئة، أدى إلى وفاته.

وقال "عبدالرؤوف" إنه يقدر مشاعر أسرة الطفل، مؤكداً أن "الطفل حصل على العلاج وفقاً للمواصفات العالمية"، وتحت إشراف ومتابعة من قبل أساتذة وأعضاء هيئة التدريس، لكن خطورة المرضى الخلقي "الوراثي" كانت السبب في الوفاة.

ومن جانب آخر، كشفت مصادر أمنية مسئولة بمديرية أمن الغربية أن مأمور مركز كفر الزيات، ووفد من مديرية أمن الغربية، توجهوا إلى أسرة الطفل بمنزلهم، لتقديم واجب العزاء لهم في وفاة الطفل، كونه "ابن شهيد"، وأن المديرية تقدم كافة أوجه الرعاية والمساعدة إلى الأسرة وبجوارهم في أي موقف تتخذه.


مواضيع متعلقة