د. على جمعة
الدكتور على جمعة مفتى مصر الفذ استطاع طوال فترة ولايته لمنصبه أن يضرب نموذجاً لمتطلبات هذا المنصب الحساس الذى ازداد أهمية عقب صعود تيار الإسلام السياسى للحكم.
د. على جمعة مفكر إسلامى وسطى معتدل، وعالم جليل له أبحاثه ودراساته، تتلمذ على أيدى العديد من الشيوخ والمفكرين إلا أننى أعرف عن قرب أنه تأثر وبقوة بأفكار ومواقف وكتابات الشيخ الجليل محمد الغزالى، خاصة فيما يتعلق برفض أفكار الغلو المغلوطة المتأثرة بما سماه الشيخ الغزالى «فكر البداوة المستورد».
واستطاع د. على جمعة أن يجعل من منصبه وسيلة رائعة لدعم الأعمال الإنسانية، فقام بتأسيس جمعية مصر الخيرية التى شكلت إضافة حقيقية لنوعية الأعمال الخيرية فى مصر من منظور دعم المبادرات الشخصية والتعليم والصحة والبحث العلمى.
تحمل الرجل الكثير من الانتقادات وناله ما ناله من المظالم والادعاءات لكنه ظل صامداً من أجل دعوة الخير ونشر الفكر الوسطى المعتدل.
وأخطر ما فى منصب الإفتاء فى أى بلد إسلامى معاصر هو إلى أى مرجعية فكرية يستند الإفتاء وتتم عملية الفتوى؟
من الممكن أن يذهب به فكر الفتوى إلى أقصى درجات الغلو إلى الحد الذى يمكن أن يحول أى مجتمع متسامح إلى مجتمع ظلامى متطرف لا يعترف بالآخر ولا يختار من الأمور أيسرها.
ويوم 3 مارس المقبل يكون الدكتور على جمعة قد أمضى عشر سنوات فى منصبه قام خلالها بتأهيل أجيال واعية ومتطورة فى دار الإفتاء المصرية.
وقبل أن يترك منصبه، شخص الدكتور على جمعة أزمة مصر هذه الأيام بأن الداء الذى تعانى منه البلاد هو داء التناحر الشخصى والسياسى وأن الناس يبحثون عن خدمة مصالحهم الشخصية والحزبية دون مراعاة لمصالح الوطن العليا.
إن مصر اليوم تتعرض لعواصف من الأفكار المضطربة البعيدة عن سماحة ووسطية الإسلام ونحن بحاجة إلى مؤسسات بحثية ودينية ورجال لديهم القدرة على مجابهة هذه العواصف بالفكر والموعظة الحسنة.