القليوبية: بنوك الدم أعلنت إفلاسها وأهالى المرضى «كعب داير»

القليوبية: بنوك الدم أعلنت إفلاسها وأهالى المرضى «كعب داير»
تشهد بنوك ومستشفيات وزارة الصحة بمحافظة القليوبية حالة من «فقر الدم» الشديد، حيث تؤكد المؤشرات وجود تدهور شديد فى المخزون الاستراتيجى للدم، مما يتسبب فى معاناة كبيرة للمرضى وذويهم الذين يلفون «كعب داير» على البنوك بجميع المحافظات لتوفير كيس دم لمريضهم، وفى حال توافره يحصلون عليه بأسعار باهظة، ناهيك عن المعاناة الأكبر للحصول على كيس لفصيلة نادرة لا توجد إلا بالقاهرة.
ومع كل طلعة شمس، تتعرض حياة آلاف المرضى بالمحافظة للخطر، بعد أن عجزت أغلب المستشفيات، بل كلها عن توفير قطرة دم، تنقذ حياتهم من الموت، لتبدأ رحلة عذاب الأهالى ومعاناتهم اليومية، بعد أن حمّلهم الأطباء عبء البحث عنه فى شكل مجموعات تجوب المستشفيات وبنوك الدم المختلفة، لكن دون جدوى، فغالباً ما تنتهى محاولاتهم بالفشل وتسوء حالة المرضى.[Image_2]
وبالرغم من الجهود التى تبذلها الدولة لتوفير كيس دم داخل بنوك الدم بالمستشفيات العامة لمصابى الحوادث والعمليات الجراحية التى تحتاج إلى نقل الدم.. فإن الواقع يكشف أن مصر تحتاج إلى توفير مليونين و700 ألف كيس دم، المتوافر منها حالياً لا يتعدى بالكاد مليوناً و200 ألف، أى أقل من 50%، مما يعرّض المرضى لخطر شديد، خصوصاً مرضى الدم، حيث إن حياتهم مرهونة بنقل الدم مرتين شهرياً.
أهالى المرضى يؤكدون أن معاناتهم مع بنوك الدم والمستشفيات بدأت بعد ثورة 25 يناير، فقد استنزفوا أوقاتهم وإمكانياتهم فى الحصول على الدم بمشتقاته المختلفة من بلازما وصفائح بأى ثمن لإنقاذ حياة أهلهم من المرضى، وقاموا بطَرْق كل الأبواب وجميع الأماكن، ولم يحصلوا عليه فى الوقت الذى يحتاج إليه بشدة مرضى الكبد والعمليات وحالات النزيف والحوادث، الذين تظل أرواحهم مرهونة بقطرة دم واحدة.
وأرجع الأهالى أسباب المشكلة إلى فقد الثقة فى حملات التبرُّع بالدم، لبيعه لهم فى أوقات الشدة، مع أنهم يتبرعون به مجاناً للبنك، علاوة على سوء الحالة الاقتصادية، وما ترتب على ذلك من سوء فى التغذية، نتيجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية، إضافة إلى تدهور الحالة الصحية بشكل جعلهم يتهرّبون من التبرُّع بالدم كعمل خيرى كان محبّباً إلى النفس من قبل.
ويقول إبراهيم خاطر، من بنها، إن «نقص الدم بالمستشفيات مؤشر خطير، ظهر أثره عندما قرر أطباء مستشفى بنها الأميرى نقل 3 أكياس دم فصيلة (B+) إلى زوجتى التى تعرّضت لنزيف حاد عقب الولادة، ونظراً لعدم توافر الدم بالمستشفى وخطورة حالتها قسّمنا أنفسنا إلى مجموعتين من 6 أشخاص وخرجنا للبحث عن الدم فى كل مكان بمستشفيات الأطفال التخصصى والجامعة وطوخ الأميرى وبنك الدم بأسنيت وحتى القاهرة، لكننا لم نجده، تاركين زوجتى على سرير المستشفى بين الحياة والموت».[Quote_1]
ويقول رامى جمال، شقيق المريضة: «عرضنا تبرُّعنا بدم بديل لأحد المستشفيات مقابل الحصول على أكياس الدم المطلوبة لكن لم يستجب أحد». وأوضح محمود سليمان أن المشكلة هى أن مرضى المستشفيات الخاصة يباع لهم الدم بأسعار مرتفعة رغم أنهم من شريحة الغلابة، ولا يجدون أماكن خالية بالمستشفيات الحكومية، ولهذا دخل شقيقى مستشفى خاصاً ببنها لإصابته فى حادث، وقرر الأطباء حاجته إلى نقل الدم، وبدأنا رحلة البحث حتى حصلنا على الدم مقابل 110 جنيهات للكيس، مشيراً إلى أن سبب الأزمة يرجع إلى قلة المتبرّعين بالدم وقيام المستشفيات ببيعه لهم فى أوقات شدتهم، فضلاً عن سوء التغذية وتدهور حالتهم الصحية.
حاولنا التعرُّف على حجم المشكلة من المسئولين وكيفية توفير أكياس الدم ببنك الدم الرئيسى ببنها والبنوك الفرعية الـ10 الموجودة بالمحافظة، واعترفت الدكتورة سهام إبراهيم مديرة بنك الدم الرئيسى بالمحافظة والمقام بقرية أسنيت على طريق (بنها - المنصورة)، بأن البنك رغم إنشائه حديثاً فى مارس 2012 على مساحة 600 متر، فإنه يواجه أزمةً حقيقيةً فى نقص الدم، خصوصاً بعد الثورة لانشغال الناس بمشكلات حياتهم اليومية، وما ترتب عليها من إحباط معنوياتهم نحو التبرُّع. وأشارت إلى أن البنك حريص مع سائر الجهات المختلفة من حكومة وجمعيات أهلية على تحفيز المتبرّعين بالدم، باعتباره واجباً وطنياً. وكشفت عن بدء تنظيم حملات بالتنسيق مع جمعية «رسالة» الخيرية لتجميع الدم من أماكن التجمّعات المختلفة.
وأرجعت الدكتورة سهام إبراهيم سبب مشكلة نقص الدم إلى زيادة أعداد المرضى واحتياجهم إليه بشكل فاق كل الإمكانيات المتاحة بالمستشفيات وبنوك الدم، لافتة إلى أن البنك يخدم 12 مستشفى مركزياً، إضافة إلى مستشفيات الحميات وبنها التعليمى والجامعة والمستشفيات الخاصة، بتوفير الدم بمشتقاته من بلازما طازجة ومجمّدة تفيد فى حالات الفشل الكبدى وصفائح و«CRYO» يفيد فى حالات الهيموفيليا، وذلك بالمجان للمستشفيات الحكومية، وبسعر رمزى للمستشفيات الخاصة.
وأكد الدكتور زكريا عبدربه أن المشكلة فعلاً خطيرة جداً وفى غاية الأهمية وتحتاج إلى تحرُّك سريع من قِبل الدولة، بسبب إحجام المواطنين عن التبرُّع، ولعدم وجود الوعى فى عملية التبرُّع بالدم، وأهميتها، وأن الدماء التى يتم التبرُّع بها تعادل أقل من 50% فقط من الاحتياج الفعلى، ويتم تغطية الباقى من بنك الدم الرئيسى بالقاهرة، ويكون هذا على حساب أماكن أخرى.
وطالب وكيل الوزارة المواطنين بضرورة التبرُّع بالدم، حيث يوجد بنك دم رئيسى ببنها و4 بنوك فرعية فى طوخ والخانكة تقوم بمتابعة عملية التبرع بالدم وتوزيعه، إضافة إلى 10 بنوك فرعية بالمستشفيات المركزية لا تقوم بقبول التبرّع، لكن تنقله إلى المحتاجين، مشيراً إلى أنه بالنسبة لمشكلة الفصائل النادرة، وهى بصفة عامة جميع الفصائل السالبة، ليس لها حل إلا إقبال المواطنين على التبرُّع وعدم الخوف. وأوضح «عبدربه» أنه يجرى فحص المتبرّع والتأكد من خلوه من الأمراض الوبائية الخطيرة مثل أمراض الكبد والفشل الكلوى والسرطان، مشيراً إلى أن التبرع لا يؤثر على صحة المواطن، ولكن بالعكس يُنشط نخاع العظام بإنتاج كرات دم جديدة.[Quote_2]
وأكد وكيل الوزارة أنه بالنسبة للمرضى الذين يلزم لهم عمليات غير طارئة بالمستشفيات العامة يجب على ذويهم التبرّع بكميات مناسبة من الدم قبل إجراء الجراحة، وقبل دخولهم المستشفى، إضافة إلى مناشدة أهالى المصابين فى الحوادث بالتبرُّع بكميات مناسبة.
وأضاف وكيل الوزارة أن المديرية اتخذت عدة إجراءات لاحتواء أزمة نقص الدم وتوفيره للمرضى، وذلك بإطلاق حملات بالتنسيق مع الجهات المختلفة من مصانع وشركات ومساجد، إضافة إلى جامعة بنها التى وافق رئيسها الدكتور على شمس الدين، على دخولها مؤخراً لجمع تبرُّعات الدم من الطلبة، مشيراً إلى أن هذه الحملات ستأتى بنتائج مُرضية بعد أن تم الإعداد لها وتحفيز العاملين بها على التبرُّع، بخلاف دعم بنك الدم ومساعدته بالتنسيق مع الدكتورة عفاف أحمد مدير عام خدمات نقل الدم القومية بالعجوزة، بتوفير القوى البشرية له من أطباء وتمريض ومحفزين وفنيى معامل، إلى جانب ما يوفره البنك الرئيسى من «قرب» وأكياس وعصائر وبسكويت للمتبرعين والكيماويات اللازمة للتحاليل والمطهرات والسيارات الخاصة بتجميع الدم فى الحملات. وناشد وكيل وزارة الصحة الأهالى التبرُّع بالدم فى أوقات الرخاء والصحة، حتى يجدوه فى أوقات الشدة والمرض.