أكوام «النفايات الطبية» الخطرة فى شوارع الشرقية.. عادى جداً

كتب: نظيمة البحراوى وأحمد محمود

أكوام «النفايات الطبية» الخطرة فى شوارع الشرقية.. عادى جداً

أكوام «النفايات الطبية» الخطرة فى شوارع الشرقية.. عادى جداً

أجزاء من جلود المرضى، سرنجات مستعملة، محاليل وردية، أكياس الدم الفاسد، أدوات عمليات، شاش وأقطان وملابس عمليات ملطخة بالدماء.. هذه هى تفاصيل مشهد تراكم النفايات الطبية الخطرة الناتجة من مستشفيات محافظة الشرقية العامة والخاصة، إضافة إلى العيادات، وهو مشهد انتشر بشوارع المحافظة التى تحوّلت إلى مرتع للقطط والحيوانات الضالة، ليكونوا أسرع وسائل نقل العدوى والأمراض المصاحبة لهذه النفايات، بخلاف إقدام البعض على حرقها لتنبعث منها روائح مسبّبة للعديد من الأمراض. وتواجه المستشفيات التى يوجد محارق بها مشكلة أخرى تتمثل فى تعطّلها، مثل تعطل محرقة مستشفى «القنايات المركزى»، كما أن تلك المحارق غير مطابقة للمواصفات ومتهالكة، ويأتى فى مقدمتها محرقة النفايات الخاصة بمستشفى جامعة الزقازيق التى تتراكم بجوارها أكوام النفايات.[Image_2] وكشف مصدر لـ«الوطن» عدم إحراق كل النفايات الطبية داخل المحرقة، وخروج بعض هذه النفايات خارج الجامعة، ويتبين ذلك من خلال التناقُض فى استخدام أسطوانات الغاز الخاصة بالحرق، فمثلاً يجرى استخدام 500 أسطوانة كبيرة الحجم فى العام، فى حين أنه من المفترض استخدام أكثر من 1500 أسطوانة لحرق كمية النفايات الموجودة بها، التى تصل إلى 2 طن يومياً. ويوضح المصدر أنه كان يجرى حرق النفايات الطبية الخطرة فى هذه المحرقة منذ عام 1982 حتى 2003 إلى أن تم جلب مفرمة للنفايات الطبية، وصلت تكلفتها إلى مليون جنيه، ثم أجريت محاولة للتعاقد على محرقة جديدة لحرق النفايات الطبية تصل تكلفتها إلى 300 مليون جنيه، مشيراً إلى أنه بذلك يمكن الاستغناء عن مفرمة النفايات، وذلك لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن. ورصدت عدسة «الوطن» تراكم النفايات والمخلّفات الطبية بشوارع مدينة الزقازيق، فعلى بُعد أمتار قليلة من مجلس مدينة الزقازيق، وبجوار حديقة «الطفولة»، تناثرت أكوام المخلفات والنفايات بشكل أدى إلى حالة من الاستياء والغضب بين المارة. وقال الحاج فوزى شعبان، صاحب محل عصائر بميدان المحطة بالزقازيق، إن الأهالى وأصحاب المحلات وسائقى السيارات الأجرة عادة ما يلجأون إلى حرق أكوام القمامة التى تتراكم حولهم، متسائلاً: هل ينتظر المسئولون «معدومى الضمير» حتى يقوم الأهالى بإحراق النفايات الطبية بأنفسهم، على الرغم من خطورتها وما تسببه من أمراض. وقال محمد عبدالجليل (37 سنة) موظف بمحكمة الزقازيق الابتدائية: «مش كفاية الزبالة حوالينا فى كل مكان، إحنا ناقصين المخلفات الطبية اللى هتجيبلنا الأمراض»، مستنكراً إلقاء تلك النفايات بالشارع، خصوصاً أنها لا تبعد سوى مسافة قصيرة عن مكاتب المسئولين بمجلس المدينة، الذين كعادتهم ينتظرون حتى تقع الكارثة ثم يتحركون دون جدوى.[Quote_1] أما سناء خليل موظفة بالمحافظة، فسارعت بجذب ابنتها الصغرى رُفيدة (6 سنوات) لتبعدها عن النفايات التى كادت تدهس عليها أثناء عبورها الطريق، ولم تردد سوى كلمة واحدة هى «حسبى الله ونعم الوكيل». «أى مستشفى أو عيادة يثبت أن القائمين عليه يتخلصون من النفايات الطبية الناتجة عنه بطرق غير قانونية بإلقائها فى حاويات القمامة والشوارع سيُغلق بشكل فورى»، هذا ما أكده الدكتور إبراهيم هنداوى وكيل وزارة الصحة بالشرقية، مشيراً إلى أنه تلقى العديد من الشكاوى بإلقاء المخلّفات الطبية بالشوارع، لكنه نفى أن تكون ناتجة عن المستشفيات العامة التابعة للوزارة، وإنما تنتج عن بعض المستشفيات والعيادات الخاصة. وقال «هنداوى» إن عدد المستشفيات بالمحافظة 25 مستشفى عاماً ومركزياً ويوجد 14 محرقة، بخلاف المحرقة الخاصة بمستشفيات جامعة الزقازيق للتخلص من النفايات الطبية الخطرة، مشيراً إلى أنه يجرى حرق 70 طناً فى الشهر من خلال تلك المحارق. وتابع: هناك بعض المستشفيات لا يوجد بها محارق، مثل مستشفى مشتول السوق وديرب نجم، إضافة إلى تعطُّل المحرقة الموجودة بمستشفى القنايات المركزى، لافتاً إلى أنه يجرى حرق النفايات الناتجة بها بمحارق المستشفيات القريبة منها. وأضاف أنه يوجد بالمحافظة 6 سيارات مجهزة لنقل النفايات الطبية بطريقة آمنة، وهو عدد غير كافٍ، مما دفعنا إلى مخاطبة وزارة الصحة من أجل إمداد المحافظة بسيارتين أخريين.[Quote_2] وأوضح «هنداوى» أن نظام حرق النفايات يحتاج إلى مراجعة لتلافى أى أخطاء تنتج عن الاستخدام الخاطئ، وكذلك عدم مطابقة المحارق للمواصفات، وسوء تحديد أماكنها، ضارباً مثالاً بمحرقة مستشفى جامعة الزقازيق، وقال إنها «قديمة ومتهالكة ولا يوجد غرفة لحفظ النفايات بها مطابقة للمواصفات ولا توجد الأكياس الحمراء الخاصة بجمع النفايات الطبية الخطرة التى يجرى جمعها عشوائياً، إضافة إلى وقوعها بجوار مستشفى القلب والصدر ومستشفى الطلبة، مما يؤثر بشكل سلبى على صحة المرضى»، مشيراً إلى إنه تم إرسال تقرير بهذه المخلفات إلى وزير الصحة من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة بنقله وتوفير محرقة أخرى، كما جرى التنسيق مع محافظ الشرقية المستشار حسن النجار من أجل إنشاء مجمّع للمحارق بالصحراء بمركز الصالحية ونقل كل المحارق بها للتخلص من النفايات بعيداً عن المناطق السكنية. وقال الدكتور سالم الديب مدير عام مستشفيات جامعة الزقازيق، إنه حال عدم إحلال وتجديد محرقة النفايات الخاصة بمستشفيات الجامعة سيشهد المستقبل القريب كارثة محققة نظراً لعدم كفاءة المحرقة الحالية، موضحاً أن الجامعة وفّرت المبالغ اللازمة لشراء محرقة جديدة، ولكن لم يتوفر المكان المناسب الذى سيتم وضعها به. وأشار إلى أن إدارة الجامعة تقدّمت بعدة شكاوى وطلبات لتوفير المكان، وتم تحديد مكان أكثر من مرة، مثل المكان المجاور لمطبعة الزقازيق، إلا أن وزارة البيئة رفضت، لوجودها بجوار منطقة سكنية، كما تم تحديد مكان مجاور لكلية الطب البيطرى، إلا أن مجلس إدارة الكلية رفض أيضاً، وهو ما أدى إلى استمرار الوضع كما هو، لتزداد مخاطر المحرقة الحالية.[Quote_3] وتابع «الديب»: «هناك بعض التجار والمنتفعين ممن يتاجرون فى المخلفات والنفايات الطبية بطريقة غير آمنة، ويعملون على إعادة تدويرها»، مشيراً إلى أن ما يساعد على ذلك هو عدم كفاءة المحارق والاتجاه إلى التخلُّص من النفايات خارج المستشفيات. وأوضح أن هناك نوعين من المخلفات الطبية، نفايات عادية لا تحتوى على نفايات مُعدية أو كيماوية خطرة أو مشعة، وإذا اختلطت ببعض النفايات الطبية الخطرة (مواد مشعة- إبر- دم) تُعامل معاملة النفايات الخطرة، أما النفايات الطبية الخطرة فهى التى تنتج من مصادر ملوثة أو محتمل تلوثها بالعوامل المعدية أو الكيماوية أو المشعة، وتشكل خطراً على الفرد والمجتمع والبيئة أثناء إنتاجها وجمعها أو تداولها أو تخزينها أو نقلها أو التخلص منها.