الزحف على العاصمة الإدارية الجديدة يبدأ بـ«باكيات الغلابة»

الزحف على العاصمة الإدارية الجديدة يبدأ بـ«باكيات الغلابة»
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»
«باشتغل فى العاصمة الإدارية الجديدة»، تستوقف العبارة كل من يسمعها، يبتسم صاحبها قبل أن يسترسل «إحنا أول ناس عمرنا المنطقة هناك»، يخيل لمحدثه أنه أحد مهندسى المشروع أو عمال المنطقة، يلاحقه بأسئلة حول العاصمة وما تم الانتهاء منه وخطة إنجازها، فيقاطعه ضاحكاً: «حيلك حيلك، أنا من عمال الباكيات، ماليش علاقة بالمشروع، بس بخدم اللى بيشتغلوا فيه». {left_qoute_1}
عرفت الباكيات طريقها إلى العاصمة الإدارية الجديدة، قبل أن تعرف العاصمة نفسها العمار، فقبل 13 شهراً فقط لم يكن هناك ما يسمى العاصمة الإدارية، مجرد صحراء جرداء على امتداد 700 كم، تحولت فى غضون العام، وتحديداً الثلاثة أشهر الماضية إلى خلية نحل، عمال ومهندسون ومعدات وأدوات وحفر وبناء، أسياخ حديد تشق الأرض، وخضرة بدت تمتد على مرمى البصر، وماكينات علا صوتها ليلتهم أصوات العاملين ونداءاتهم على بعضهم البعض، بين كل هذا برزت الباكيات الخشبية، تبدو للغريب عن المشروع تشويهاً، لكنها فى حقيقة الأمر جزء لا يتجزأ من المنظومة، إذ وجد عدد من البسطاء فى المنطقة الخاوية نواة رزق، نزحوا إليها وبنوا بعروق خشبية بسيطة باكيات لبيع المشروبات الساخنة والسندوتشات لعمال المنطقة ومهندسيها، على أمل أن ينتهى المشروع وتبدأ معه حياتهم الجديدة فى العاصمة الحلم.
9 ساعات هى مدة الوردية الأولى للعمل فى العاصمة، «الوطن» رافقت أصحاب الباكيات على مدار وردية كاملة، عاشت معهم الظروف المعيشية الصعبة التى تقابلهم فى موقع المشروع القومى، فى ظل أشعة الشمس الحارقة، وندرة مياه الشرب، وغياب استراحات مجهزة وعربات إسعاف، وفى نهاية كل يوم بعد غروب الشمس وانتهاء الوردية الأولى، يستعدون لرزق جديد من عمال الوردية الجديدة فى نفس أماكنهم.
{long_qoute_1}
الثامنة صباحاً، العمال يتقدمون بخطوات ثابتة نحو مواقع العمل المقسمة إلى 11 موقعاً، لتبدأ ملحمة العمل على مدار اليوم، يشيدون العمارات، يرمون الأساسات، ويقومون بأعمال الخرسانة فى موجة حر شديدة، وبالقرب من أغلب المواقع يقف البائعون البسطاء داخل الباكيات فى انتظار عامل.
محمد عطرة، أحد أصحاب باكيات «الغلابة» بموقع عمل 6 فى العاصمة الإدارية الجديدة، جاء من الصعيد إلى القاهرة أملاً فى فرصة عمل فى المشروعات القومية بعد ثورة 30 يونيو، لكن لكبر سنه التى تجاوزت 51 عاماً لم يجد فرصة عمل حقيقية بين العمال الشباب بالمشروعات الضخمة، ما دفعه لأن يذهب إلى العاصمة الجديدة بعد بدء العمل فيها بشهرين، مقرراً بناء باكية من ألواح خشبية متهالكة وقديمة، يبيع بداخلها المأكولات الشعبية والمشروبات للعمال، ويقول: «ماكنتش فاكر إن الدنيا هتبقى مريحة كده، أنا بعمل طعمية وفول وبطاطس وشاى وقهوة، وببيع حلويات كمان، لكن اللى بيشترى منى مش كتير خالص زى ما كنت فاهم، لأنى اكتشفت إن المشروع بيوفر لعمال البناء وجبات فطار وغداء واحتياجهم ليَّا مش كبير».
لم يتوقع الرجل الخمسينى بعد سماعه أخباراً متداولة عن بداية العمل فى المشروع القومى بالصحراء، بأن وجوده فى المكان لا يأتى بفرصة رزق كما تخيل، لكن يتبدل الحال: «عمال الصبح بيشربوا من عندى شاى وقهوة بس، لكن قليل برضه، وفيه ناس قليلة جداً اللى بتاكل من عندى الصبح، الشغل كله بيكون مع عمال بالليل هما اللى بييجوا ياكلوا من عندى عشان عدد ساعات الشغل بتاعتهم أكبر من عمال الصبح، وبيجوعوا بعد وجبة المشروع اللى بيوفرها ليهم».
«محمد» أب لـ3 أبناء، كان يتركهم مع زوجته طوال سنوات كثيرة، كان يخرج للبحث عن عمل فى مواقع متنوعة دون جدوى، حتى جاءته فكرة «باكية» بيع المأكولات والمشروبات بموقع العاصمة الإدارية، فترك أبناءه لشقيقته الأصغر فى المنيا، واصطحب زوجته فقط فى مكان رزقه الجديد، خوفاً على أبنائه من الصحراء وفقر الخدمات داخل الموقع: «الشركات بتوفر للعمال اللى تبعهم مواصلات تجيبهم الموقع وترجعهم، حتى عمال اليومية فيه أوتوبيسات بتوصلهم لحد بيوتهم، لكن اللى زى حالاتنا مجبرين نفضل فى مكانا، لأن أكل العيش مر وكمان رزقنا كله بيبقى بالليل مع عمال الوردية التانية، وجبت معايا مراتى عشان تساعدنى فى عمل الأكل وتبقى معايا إيدينا فى إيدين بعض عشان نقدر نكفى مصاريف العيال».
يسافر «محمد» وزوجته إلى أبنائهما كل يوم جمعة، وأحياناً يبقيان أسبوعين دون راحة داخل الموقع لضغط العمل فى وردية المساء: «أختى الله يخليها ليَّا هى اللى شايلة عيالى، بقالى شهر فى المكان ومش خايف عليهم، لأنها مش بتخلف ومعتبراهم عيالها وقررنا تربيهم واحنا نشوف أكل عيشنا، لأن مصاريف العيال كتير والحاجة كل يوم بتبقى غالية ومفيش شغل فى البلد، واللى بييجى من عمال المشروع كله على بعضه فى اليوم 45 وأحياناً 60 جنيه، يعنى يا دوب مصاريف العيال».
ظروف صعبة يعانى منها «محمد» كباقى عمال المشروع، فالمكان بلا خدمات، وأهمها ندرة المياه التى يعانى من قلتها وعدم إيجادها بسهولة: «فيه هنا عربيات ميه بتعدى علينا، لكن أحياناً بنقعد فى المكان من غير ميه، بسبب تأخير عربيات الميه اللى بنشرب منها، وأكتر وقت بتعذب فيه أنا ومراتى الصبح لأن درجة الحرارة بتبقى عالية جداً ومابنقدرش نتحمل»، لم يبال أحد داخل المشروع ببناء «محمد» باكية بألواح خشبية بالقرب من موقع العمل، واستخدامه هو وزوجته دورات مياه عمال المشروع، وتخزين مياه صالحة للشرب من عربات المياه التى تأتى لعمال الموقع، بحسب «محمد»، يقول: «مفيش حد فى المكان بيقطع عيش حد، أنا واحد جاى هنا أسترزق ومش بضايق حد، لا بعمل إشغالات طريق لأن المكان كله صحراء وأنا قريب شوية عن منطقة العمل، فى النص بين الصحراء والعمار اللى من ناحية طريق السويس، وبالنسبة لنومتى بالليل فمحدش بيكلمنى عنها لأنى بخدم عمال وردية بالليل لما بييجوا وكلنا بنساعد بعض، وبعدين مش أنا لوحدى بس اللى فاتح باكية بيع للعمال، فيه أكتر من 4 وناس غلابة زى حلاتى مقسمين نفسهم فى مواقع تانية بالمشروع، لكن أنا أول واحد فتحت باكية وخدمت عمال المشروع».
6 سنوات، المدة التى حددها الرجل البسيط فى البقاء بنفس المكان داخل الباكية الصغيرة لحين الانتهاء من مشروع بناء العاصمة الإدارية كما يسمع من أخبار، أملاً أن يوفر له الرئيس «السيسى» مكان «أكل عيش» حسب وصفه، يكون ملكه داخل العاصمة الإدارية بعد عمارها فى عام 2022، فيقول: «المفروض المشروع يخلص وبعد العذاب اللى شفته ولسه هشوفه هنا الريس يوفر لى مكان، إن شاء الله كشك صغير وأجيب عيالى ونعيش هنا، ويبقى لينا باب رزق من غير بهدلة، لأنى أول واحد بنيت باكية وجيت المشروع قبل أى حد».
بجلبابه الرمادى وعمته البيضاء، يقف جمعة شحاتة (45 عاماً)، وسط باكيته الخشبية بالقرب من موقع عمل 3 بالعاصمة الإدارية الجديدة، جاء من بنى سويف منذ 25 يوماً، لبيع السجائر وكروت الشحن لعمال المشروع، موفراً لهم 6 أزيار مياه صالحة للشرب فى الخير: «عمال اليومية فى المكان حالهم أصعب من المهندسين والمشرفين فى الموقع اللى مخصص ليهم كرفانات مكيفة يقدروا يقعدوا فيها ويستريحوا، لكن العمال الغلابة اللى زى حالاتنا شقيانين، والمكان كله صحرا عشان كده فكرت أبيع لهم السجائر وكروت شحن طول فترة شغلهم وأسترزق، وآخد ثواب فيهم بالميه اللى بملاها بنفسى وأحطها فى الزير عشان يشربوا منه من غير فلوس».
لا يهتم «جمعة» بالصعوبات التى تواجهه طوال فترة وقوفه داخل الباكية، كل ما يؤرقه هو همّ أجرة «التروسيكل»، المواصلة التى تدخله إلى موقع العمل بـ35 جنيهاً يومياً: «فضلت 10 أيام بدفع كل يوم 70 جنيه رايح جاى من العاصمة الإدارية لحد أقرب عمار ليها على طريق السخنة، ولما لقيتها مش جايبه همها جبت عيالى ومراتى وقعدتهم معايا، ودخلّت نور فى باكية من كابينة كهرباء المشروع بالاتفاق مع العمال والمهندسين عشان آخدهم، فى مقابل أبيع ليهم السجاير وكروت الشحن وأخزن ليهم ميه من العربيات فى الزير كل يوم، عشان تسند مع الميه اللى أحياناً مابتجيش».
80 جنيهاً، المبلغ الذى يتقاضاه الرجل من بيع السجائر والكروت يومياً لعمال المشروع، الأمر الذى دفعه لأن يتحمل صعوبة ومشقة المعيشة داخل موقع العمل، أملاً فى حياة أفضل: «على قد ما الدنيا هنا صعبة ولسه ما فيهاش خدمات لكن هتبقى جنة، العمال بيشتغلوا بإيديهم وسنانهم والمكان واسع وكبير وأكيد ناس كتير هتيجى تعيش فيه، فقررت أتحمل دلوقتى عشان أرتاح بعدين»، وتابع: «أكيد الريس مش هيسيبنا وهنبقى أول بياعين فى أى مجمع خدمى ولو صغير فى مدينة العاصمة الإدارية الجديدة أول ما تفتح».
فوق موقع البناء وبين الأسياخ الحديدية يخرج فهد محمود، عامل صبة وشد فنى، بوجهه الذى يتصبب عرقاً، يمسك بيديه زجاجة مياه لتحميه من حرارة الجو، فهو واحد من العمال الذين اعتادوا شراء احتياجاتهم من أصحاب الباكيات الجديدة بالموقع، وسعيد بوجودهم فيقول: «الناس جاية من آخر الدنيا عشان تسترزق، وفى نفس الوقت توفر لينا أكل وشرب نقول ليهم لا، المشروع بيوفر لينا وجبات لكن أحياناً كتير مابشبعش منها وبجوع وبروح للباكيات آكل من عندهم، ده غير إنهم بيبيعوا سجاير وكروت شحن وبيخزنوا لينا ميه، واحنا بنقعد عدد ساعات كتيرة ومحتاجين حد يراعينا»، مضيفاً: «المشرفين على المشروع حاولوا كتير يمشوهم بس هما متمسكين بأماكنهم، وأنا واحد من العمال اللى تكلمت مع مشرف الموقع عندى عشان يسيب لينا عم جمعة وفعلاً بقى يبات هو وعياله ومراته ويبيع للعمال احتياجاتهم ويخدمنا، ووجودهم فارق معانا».
محمد بائع المشروبات الساخنة زحف وراء لقمة عيشه
عاملان كان المشروع فاتحة رزق عليهما
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»
- أشعة الشمس
- أعمال الخرسانة
- أكل العيش
- إشغالات طريق
- الشمس الحارقة
- الظروف المعيشية
- العاصمة الإدارية الجديدة
- العاصمة الجديدة
- المشروع القومى
- «السيسى»