استعادة الثقة فرصة الإخوان الأخيرة
أزمة الثقة بين الإخوان المسلمين والقوى المدنية وكثير من قطاعات الشعب ليست خافية على أحد وسبب هذه الأزمة الأخطاء الجسيمة التى وقع فيها الإخوان خلال الفترة الانتقالية، ويأتى فى مقدمة هذه الأخطاء توانى الجماعة وتقاعسها عن الانحياز لصف الثورة والثوار فى العديد من المناسبات، تغليباً لمصالح ضيقة للجماعة وترتيباً لصفقات غير خافية على أحد، ويأتى ثانى الأخطاء فى تراجعهم عن وعود كثيرة كانوا قد قطعوها على أنفسهم، وثالث هذه الأخطاء هو هذا الخطاب الذى اتسم بالغرور والصلف والاستعلاء بعد فوزهم بالأكثرية فى الانتخابات البرلمانية، ورابع هذه الأخطاء محاولاتهم الاستيلاء على تشكيل جمعية وضع الدستور الدائم بأغلبية مؤقتة.
فلو لم تكن هذه الأخطاء وغيرها لكان من الطبيعى الآن أن تصطف جميع القوى السياسية والثورية خلف مرشح الإخوان المسلمين بل لا أبالغ فى أنه لو كان الإخوان لم يقعوا فيما سبق من أخطاء لما كان لأحد أن يتصور يوماً أن يكون للفلول مرشح على رئاسة الجمهورية، ولولا أخطاء الإخوان لما كان هناك مجال لفرض مطالب من جانب القوى الثورية والمدنية على مرشح الإخوان ولما كان هناك وجود لما أسماه الإخوان «ابتزاز»، فهذه الطلبات هى نتيجة طبيعية لحالة فقدان الثقة التى أوجدها سلوك الإخوان فى الفترة الانتقالية.
واليقينى الذى أظهرته نتائج الانتخابات أن حضور الإخوان الفعلى فى الشارع لا يتجاوز بل يقل عن ربع الكتلة التصويتية والمؤكد أيضاً أنهم لن يصلوا إلى منصب رئيس الجمهورية إلا بالأصوات غير المنتمية للجماعة فأصوات الإخوان جميعها لم تضمن لهم الفوز بأغلبية تغنيهم عن الدخول فى انتخابات إعادة مع مرشح النظام السابق، وعليه فإن دخولهم إلى قصر الرئاسة لا بد أن يكون عبر صيغة مشاركة فى السلطة مع القوى الوطنية الأخرى، ولن يكون ذلك بوعود شفوية مستقبلية فالتجربة أثبتت أن الوعود غير كافية ولا تُحقق، إذن ما العمل؟
بداية يجب أن تعترف الجماعة بأخطائها طوال الفترة الانتقالية، ثم يعلن خلال هذا الأسبوع وبالأسماء أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وكذلك من سيعينه الرئيس القادم رئيساً للحكومة، ومن سيكونون نواباً للرئيس واختصاصاتهم، فالوعود اللفظية يمكن التنصل منها فى أى وقت.
وليعلم الأخوة من الإخوان المسلمين أن هذه هى فرصتهم الأخيرة، ليس فقط للفوز بمنصب الرئاسة ولكنها الفرصة الأخيرة لوجودهم الرسمى على الساحة السياسية المصرية، فلن يجدى بعد إجراء انتخابات الإعادة والفوز المتوقع للمرشح أحمد شفيق أن يعود الإخوان ليطلبوا من الثوار والقوى المدنية أن يدعموهم بحجة استكمال الثورة، فإن لم ينفذوا خطوات استعادة الثقة فإن اللوم كل اللوم عليهم ولا يلوموا إلا أنفسهم.
وأنصحهم أخيراً بأنه لا وقت للمراوغة والتسويف فالنار تقترب وستكونون أول وقودها.
بقلم
علاء الدين عبدالمنعم