دبلوماسيون: «رجب» سيدعم استعادة نشاط «الإخوان» فى مصر مستقبلاً
![«أردوغان» فى لقاء سابق مع «تميم»](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/6606876661470501526.jpg)
«أردوغان» فى لقاء سابق مع «تميم»
وضعت محاولة الانقلاب الفاشلة فى تركيا العلاقات بين «أنقرة» و«القاهرة» من ناحية، و«أنقرة» ودول الخليج من ناحية أخرى، على مسار جديد مجهول فى ظل حالة الضباب التى تحيط بمستقبل تركيا، خاصة بعد حملة التطهير العنيفة التى يشنها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ضد معارضيه الذين يتهمهم بالتورط فى محاولة الانقلاب، وهو ما أثار حالة من الشك حول حفاظ تركيا على ديمقراطيتها فى ظل التطورات الأخيرة، والحفاظ على علاقاتها الخارجية مستقبلاً فى حال انهيار النظام التركى.
«القاهرة» و«الدوحة» تتأثران بمستقبل «أنقرة»
وعلى الرغم من أن القاهرة لم تُبدِ موقفاً رسمياً من المحاولة الانقلابية، فإن الجانب التركى وجه لوماً لها على عدم إظهار الدعم للحكومة الشرعية ضد الانقلاب أو حتى التضامن مع ضحايا الأحداث التى صاحبته، فقد جاء ذلك على لسان أكثر من مسئول تركى، ومن بينهم على رضا جوناى القائم بأعمال السفارة التركية بالقاهرة. ورفضت السفيرة المصرية السابقة جيلان علام الحديث عن التأثيرات المحتملة لما جرى فى تركيا حال نجاح الانقلاب، مؤكدة أن هذا الاحتمال لم يعد قائماً ولا يمكن بناء المواقف على أساس سيناريوهات مفترضة ولم تعد قائمة، مؤكدة أن التأثير الأبرز لمصر سيتمثل فى تقوية محور الإخوان فى تركيا وقطر، خاصة بعد موقف قطر الداعم لـ«أردوغان» ضد الانقلاب، ومن ثم من المتوقع زيادة دعم الإخوان فى تركيا بعد أن عاشوا ساعات من الانهيار المعنوى فى بداية المحاولة الانقلابية.
وحول التأثيرات المحتملة للمشهد الراهن فى تركيا على مصر، قللت السفيرة جيلان علام، مساعد وزير الخارجية الأسبق، من تأثر مصر بما يجرى فى تركيا، سواء على المستوى الإقليمى أو فيما يتعلق بالعلاقات بين البلدين. وأوضحت أن مصر لديها أولويات تتعلق بالجبهة الداخلية، وتتمثل بالأساس فى إعادة زمام الأمور الاقتصادية لتكثيف تضامن الجبهة الداخلية، وعلى المستوى الإقليمى فإن احتمالية انسحاب تركيا نسبياً من المشهد الإقليمى سواء فى سوريا أو العراق لن يزيد من فرص لعب مصر لدور أكبر فى تلك الأزمات، مضيفة: «يهمنا الوضع فى ليبيا حالياً أكثر من سوريا، خاصة مع قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربات لعناصر داعش فى سرت، وأعتقد أن إقدام الولايات المتحدة على الانتخابات فى غضون الشهور القليلة المقبلة سيدفع الولايات المتحدة إلى التركيز الشديد على ليبيا لمحاولة هزيمة تنظيم داعش هناك، مع بعض المحاولات لتحقيق إنجاز يمكن الديمقراطيين الزهو به بما يساعدهم على الاستمرار فى حكم الولايات المتحدة، خاصة أن ليبيا ليس بها منافس لأمريكا بخلاف سوريا التى تصاعد فيها حجم الدور الروسى».
قطر تتأثر بمستقبل تركيا بسبب الارتباط الوثيق بينهما.. ومصدر لـ«الوطن»: لم يكن لدينا يقين حول إيجابية توجهات تركيا بعد «أردوغان» حتى نفضل نجاح الانقلاب
واعتبرت «علام» أن الرئيس التركى تمكن من إعادة ترتيب أموره بالصورة التى كان رسمها فى ذهنه قبل محاولة الانقلاب نفسها، وعمل على محاولة إقحام غريمه السياسى لإبعاده عن الساحة، فضلاً عن أن إغلاق قاعدة إنجرليك ربما يؤثر على الضربات الأمريكية فى سوريا، خاصة فى ظل أنه كانت فرنسا فقط تقصف ليبيا وحالياً أصبحت الولايات المتحدة، مقابل ترك المجال لروسيا لتوجيه الضربات فى سوريا، معتبرة أن أردوغان «استطاع السيطرة على زمام الأمور التى من وجهة نظره كانت قد انفلتت، وحالياً يهدد باستعادة حكم الإعدام كنوع من الاختبار لرد فعل أوروبا، لم نعد نسمع عن تحركات تركية فى العراق وسوريا وهو منشغل بالداخل لديه وهل سيؤثر على الحل فى سوريا، وهل الفراغ الحالى سيعطى الفرصة لإيران بالتدخل؟ ستتدخل لأنها صاحبة اليد العليا للوضع فى العراق وسوريا».
وقالت مصادر دبلوماسية مسئولة، لـ«الوطن»، إنه على الرغم من صعوبة تحديد التداعيات المحتملة لما يجرى فى تركيا على المشهد السياسى الداخلى فى دولة أخرى، كون التفاعلات والتطورات الراهنة لا تزال تفرز معطيات جديدة فى مشهد يتسم بالسيولة وعدم اليقين، فإنه لا شك أن نقطة التقاطع الرئيسية بين مصر وتركيا فيما يتعلق بالأوضاع الجارية تتمثل فى الإخوان والقيادات المقيمة فى إسطنبول تحديداً، حيث سيمثل نجاح أردوغان فى التغلب على خصومه إعطاء نموذج للإخوان فى هزيمة الانقلاب، بما يمثل إلهاماً لخيال الإخوان بإمكانية استعادة نشاطهم ضد الحكومة المصرية فى مصر وعودة تظاهراتهم لما كانت عليه فى محاولة لإسقاط النظام، كما أن عودة أردوغان للمشهد بهذه القوة يمكن أن يؤدى إلى زيادة دعمه للإخوان، ولكن ذلك لن يتحقق إلا بعد فترة زمنية لأنه حالياً منشغل بالأزمة الداخلية.
وقال مصدر دبلوماسى مسئول عن ملف العلاقات المصرية-التركية، إن مصر أو أى دولة لم يكن لديها يقين بتوجهات أى حكومة جديدة فى تركيا إذا تمت الإطاحة بالحكومة الحالية، فليس من الضرورى أن تنقلب توجهات السياسة الخارجية التركية رأساً على عقب إذا نجح الانقلاب، كما شدد المصدر على أنه إذا كانت تركيا قد دخلت فى حالة فوضى أو اقتتال داخلى، فكان ذلك الوضع سيؤثر على استقرار المنطقة ككل، ولن يكون هو الوضع المفضل للقاهرة بكل تأكيد.
وتوقع دبلوماسيون عدم تأثر العلاقات بين الخليج وتركيا فى حالة سقوط الأخيرة فى ظل حالة الضباب التى تحيط بمستقبل تركيا، وبحسب الأرقام الرسمية، فإن الاستثمارات الخاصة بدول الخليج تبلغ نحو 15 مليار دولار تقريباً، وهو ليس بالرقم الضخم الذى يؤثر على الخليج بشكل عام، فيما أشار خبراء إلى أن هناك أموراً أخرى مشتركة بين دول الخليج وتركيا، وخاصة قطر.
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير كمال عبدالمتعال إن الدولة الوحيدة التى من المتوقع أن تتأثر هى قطر التى تربطها علاقات قوية مع تركيا خلال الفترة الأخيرة سواء اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، وذلك لدعم كل منهم الإخوان وأن هناك أهدافاً مشتركة تجمع البلدين معاً. وأوضح السفير كمال عبدالمتعال، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن «باقى الدول الخليجية مثل السعودية والإمارات لن تتأثر فى حالة سقوط تركيا، إلا أن الاستثمارات الخاصة قد تتأثر، لكن العلاقات السياسية والإقليمية لن تتأثر بالشكل الكبير الذى يؤدى إلى خسارة العلاقات».
وأشار مساعد وزير الخارجية الأسبق إلى أن «الدول الخليجية لم يكن لها استثمارات حكومية كبيرة فى تركيا ولكنها كانت تتعامل مع الحكم التركى النابع من الفكر الإسلامى وخاصة السعودية، ولكن فى ظل التراجع الذى حدث ضد الإخوان مؤخراً دفع الدول الخليجية باستثناء قطر إلى التراجع إلى حد ما فى العلاقات مع تركيا ولكن هناك ملفات مشتركة ليست بالأهمية الكبيرة قد تشهد تغيرات فى حالة سقوط أنقرة».
وظلت تركيا منذ أوائل الثمانينات ضمن تعاون اقتصادى حيوى مع دول الخليج، وتوجت تلك الشراكة بمشاركتها فى حرب تحرير الكويت 1991، واستمر الطموح التركى بعلاقات أكثر تطوراً بغية التعاون السياسى والاقتصادى والثقافى، ومنذ سقوط الاتحاد السوفيتى، والحاجة إلى الشراكة بين الخليج وتركيا متبادلة، ومع وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم عام 2002 اعتمدت استراتيجية جديدة تسعى إلى الانفتاح على العالم وبدء تفعيل دور تركيا بوصفها الوسيط بين الشرق والغرب، لكنها تراجعت إلى حد ما عقب ثورات الربيع العربى وثورة 30 يونيو فى مصر.
من جانبه، أكد سفير مصر الأسبق فى السعودية سيد أبوزيد أن ما تعرضت له تركيا مؤخراً سواء الأزمات الإقليمية أو دعمها للإخوان شكل انكساراً للتعاون الخليجى التركى وتراجعت الاستثمارات الخليجية فى تركيا خلال الفترة الماضية فضلاً عن تخفيض مستوى التنسيق فى كثير من القضايا الإقليمية المشتركة وذلك من قبل الإمارات والكويت وربما السعودية إلى حد ما. وأشار السفير سيد أبوزيد، فى تصريحات لـ«الوطن»، إلى أن تركيا سعت لجذب استثمارات الخليج من خلال النفط ومشاريع المياه، ولكن بعد ذلك لم تهتم تركيا بمصالح دول الخليج فى المنطقة ووجدت الفشل بعد دعمها للإخوان عقب ثورات الربيع العربى وثورة 30 يونيو فى مصر، مما أدى إلى تراجع العلاقات بعض الشىء وأنه فى حالة سقوط تركيا لم يتأثر الخليج بالشكل الكبير الذى يتوقعه البعض.
وأشار السفير «أبوزيد» إلى أن «الخليج يعتمد بقوة على التعاون الداخلى بين أعضائه وأنه لا يتجه إلى تركيا بالقوة التى كان يريدها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان خاصة خلال السنوات الأخيرة، مما لا يشكل أى خطر على الخليج فى حالة سقوط أنقرة فى ظل ما تتعرض له من إجراءات عنيفة قد تسرع من سقوط النظام السياسى لأردوغان».