بروفايل| الشيخ الذهبي .. رصاص "التكفير والهجرة" يغتال "عين" الأوقاف

بروفايل| الشيخ الذهبي .. رصاص "التكفير والهجرة" يغتال "عين" الأوقاف
طعنة غادرة .. رصاصة قاتلة.. قنبلة مدوية، تعددت الأساليب والاغتيال واحد، فدائما ما تستغل الجماعات الارهابية بعض الجهلاء والخارجين على القانون لترويع وقتل الأبرياء، فوقع ضحية ذلك العديد من الرموز الوطنية وخاصة الدينية، وكان أخرهم الشيخ علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، الذي تمكن من النجاة في محاولة اغتياله صباح اليوم.
لم يمكن المفتي السابق هو الأول في مواجهة رصاصات الإرهاب الغادرة، فالشيخ حسين الذهبي، وزير الأوقاف الأسبق سطر التاريخ اسمه بالدماء، ففي الوقت الذى قرر فيه أن يواجه جماعة "التكفير والهجرة" قررت الجماعة أن تُنهى حياته برصاصه في العين اليسرى، والقت بجثته أن ذاك في أحد مناطق الهرم، بعد اختطافه من منزله، بعد إصدار كتيب صغير حمل اسم "قبسات من هدي الإسلام".
ابن مدينة "مطوبس" بمحافظة كفر الشيخ، مواليد 19 أكتوبر 1915، كان أول من تصدى لأفكار جماعات "التكفير والهجرة" فكريا، خلال فترة توليه وزارة الأوقاف، حيث ناقش الكتاب الذى اصدره "الذهبي" مبادئ "التكفير والهجرة"، وبُعدها عن جوهر الإسلام بمبادئه السمحة العفيفة، مُستعينا بآيات من القرآن الكريم والسنة النبوية، أعده أعضاء المكتب الفني لنشر الدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف، وكتب "الذهبي" مقدمته، والتي رفض فيها بشدة أساليب الجماعة ونوه إلي أهمية حماية الشباب من أفكارها المنحرفة.
وقال "الذهبي" في الكتيب، الذى تسبب في إغتياله :"يبدو أن فريقا من المتطرفين يسعون في الأرض فسادا ولا يريدون لمصر استقرارا، استغلوا الشباب وصوروا المجتمع بأنه مجتمع كافر تجب مقاومته ولا يجوز معايشته، وأن العنف هو الحل لفرض الشريعة، وهذا أبعد ما يكون عن الدين السمح وعن الوسطية الإسلامية، التي هي شريعة الإسلام وينادى بها الأزهر الشريف، ولهذا أقدم هذا الكتيب لشرح معنى الإيمان في الإسلام والوسطية في الدين، وأن مدى صدق شهادة المسلم مرتبط بما في قلبه، وعلى الذين يوزعون الإيمان والكفر على الناس أن يراجعوا أنفسهم وإلا باءوا بإثم كبير".
تلك الصفحات المعدودة أحدث صخباً قويا في جميع أنحاء الجمهورية، وثارت على إثرها الجماعات الإرهابية التي اعتبرته يلفق صوراً سلبية خاطئة عنهم، ومضت تجهز "التكفير والهجرة" العدة له لقصف قلمه الذي كشف حقيقتهم، إلى أن تمكنوا في 3 يوليو 1977، من الدخول إلى منزله بمدينة حلوان، واختطافه إلى أن وجدته الشرطة مقتولا بالهرم، بطلق ناري في عينه اليسرى، وسرعان ما أصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارا بإحالة القضية للمحكمة العسكرية، وأعلن أميرها آن ذاك "شكري أحمد مصطفى"، عن مسئولية الجماعة عن الحادث، وقال خلال المحاكمة :"الشيخ الذهبي خرج عن الدين ووجب قتله بعد اختطافه".
أنهت الجماعة الإرهابية حيات الأزهري المستنير، وأحد أضخم الرموز الدينية في ذلك الوقت، والوحيد الذي أسقطته حتى الآن، إلا أن صيته لم ينطفأ يوما، من خلال مؤلفاته "التفسير والمفسرون"، "الوحي والقرآن الكريم"، "الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن الكريم دوافعها ودفعها"، "تفسير ابن عربي للقرآن حقيقته وخطره"، "الإسرائيليات في التفسير والحديث"، "أثر إقامة الحدود في استقرار المجتمع"، "عناية المسلمين بالسنة"، و"مدخل لعلوم الحديث والإسلام والديانات السماوية"، وفي عام 1946 حصل "الذهبي" على الدكتوراه، بدرجة أستاذ في علوم القرآن من كلية أصول الدين جامعة الأزهر عن رسالته "التفسير والمفسرون"، التي أصبحت بعد نشرها أحد المراجع الرئيسة في علم التفسير.
وعمل الذهبي أستاذا في كلية الشريعة جامعة الأزهر، وأعير عام 1968 إلى جامعة الكويت، وبعد عودته عام 1971 عين أستاذا في كلية أصول الدين ثم عميدا لها ثم أمينا عاما لمجمع البحوث الإسلامية في 15 أبريل عام 1975، وأصبح وزيرا للأوقاف وشئون الأزهر حتى نوفمبر 1976.
وبعد مرور شهر على الذكرى الـ 39 لاغتيال الشيخ محمد حسين الذهبي، تعرض الدكتور علي جمعة الدكتور مفتي الديار السابق، لمحاولة اغتياله، أثناء اتجاه لأداء صلاة الجمعة، اليوم، بمسجد قريب من منزله، ولكنه تمكن من الاحتماء بصور المسجد.