حصاد الأمراض والروائح الكريهة.. من أخصب حقول العالم
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة
كان الوقت عصراً، وهو لمن لا يعرف، أطيب وأحن الأوقات فى الريف المصرى، حيث تنكسر حدة شمس الصيف، ويتحول البساط الأخضر اللامتناهى فى غيطان الدلتا إلى مشهد خلاب، ألجأ إليه من وقت لآخر، طلباً للراحة النفسية، وبحثاً عن معرفة يصعب أن أعثر عليها فى «مكلمات» وكتابات الإعلاميين والمثقفين.. وخلال السنوات الماضية، كنت كلما تجولت لساعات فى غيطان قريتى، أعود من الجولة أكثر وعياً بأحوال البلاد والعباد، ولكن الراحة النفسية التى كنت أنشدها ظلت تتراجع شيئاً فشيئاً، حتى كادت تتلاشى، ومع تكرار الزيارات والجولات «والقعدات» فى الغيط مع المزارعين والفلاحين، تعوّدت أن أغادر المكان موجوعاً من تفشى كل هذا الخراب فى أخصب وأثمن ما نمتلك من أراضٍ.
فى منتصف شهر يوليو الماضى قضيت إجازة قصيرة هناك، وبعد عصر أحد الأيام خرجت كعادتى إلى الحقول، لأفاجأ بأن الخراب أصبح أكثر عمقاً مما كنت أعرفه، وأن مئات الأفدنة التى كانت مصدراً دائماً للخير والستر والنعمة، قد تحولت إلى مباءة منتجة للكآبة والأمراض، ليس فقط فى الحيازة المملوكة للقرية التى أنتمى إليها، وإنما فى الحيازات التى تخص كل القرى المجاورة.. إنه مشهد واحد متكرر بإصرار عجيب، وكأن «إرادة عامة» متحكمة ومسيطرة وزعته على كل القرى، حتى أضحت «العدالة الوحيدة» المبذولة للجميع هى عدالة التخريب والتبوير والفساد والإهمال الإجرامى.
قبل سنوات كان «الغيط» عند الفلاح المصرى أهم من بيته، وكانت الطرق الترابية بين الحقول والمراوى الصغيرة وأماكن القعدة فى ظل الأشجار العملاقة، لا تقل نظافة وترتيباً عن حجرات النوم فى البيوت، كان من النادر جداً أن تصل إلى أنفك روائح كريهة، أو يؤذى عينك منظر قبيح، وكان مشهد الثمار على النباتات أو الأشجار مفرحاً وشهياً.. وقد ظلت هذه الثقافة الرفيعة للعناية بالأرض المزروعة تتراجع، وبالذات فى المساحات القريبة من الكتلة السكنية بقصد تبويرها عمداً وتحويلها إلى أراضى بناء، وخصوصاً بعد 25 يناير 2011، ثم انتشرت القذارة بعد ذلك لتغطى كل الطرق والمراوى والمساحات الخلاء فى قلب الحقول.. حتى أصبح الغيط - دون أى مبالغة - هو مقلب القمامة الرسمى لكل القرى.. وهو المدفن العشوائى لكل الحيوانات النافقة بدءاً من كلاب وقطط الشوارع ووصولاً إلى دجاج المزارع، حتى مخلفات محلات الجزارة، ومخلفات غرف العمليات فى المستشفيات وعيادات أطباء النساء والتوليد وجدت طريقها إلى قلب الحقول.
فى خضم هذه القذارة قد يخطر على بالك أن تقف فى الناس ناصحاً ولائماً، وأن تبحث مع «كبراء» القرية أو شيوخها عن حلول فورية لهذه الكارثة، التى يعرف كل شخص فى القرية أنها فعلاً كارثة مدمرة، من واقع انتشار أمراض السرطان والكبد والفشل الكلوى والتسمم حتى بين الأطفال، ولكنك ستقف مثل كثيرين حائراً وعاجزاً عندما يخبرك الجميع أن كل أجهزة الدولة هى التى ارتكبت «الجريمة الأم» التى خرجت منها عشرات الجرائم الأخرى.
إنها جريمة التخلص من مياه الصرف الصحى دون أى معالجة، أو بعد معالجة أولية، فى كل قنوات الرى الرئيسية، ومنها إلى قنوات الرى الفرعية ثم إلى المراوى الصغيرة التى تخترق الأرض مثل شبكة شرايين شاسعة تحمل المجارى بكل ما فيها من سموم إلى التربة ومنها إلى الزرع فوراً، وهذه الجريمة التى تتم منذ نحو 10 سنوات دون انقطاع، كانت هى السبب الأول فى حالة التبلد الأخلاقى التى شاعت بين الجميع، لأن خصوبة التربة أخذت فى التراجع حتى أصبحت إنتاجية الفدان أقل من النصف، ورائحة الأفق الذى كان يعبق بشذى النوّار والبراعم، أصبحت لا تطاق من فرط الغازات الصادرة عن تفسخ الحيوانات وتحلل المواد الصلبة للصرف الصحى فى المراوى.
كان شاغلى فى الزيارة الأخيرة التى قضيتها فى القرية، هو أن أسأل عن سر إصرار الجميع على التوسع الجنونى فى زراعة الأرز الذى يستهلك كميات ضخمة من المياه، فى وقت لا نكف فيه عن تذكير الجميع بأننا نعانى من نقص شديد فى مياه النيل، ومن كارثة بناء سد النهضة فى إثيوبيا، الذى سيحجب جانباً من حصة مصر من مياه النيل، وخلال الزيارة اكتشفت أن الفلاحين أكثر وعياً ومعرفة وضميراً من كل هؤلاء المسئولين والخبراء الذين صدعونا وأفسدوا كل شىء بجهلهم العميق، فقد أكدت الخبرة العملية خلال أكثر من عشر سنوات أن زراعة الخضار والخضراوات فى هذه الأراضى الموبوءة بالمجارى، جريمة مكتملة الأركان، لأن معظم هذه الأصناف تؤكل خضراء أو نيئة مما يرفع من احتمالية تسببها فى الأمراض الخطيرة والمستعصية، أما محصول الأرز فهو على الأقل لا يؤكل إلا بعد تقشيره وغسله وطبخه فى ماء نظيف، وبالتالى تقل احتمالية تسببه فى هذه الأمراض.
الأمر الآخر، أن الأصناف المتوافرة من الأرز للزراعة فى مصر، اكتسبت صفات وراثية جديدة مقاومة لملوحة التربة وقذارة المياه أكثر من قدرة المحاصيل الأخرى على المقاومة، والدليل على ذلك أن إنتاجية فدان الأرز فى الدلتا لم تتراجع فى السنوات الأخيرة، بينما انخفض إنتاج الفدان من القمح والشعير والذرة إلى النصف!
قد تبدو هذه القضية فرعية فى نظر «النخبة» المسيطرة على إنتاج قضايا الرأى العام فى مصر.. ولكنها لو حدثت فى أى بلد آخر لقامت الدنيا ولم تقعد حتى يتم الإمساك بمن ارتكبوا هذه الجريمة.. وحتى يخضع كل المسئولين عن رقابة الغيط المصرى للمحاكمة، فليس هناك أهم أو أخطر من أن نترك أكثر من 5 ملايين فدان من أخصب الأراضى فى العالم تتعرض لتدهور الخصوبة وتراجع الإنتاجية، وليس هناك أخطر من أن نشاهد تفشى الأمراض المستعصية دون رحمة فى كل قرى مصر، بسبب تحول حقولنا إلى مقالب قمامة وبيارات مجارى ومدافن للحيوانات المتفسخة!
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة
- أطباء النساء
- أمراض السرطان
- الأمراض الخطيرة
- الأمراض المستعصية
- الرأى العام
- الراحة النفسية
- الروائح الكريهة
- الريف المصرى
- الصرف الصحى
- أجهزة الدولة