محاكمة وزير التموين ورئيس الوزراء

نشوى الحوفى

نشوى الحوفى

كاتب صحفي

حينما نشرت منظمة الشفافية العالمية تراجع ترتيب مصر فى قائمة الفساد من المرتبة رقم 114 إلى المرتبة 94 فى عام 2013-2014، مرجعة نسبة كبيرة من ذلك الإنجاز لتصحيح منظومة دعم التموين، كتبت مقالاً فى «الوطن» فى مارس 2015 أشكر جهود وزير التموين داعية إياه إلى دراسة عوامل نجاحه تلك لإكمال العمل بها. ولكن يبدو أننا لم نكمل مسيرة الإصلاح التى بدأناها فى وزارة تعانى فساد موظفيها وكوادرهم. فشكاوى المواطنين من فساد منظومة استخراج البطاقات لا حصر لها، وشكوانا من عدم مواصلة إصلاح المنظومة بتجديد بيانات المستفيدين منها حتى لا نهدر نقاط التموين على النسكافيه والكاتشاب، لا يستمع لها أحد. ثم جاءت أزمة توريد القمح للصوامع التى كشفتها أجهزة الرقابة الإدارية بتكليف من رئيس الجمهورية لندرك أبعاد أزمة جديدة لوزير التموين الذى بات الواقع يخبرنا بعكس قوله.

حديثى عن بيان شركة بلومبرج جرين المسئولة عن تسليم صوامع ذات تكنولوجيا عالية لوزارة التموين لتخزين الحبوب ومنها القمح والصادر منذ أيام. فلو صح هذا البيان وثبت ما به من معلومات لوجب محاكمة الوزير وقياداته وإقالتهم من عملهم بتهم الفساد. بيان الشركة يقول إن صوامعها ذات التكنولوجيا المتطورة بالمرحلة الأولى من مشروع لتطوير تخزين الحبوب فى مصر لم تستخدم لتخزين أى حبوب فى موسم الحصاد المحلى المنقضى برغم تسليمها فى موعدها بسبب عدم وجود إمدادات كهرباء دائمة. وأن الشركة المصرية القابضة للصوامع والتخزين المملوكة للدولة والمسئولة عن تركيب التوصيلات الكهربائية بمواقع التخزين لم تفعل ذلك. وأنه لا يوجد أى موقع مزود بمثبتات للتيار الكهربائى لحماية المعدات من الصدمات الكهربائية. وأضاف البيان: «إحدى المزايا الرئيسية لنظام بلومبرج جرين أنه يكافح الفساد من خلال استخدام الموازين الإلكترونية لضمان أوزان عادلة ودقيقة واستخدام أكواد تحول المخزونات إلى أرقام، والقيام بمراجعات رقمية متواصلة للنظام تظهر أى تناقضات و(استخدام) نظام تأمين يمكنه التحقيق وتحديد الجناة». وأوضحت الشركة أنه جرى خلال المرحلة الأولى من المشروع تسليم 93 شونة مناطق تخزين مفتوحة وكان من المتوقع الموافقة على مرحلة ثانية فى مايو الماضى لتتمكن الصوامع ذات التكنولوجيا المتطورة من معالجة المحصول المصرى بأكمله بحلول 2018. لكن تأجلت المرحلة الثانية من المشروع بسبب الإجراءات البيروقراطية البطيئة»، وقال البيان: «كان مفاجئاً لبلومبرج جرين أن وزارة التموين لم تتحرك بسرعة أكبر بخصوص هذا المشروع الكبير أو البرنامج الاستثمارى الكبير بالنسبة لمصر».

أتعجب من صمت الجميع على بيان مثل هذا وأضعه بين أيديكم وأتساءل: ما صحة تلك المعلومات يا سادة؟ وهل يمكن إضافتها لكوارث ما كشفت عنه لجنة التحقيق التى شكلها مجلس النواب وتقارير الرقابة الإدارية بكذب ادعاءات وزارة التموين بتسليم 5.5 مليون طن قمح للصوامع، حيث إن ما تم تسلمه لم يتعد 3.5 مليون طن فى أحسن الحالات؟ هل يُعقل أن يصل الاستخفاف بالدولة ومواردها من قبل السادة المسئولين إلى هذا الحد لدرجة عدم إيصال الكهرباء الدائمة لما تم إنفاق الاستثمار فيه؟ هل يمكن أن تصل السخافة وغياب الضمير إلى حد عدم إكمال المرحلة الثانية المتفق عليها لتنتهى أزمة التخزين فى 2018؟ ثم أين رقابة رئيس الوزراء ومتابعته على العاملين معه فى مجلسه؟ وإن كان هذا حال بند من بنود برنامجه فما حال بقية البرنامج الذى قرأته كلمة كلمة ومفترض انتهاؤه فى 2018؟

يا سادة لو لم يصدر تصريح رسمى لتوضيح بيان تلك الشركة، فعلينا اعتباره قرينة جديدة تستوجب محاكمة وزير التموين ورئيس وزرائه والعاملين معهم محاكمة فورية لا لكذبهم فقط فى مجموع حصيلة توريد القمح ولكن لإهدارهم المال العام بتقاعسهم عن تنفيذ المطلوب منهم. ولك الله يا بلادى بعد أن بات كل موظف ومسئول بحاجة لموظف ومسئول لمراقبة أدائه لعمله.