10 آلاف مسجد وزاوية غير مرخصة.. ومسئولون: «المحليات» وراء الظاهرة بدعوى أنها «بيوت الله»

كتب: وائل فايز

10 آلاف مسجد وزاوية غير مرخصة.. ومسئولون: «المحليات» وراء الظاهرة بدعوى أنها «بيوت الله»

10 آلاف مسجد وزاوية غير مرخصة.. ومسئولون: «المحليات» وراء الظاهرة بدعوى أنها «بيوت الله»

أكد عدد من المسئولين السابقين والحاليين بوزارة الأوقاف، أن المحليات هى المسئول الأول، عن ظاهرة المساجد العشوائية، لتغاضيها عن مخالفاتها وعن إنشائها دون تراخيص، لافتين إلى أن الأمر تحول من وسيلة للتقرب إلى الله، والتسهيل والتيسير على المسلمين، إلى ظاهرة عشوائية، تصل أحياناً إلى حد الكارثة، بعد تغير الدوافع والأهداف، إلى رغبة بعض القائمين على بنائها فى تعيين الأبناء والأقارب، أو الإعفاء من فواتير الكهرباء والمياه لأى بناية أو عمارة تقام أسفلها «زاوية»، أو بهدف بناء مسكن أعلى المسجد، أو للتحايل على القانون والبناء على أرض زراعية دون الحصول على التراخيص اللازمة.

{long_qoute_1}

وأوضح المسئولون أن التقديرات تشير إلى أن هناك من ٥ آلاف إلى ١٠ آلاف مسجد وزاوية، دون ترخيص على مستوى الجمهورية، تتمركز غالبيتها فى القرى والنجوع والمناطق النائية، حيث يجرى بناء المساجد فى الغالب بالجهود الذاتية ولا يحصل الشخص على تراخيص بناء فى بادئ الأمر، فيما تغض مجالس المدن والمحليات الطرف عن تلك البنايات بدعوى أنها بيوت لله ولا يصح التصدى لها ولمخالفاتها، وفى الغالب يضرب القائمون على بناء تلك المساجد بالشروط العشرة التى وضعها الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، لبناء المساجد، ووافق عليها مجلس الوزراء فى ٢٠٠١، عرض الحائط، لأنهم يرونها مُجحفة، خصوصاً أنهم إما يبنون على أرض مخالفة، كالأراضى الزراعية وخلافه، أو لأن مساحة المسجد لا تصل إلى ١٧٠ متراً، تمثل الحد الأدنى لبنائها أو لرفضهم وضع وديعة قيمتها ٥٠ ألف جنيه باسم المسجد.

وشدد المسئولون على أن بناء المساجد غير المرخصة فى أى مكان، تتحمل مسئوليته المحليات، لأنها صاحبة الحق فى منح تراخيص البناء من عدمه، ولو هناك رقابة صارمة وعدم تهاون من قبلها، لما تم بناء مساجد وزوايا بتلك العشوائية المنتشرة فى كل ربوع مصر، متابعة: «الأوقاف منذ عهد (زقزوق) وضعت 10 شروط لتنظيم بناء المساجد وإحكام السيطرة عليها والحفاظ على قدسية بيوت الله، إلا أنه على أرض الواقع لا يوجد التزام من غالبية القائمين على بناء المساجد بتلك الشروط، ولا يتم اللجوء إلى الأوقاف للاستعانة بشروطها أو لاعتماد رسومها الهندسية لبيوت الله، بما يتلاءم مع كل رقعة أرض ومحيطها، وبالتالى فإن شروط الأوقاف لبناء المساجد، ما هى إلا حبر على ورق فى غالبية الأحوال».

{long_qoute_2}

من جانبه، قال الشيخ فؤاد عبدالعظيم، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد سابقاً، إن «معظم المساجد تبنى بالجهود الذاتية، لكن هناك عشوائية فى مسألة البناء دون الالتزام بأية معايير أو ضوابط فأحياناً يُبنى المسجد على مسافة قريبة من مسجد آخر بدافع الوجاهة، بينما توجد مناطق فى أمس الحاجة لبناء مسجد بسبب التوسع العمرانى وكثافة السكان، علاوة على وجود زوايا مساحتها لا تتعدى ٣٠ و٤٠ متراً، لا تصلح لإقامة صلاة الجمعة».

وتابع «عبدالعظيم»: «أحياناً يستغل البعض مسألة بناء المسجد لدوافع دنيوية، كجمع تبرعات، أو فتح زاوية أسفل عمارة للحصول على إعفاء من دفع قيمة استهلاك الكهرباء والمياه ولضمان وصول الخدمات إلى المبنى، كما أن بعض الجمعيات تعتبر المساجد مصدراً لجمع التبرعات وبالتالى يجرى بناء مسجد بغض النظر عن مساحته».

وأشار «عبدالعظيم»، إلى أن الأوقاف ليست مسئولة عن بناء المساجد بطريقة عشوائية، لذلك يجب وضع مسألة منح تراخيص بناء المساجد فى يد الأوقاف، وعلى مؤسسات الدولة أن تعاونها فى ذلك، خصوصاً أن الوزارة لا تقبل ببناء أى مسجد على أرض زراعية أو تابعة لأملاك الدولة وخلافه، إلا بالحصول على موافقة تلك الجهات، كما تجبر المُتبرع بالالتزام بالرسم الهندسى التى تضعه لبناء المسجد وملحقاته ويجرى ذلك تحت إشراف مديرية الأوقاف، لافتاً إلى أن الوحدات المحلية لا تدقق فى مسألة بناء المساجد، التى تقام دون ترخيص فى القرى والأرياف.

{long_qoute_3}

من جانبه، حذر الدكتور محمد الشحات الجندى، عضو مجمع البحوث الإسلامية، من خطورة وجود مساجد غير مرخصة ما يعنى أنها بعيدة عن أعين الوزارة، وبالتالى يمكن أن تكون ملاذاً للتيارات المتشددة لبث أفكارها باسم الدين واستغلال الأمية الدينية وتدين المصريين بطبعهم فى تشكيل عقول الناس على التطرف، لافتاً إلى أن الشروط التى وضعتها الأوقاف وأقرها مجلس الوزراء جيدة وتحتاج إلى تفعيل على أرض الواقع، والأمر يتطلب معاونة جهات الدولة، وعدم السماح ببناء مسجد أو منح ترخيص للبناء إلا بالعودة إلى الأوقاف المسئولة عن الدعوة فى المساجد على مستوى الجمهورية.

وشدد «الجندى» على أن هناك محترفى تحايل على القانون حتى فى بناء دور العبادة، فمن المتعارف عليه أن المساجد تُبنى بالجهود الذاتية، وأن أعمال البناء تبدأ بأى مبلغ ثم تُجمع تبرعات لإتمامها، مشيراً إلى أن أكثر من ٩٠٪ من المساجد تقام بالجهود الذاتية، وأغلب المتبرعين يبدأون بأى مبالغ تتوافر لديهم وبالتالى لا يلتزمون بشروط الأوقاف، وربما لا ينتظرون للحصول على ترخيص من المحليات.

وقال المهندس مرسى البحراوى، رئيس الإدارة الهندسية فى وزارة الأوقاف سابقاً، إن هناك نحو ١٠ آلاف مسجد وزاوية غير حاصلة على تراخيص، وأن الأوقاف ليست مسئولة عن البنايات العشوائية، لافتاً إلى أن معظم الأهالى يلجأون إلى بناء المساجد بالجهود الذاتية فى التجمعات العمرانية الجديدة والقرى والنجوع والكفور دون الالتزام بالضوابط التى وضعتها الأوقاف، والوزارة أوقفت ضم العمالة للحد من ظاهرة انتشار تلك المساجد.

وقال الشيخ عبدالناصر بليح، وكيل أوقاف الجيزة، إن المساجد العشوائية كانت تبنى فى الماضى بدافع التعيينات، حيث كان من حق المتبرع أو صاحب الأرض تعيين مُؤذن وعاملين ممن حصل منهم على مبالغ تبرع للبناء، أو من أقاربه وذويه فى المسجد، إلى أن صدر قرار وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة رقم (64) لسنة 2014، بضم جميع المساجد والزوايا على مستوى الجمهورية إلى وزارة الأوقاف، وأتبعه بالقرار رقم 152 لسنة 2014، بعدم تعيين عمالة على المساجد بسبب الفساد الذى شاب بعض عمليات الضم، وكثرة البناء العشوائى للمساجد الذى زاد على الحد لدرجة أنه تم البناء على أراضٍ زراعية وفى الصحراء بعيداً عن العمران، متابعاً: «وصل الأمر إلى أننا اكتشفنا عدداً من المساجد العشوائية فى الواحات البحرية لا تقام فيها الشعائر وتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها مع المحافظة على المسجد وأرضه وملحقاته، كما يجرى حالياً بناء بعض المساجد العشوائية بأموال بعض الدول الخليجية وبطريقة فخمة فى أماكن عشوائية بعيدة عن العمران لأغراض ومآرب أخرى، فقد يسيطر عليها المتشددون والمتطرفون، وينبغى الالتفات والنظر جيداً لهذا الأمر، بأن يُشترط على المتبرع الخليجى أن يكون البناء عن طريق الوزارة، وبنسبة 50% على الأقل لصيانة مساجد مغلقة، خصوصاً أن المُتبرع الخليجى يشترط أن يكون المسجد غير خاضع للأوقاف ما يزيد الشكوك فى هذا الأمر».

واستطرد «بليح»: «الوزارة لا تغض الطرف عن الالتزام بالشروط العشرة فى ضم تلك المساجد دعوياً لانتزاعها من قبضة أى تيار متطرف أو متشدد، وحتى لا تتحول إلى بوق ووكر لبث أفكار تتعارض مع نهج الأزهر القائم على وسطية واعتدال الدين ونبذ العنف والتطرف»، مطالباً بوضع قانون يُقنن عملية بناء دور العبادة، ويكلف عدداً من الوزارات بتطبيقه وليس الأوقاف فقط، على أن يكون لكل فرد مسلم متر مربع للصلاة، ويتم عمل إحصاء للسكان وعمل حصر شامل لجميع دور العبادة، ليكون بناء المساجد حسب الضرورة واحتياج السكان، على أن يراعى تخطيطها التوسع فى بناء المساجد رأسياً وليس أفقياً.

وقال الشيخ محمد عيد كيلانى، القيادى بوزارة الأوقاف ومدير عام المساجد، إن الأوقاف يتبعها قرابة 124 ألف مسجد وزاوية على مستوى الجمهورية، والدكتور محمد مختار جمعة، منذ توليه مسئولية الوزارة يعمل على إحكام السيطرة على المساجد لضبط الخطاب الدعوى، وعدم ترك أى زاوية أو مسجد كبؤرة لأى تيار أو فكر شاذ، لافتاً إلى أن مسألة ضم المساجد متوقفة منذ 5 سنوات فى أعقاب اندلاع ثورة يناير، وقبلها كان كل عام يشهد ضم قرابة الـ3 آلاف مسجد للوزارة، والسمة الغالبة هى أن يبنى أشخاص أو جمعيات المساجد دون الاستعانة بالأوقاف، ومن هنا يأتى البناء العشوائى، ويتم وضع الجميع أمام الأمر الواقع.

وشدد «كيلانى» على مطالبة الأوقاف بالالتزام بالشروط العشرة التى أقرها مجلس الوزراء لبناء المساجد لتنظيم العملية، وعدم منح أى تراخيص من قبل المحليات أو السماح ببناء مسجد إلا بعد الرجوع إليها، لأن ذلك ضمانة لعدم ظهور مبانٍ عشوائية أو دون تراخيص، فالوزارة لن تقبل ببناء مسجد على أى أرض إلا بعد الحصول على موافقة الجهات المختصة سواء على الأرض الزراعية أو على جسور الترع والنهر أو على جنبات الطرق، مطالباً بوجود رقابة قوية من المحليات وعدم التساهل فى بناء أى مسجد حتى تظهر بيوت الله بالشكل اللائق بها، للحفاظ على قدسيتها وهيبتها.


مواضيع متعلقة