مساجد وكنائس بدون تراخيص «الفتنة النائمة»

كتب: مصطفى رحومة

مساجد وكنائس بدون تراخيص «الفتنة النائمة»

مساجد وكنائس بدون تراخيص «الفتنة النائمة»

هذا مسجد وتلك كنيسة.. هنا يُرفع الأذان وهناك تدق الأجراس، بداخلهما نفس الوجوه وإن تغيرت الأسماء، هذا يصلى فى المحراب مرتلاً للقرآن وذاك يناجى ربه أمام المذبح يرنّم للمسيح.. تلك هى الصورة، ولكن الواقع أن المسجد تحول على يد موتورين إلى «سبّوبة»، والكنيسة أصبحت «فتنة» تثير وراءها المشاكل وصار الاثنان أزمة فى قلب الوطن ينتظران قانوناً ينظم بناءهما.

{long_qoute_1}

انتشرت فى ربوع مصر المساجد العشوائية والزوايا غير المرخصة حتى بلغت، حسب تقديرات المسئولين، نحو 10 آلاف مسجد وزاوية غير مرخصة دون التزام بقانون أو ضوابط، منها ما تم بناؤه ليس لوجه الله وإنما «سبوبة» لفتح باب خلفى للتعيين فى وزارة الأوقاف أو توصيل المرافق للعقارات المخالفة، فوُجدت زوايا لا تتعدى مساحتها 30 أو 40 متراً، بل وجدت الدولة أن هناك مساجد لا تقام فيها الشعائر، وأرجع الخبراء تلك الأزمة لعدم وجود قانون لبناء المساجد فى مصر.

لم تتوقف خطورة المساجد غير المرخصة على تحولها إلى سبوبة، بل بحسب التصريحات للمسئولين الأمنيين تحولت تلك المساجد من سيطرة الأوقاف إلى سيطرة التيارات الإرهابية المتطرفة التى تستغلها فى عمليات التجنيد ونشر فكرها بين الشباب، حيث بدأ تزاحم التيارات الإسلامية على المساجد منذ عام 1970 وتزايد عقب ثورة 25 يناير 2011 تحت قانون «المزاحمة والإزاحة»، الأمر الذى دفع دار الإفتاء للتصدى لتلك المساجد واعتبارها «مساجد ضرار» ومنعت الأئمة من صعود منابرها.

أما بناء الكنائس فكان العنوان المتلازم على مدى عقود مع أى حادث فتنة طائفية تقع فى مصر، كان آخرها ما شهدته قرية أبويعقوب التابعة لمركز المنيا على خلفية شائعة بناء كنيسة أسفرت عن تدمير خمس منازل للأقباط بالقرية، وسبقها ما شهدته قرية كوم اللوفى بمركز سمالوط بالمنيا على خلفية شائعة تحويل قبطى منزله لكنيسة أدت لأحداث عنف نجم عنها حرق عدد من منازل أقباط القرية، وقبل ذلك ما حدث فى قرية البيضا بمنطقة العامرية بالإسكندرية، على خلفية تحويل قبطى أيضاً لمنزله المجاور لمبنى الخدمات التابع لكنيسة العذراء والملاك ميخائيل إلى كنيسة بالقرية، الأمر الذى تطور إلى اشتباكات وصل صداها إلى أقسام الشرطة والنيابة، يرفع المتطرفون خلال هجومهم شعار الدفاع عن الإسلام والإسلام منهم براء، فهو الذى جعل حماية الكنائس فريضة دينية على المسلمين.

تلك الحوادث الثلاث التى حدثت خلال الأيام الماضية تعكس بما لا يدع مجالاً للشك كمية المعاناة التى يلقاها الأقباط فى إقامة شعائرهم الدينية، وتحول «بناء الكنائس» لأزمة فى مصر، كما يكشف عن تحول الكنائس غير المرخصة إلى قنابل موقوتة للفتنة الطائفية فى ربوع الوطن، فأكثر من 50% من كنائس مصر غير مرخصة، هذا هو الواقع حسب تصريحات العديد من القيادات الكنسية، وإن كان بناء تلك الكنائس جاء بسبب البيروقراطية ومعاناة الأقباط فى الحصول على ترخيص من الدولة لبناء كنائسهم، كما أنه جاء فى وقت يعانى فيه الأقباط من إغلاق الأمن لعشرات الكنائس والمبانى الكنيسة بمختلف محافظات الجمهورية وعدم وجود مكان يؤدون فيه صلواتهم سوى العراء أو على حطام كنيسة محترقة أو داخل مقهى بلدى تحول إلى كنيسة.

إلا أن وجع الأقباط آن له أن ينتهى بظهور قانون «بناء وترميم الكنائس»، وهو القانون الموعود بنص المادة 235 من دستور 2014، قبل انتهاء دورة الانعقاد الحالية لمجلس النواب، محققاً الحلم الذى انتظروه طوال 44 عاماً منذ تقرير الدكتور جمال العطيفى، وكيل مجلس النواب عام 1972، عقب أحداث الخانكة، الذى أوصى بسن تشريع جديد لتيسير إجراءات بناء الكنائس فى مصر وإنهاء الخط الهمايونى وشروط القربى العشرة التى تحكم عملية بناء الكنائس على مدى من الزمن كان قد تجاوز القرن وقتها. «الوطن» تفتح الملف المزمن لتدق جرس الإنذار للمسئولين فى الدولة لإنهاء الأزمة ومعالجة الوجع الموجود فى قلب الوطن بالقانون.

 


مواضيع متعلقة