ذبيحة على أعتاب الفضيلة

أمانى هولة

أمانى هولة

كاتب صحفي

لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يراق على جوانبه الدم

تذكرت البيت الأشهر للمتنبى من قصيدته الخالدة (لهوى النفوس سريرة لا تُعلم) وأنا أتابع ذلك اللغط المثار بخصوص ختان الإناث لأدرك أننا بمنطق «اللى حافظ مش فاهم» نريق دماء زهرات قلوبنا بوهم حزام العفة المهين للمجتمع، وكأننا نسلم بأنهن مشروع منحرفات يجب وأد مشاعرهن كعقاب استباقى.

فهل لشعب يرضخ نصفه تحت وطأة أمراض الكبد ويسجل أعلى معدلات الإصابة بالسرطان والفشل الكلوى وتردى الخدمات الصحية أن تكون أولويات لجنة الصحة بمجلس نوابه ختان الإناث؟

ويكون تصريح عضو اللجنة المفترض أنه طبيب أن «عدم ختان الإناث أمر غير صحيح لحدوث إثارة جنسية غير مرغوبة».

فمن أوهمه بتلك المعلومة العجيبة؟ من خلفيتى الطبية المتخصصة أستطيع أن أقول.. الإنسان يثار بعقله لا بمنطقة الختان التى حفظها الله للأنثى تشريحياً بإتقان وأبدع سبحانه فى ذلك ليتعذر الوصول إليها بغير قصد، حيث يجمع العقل الداتا من خلال حواسه مجتمعة أو منفصلة وله قدرته الاختيارية على تقبل تلك المؤثرات أو التعفف عنها حسب الظروف والبيئة والتربية والوازع الدينى والأخلاقى من خلال العين بالمشاهدة.. الأذن بالسمع.. الأنف بالشم.. الجلد وهو أكبر عضو فى جسم الإنسان.. وذروة إحساسه كامنة فى منطقة محفوظة تشريحياً بشكل محكم لحمايتها من أى مؤثرات خارجية.. وعدم إمكانية الوصول لها إلا من خلال علاقة حميمة، ليكون السؤال:

* هل أقدامنا هى التى تقودنا للجامع أو الماخور أم عقلنا الذى يقرر وأقدامنا عبد المأمور.. وكسرها لن يكون هو الحل.. فسيحرمنا ذلك من الذهاب للجامع أيضاً.. والأهم سيحرمنا فضيلة الاختيار؟

* هل عيوننا هى التى تختار مشاهدة برنامج علمى أو فيلم إباحى أم عقلنا الذى يقرر وعيوننا عبد المأمور وفقء عيوننا ليس هو الحل؟

* إذن هل منطقة الختان هى التى تقرر ارتكاب الفحشاء أم عقلنا الذى يقرر فنسمح بملامستها فى خدرها الحصين فتكون عبد المأمور، وقطعها ليس هو الحل؟

فالعقل هو المتحكم الأعظم بدليل عدم استمتاع المغتصبات بعملية الاغتصاب.. وحرمان الإنسان من حواسه ولو جزئياً لا يشيع الفضيلة.. والدليل أن معظم البغايا والعاهرات تعرضن لعملية الختان كنسبة وجودهن فى المجتمع التى لم تعفهن عن الزنا وارتكاب الرذيلة، بل إن الختان يؤدى إلى عكس هدفه فى كثير من الأحيان لأنه ببساطة إزالة جزء من المنطقة المسئولة عن الإحساس بدرجات تخضع ليد الجهلة القائمين على تلك الجريمة فتقلله على أفضل الفروض وأحياناً تلغى الإحساس تماماً فيطغى الألم على المتعة فيؤدى إلى:

1- معاناة المرأة ناقصة الأنوثة لتنعكس على علاقتها بزوجها الذى يتبرم من عدم إقبالها عليه أو برودها وعدم تجاوبها لمشاعره وألمها بين يديه.. مما يضطر الكثيرات لادعاء مشاعر وهمية لإرضاء الجانى عليها وإسعاده بحياة مزيفة وهى نسبة أكثر مما تتخيلون.

2- تمرد ضعيفات النفوس على فقد السعادة فى الإطار الشرعى خاصة مع التعود والرتابة والاستسلام لآخر استطاع مغازلة عقلها المتحكم الأول كما اتفقنا.

3- ارتفاع نسبة العلاقات غير الشرعية أملاً من الرجل لإيجاد من تشعره بفحولته وتأثيره عليها وغالباً تكون من محترفات المتعة أو المنحلات التى تجيد الضحك على الرجال وإيهامهم بما يرضيهم وهى فى سريرة نفسها تسخر منهم.

4- ارتفاع نسبة الخلافات والطلاق بذرائع واهية لإخفاء السبب الحقيقى الذى لا يعترف به أحد.

وما يثير السخرية هو كم المنشطات الذكورية التى يتم الإعلان عنها فى كل مكان فى الصيدليات وعلى الفضائيات الرديئة، مستخدمين كل الحيوانات البرية بوقاحة مخجلة بحثاً عن متعة إضافية مصطنعة، بينما حرموا نصف المجتمع من نصيبه من المنحة الإلهية (وهو أمر محمود فى موضعه الشرعى) بينما يدفع الرجال دم قلبهم لتحقيقه صناعياً متحدين الطبيعة والزمن.

أتأمل سيدات حكمن العالم وتقلدن أكبر المناصب فى الدول المتقدمة دون أن يكون عدم ذبح أنوثتهن قرباناً على أعتاب الفضيلة المزيفة، سبباً فى انغماسهن فى المتعة رغم يسرها.

الخلاصة.. الفضيلة تكمن فى العقل لا فى منطقة الختان (ولا مؤاخذة).. فربوا بناتكم وأحسنوا تهذيبهن.

أما إذا حدثتنى عن السنة والأحاديث، وقال فلان عن علان، وأحضرت ألف دليل، أجيبك بكلمة واحدة يجب أن يصمت بعدها الجميع: هل ختن الرسول الكريم بناته؟ الإجابة: لا.. ولا أزيد.