رئيس جامعة النيل: مصر فى ذيل قائمة دول العالم فى التعليم

كتب: نادية الدكرورى

رئيس جامعة النيل: مصر فى ذيل قائمة دول العالم فى التعليم

رئيس جامعة النيل: مصر فى ذيل قائمة دول العالم فى التعليم

كشف الدكتور طارق خليل، رئيس جامعة النيل، محاور مبادرة الجامعة لتطوير نظام الثانوية العامة، بالتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدنى المهتمة بالتعليم والبحث العلمى، تعتمد على إلغاء نظام الامتحان الواحد، وتشكيل مجلس أعلى للتعليم لتقييم المنظومة التعليمية.

{long_qoute_1}

وأضاف أن نظام الثانوية العامة المعمول به حالياً غير موجود فى أى دولة على مستوى العالم، وهو ما جعل مصر فى ذيل قائمة الدول التى تهتم بالتعليم ووضعها فى الترتيب رقم 139 من بين 140 دولة بالنسبة لمستوى نظامها التعليمى.

■ بداية ما تقييمك لمنظومة التعليم الثانوى الحالية؟

- للأسف تحول نظام الثانوية العامة، بخاصة الامتحانات لحالة طوارئ كل عام داخل الدولة وداخل الأسرة المصرية، لمجرد أن هناك امتحاناً للطلاب وليس حرباً تخوضها الدولة، ما يجعل نظام الثانوية العامة نظاماً بالياً عفا عليه الزمان ويجب تغييره جذرياً، ولا يعقل أن يحدد مستقبل أكثر من نصف مليون طالب فى يوم الامتحان بالجلوس فى خيمة درجة حرارتها 45 درجة مئوية، ونتيجة هذا اليوم نحدد الجامعة التى يذهب لها الطالب، وهو نظام غير موجود فى أى دولة على مستوى العالم، وأهم ما أفرزه هذا النظام ظاهرة تسريب الامتحانات، ومهما فعلت الدولة من مجهودات لن تستطيع القضاء على هذه الظاهرة أو إيقافها، ما يجعلنا نستهلك أوقات أبنائنا فى منظومة يجب أن تتغير فى أقرب وقت، هذه المنظومة جعلت مصر فى ذيل قائمة الدول التى تهتم بالتعليم بوضعها فى الترتيب رقم 139 من بين 140 دولة بالنسبة لمستوى نظامها التعليمى، والسؤال هو هل نرضى أو نقبل بهذا الترتيب؟ وأتعجب كثيراً عندما أشاهد صفحتين فى إحدى الجرائد مكتوبة عليهما إجابة نموذجية لامتحان الثانوية العامة، فلا يوجد فى العالم ما يسمى بإجابة نموذجية.

■ ماذا فعلت الدول الأولى فى هذه القائمة للارتقاء بمستوى المنظومة التعليمية لديها؟

- إذا نظرنا إلى دولة مثل فنلندا نجد نظام التعليم بها غير نمطى لا يعتمد على التلقين، مثلما يحدث فى مصر، وأن نظام التعليم الأساسى لديها يعتمد بشكل رئيسى على أن يمثل هذا النظام جزءاً من حياة الطفل السعيدة، ولا يعتمد نظام التعليم فى فنلندا على «الحشو» والمناهج الدراسية، فالطفل يذهب للمدرسة لمدة ثلاث ساعات، وينفذ واجباته الدراسية فى 20 دقيقة، ما يجعله يتمتع بالعملية التعليمية، وأصبحت هذه البلاد على رأس قائمة العالم فى مستوى التعليم، ولا تهتم نظم التعليم المتقدمة على مستوى العالم بالمناهج الدراسية، بل تركز على موضوعات بعينها وتطلب من الطلاب أن يقوموا بعمل بحث عن هذا الموضوع، بخاصة أن المعلومات أصبحت متاحة فى كل مكان. {left_qoute_1}

■ كيف ترى نظام التنسيق الجامعى؟ 

- فكرته غريبة، فكيف يمكن على أساس امتحان وحيد أن أحدد رغبات الطالب وقدراته ومواهبه فى اختيار تخصص يرسم له مستقبله، ولا يأخذ الطالب الفرصة الحقيقية لإظهار مواهبه التى على أساسها يختار الكلية والتخصص، ما يجعلنا نطالب من خلال المبادرة بتعميم امتحانات القدرات على تخصصات مختلفة داخل نظام الثانوية العامة، إن أردنا تنمية التفكير الإبداعى لدى أجيالنا المقبلة، ويجب أن يكون هناك كيان آخر يعمل على تقييم الطلاب والمنظومة التعليمية بعيداً عن وزارة التربية والتعليم، يمكن أن يكون مجلس أعلى أو مفوضية للتعليم، ينضم لها عدد من الوزارات مثل وزارة الثقافة والإعلام والتعليم العالى بهدف تقييم المنظومة التعليمية دورياً، للارتقاء بمستوى الخدمة التعليمية المقدمة للطالب.

■ من خلال مبادرة جامعة النيل.. كيف يمكن للدولة النهوض بالمنظومة التعليمية؟

- إذا كانت الدولة تعتبر التعليم أولوية أولى بالنسبة لها، ومشروعها القومى عليها تنفيذ العديد من الحلول، التى لا تشترط التكلفة، كما يدعى البعض، بل تعمل على تسخير الموارد الممكنة لإنجاح هذه المنظومة، فبدونها لن يكون هناك تنمية أو تقدم حقيقيان فى مصر، وبداية الطريق أن نعترف أن المنظومة الحالية للتعليم يجب أن تتغير جذرياً، ونبتعد عن مقولة «لا مساس» سواء بمجانية التعليم أو غيرها من الأمور حتى يمكننا التفكير بشكل أكثر إبداعاً، وننتقل من ثقافة الحفظ والتلقين لثقافة التعليم، التى تتطلب طريقة مختلفة للتعليم ونمط مدارس مختلفاً عن الموجود حالياً.

{long_qoute_2}

ولدينا ما يقرب من 2.6 مليون مولود سنوياً، ما يجعل الدولة لا تستطيع وحدها بناء مدارس تستوعب هذه الأعداد يجب أن يكون المجتمع كله مشاركاً فى هذا العبء. وفيما يتعلق بمجانية التعليم، ففى الحقيقة الدولة مسئولة عن دعم التعليم الأساسى فى كل مراحله الأولى رغم أن الأسرة أصبحت تتحمل أعباء مالية تتمثل فى الدروس الخصوصية، فأين هى المجانية؟ ويمكن إشراك المجتمع المدنى فى تحمل عبء دعم التعليم، من خلال تشجيع التبرعات، واقتصار الدعم على الطلاب المتفوقين، بخاصة فى مراحل التعليم الجامعى.

■ إذن ما أهم محاور هذه المبادرة؟

- تهتم المبادرة بضرورة أن يؤسس النظام التعليمى على التعلم بدلاً من التلقين، وأن نبتعد عن نمط الامتحانات الحالى، وتوزيع الدرجات على أكثر من امتحان، مع نشر توعية كاملة بين أفراد المجتمع بأهمية التعليم باعتباره مشروعاً قومياً.

وتهتم المبادرة بالاعتماد على التكنولوجيا داخل الفصل الدراسى، على أن يتحول المعلم إلى مشرف على تنفيذ العملية التعليمية، بخاصة أنه لا يوجد لدينا معلم خريج كلية تربية ومتخصص بدرجة عالية تؤهله لتدريس الطلاب فى تخصصات علمية مختلفة.

وبناء الإنسان هو محور المبادرة، وليس الهدف من التعليم الحصول على شهادة بل لإنشاء جيل يساهم فى إزكاء قيم المجتمع وخلق نمو اقتصادى حقيقى وإنتاج قومى يمكن من خلاله منافسة دول العالم.

■ كيف يمكن تفعيل مقترحات المبادرة لتطوير التعليم الثانوى؟

- ستعمل المبادرة التى يشارك فيها عدد من مؤسسات المجتمع المدنى، مثل مؤسسة المعرفة للجميع، على كتابة هذه المقترحات فيما يسمى بـ«الورقة البيضاء»، التى ستوزع مجتمعياً ونحاول إرسالها للمسئولين إما من خلال مؤتمرات تنعقد فى هذا المجال، أو إرسالها مباشرة للمسئولين، الذين يقع على عاتقهم تطوير هذه المنظومة، ويجب أن تكون هناك خطة سليمة ومعلنة من قبل الدولة تكون بالشراكة مع المجتمع المدنى، وقطاع الأعمال والشركات، وأن يكون هناك ما يسمى بـ«خريطة تعليمية» واضحة المعالم بها احتياجات الدولة المختلفة لمراحل التعليم وتخصصاته المختلفة سواء كان الثانوى أو الفنى أو التعليم العالى، ويمكن أن نبدأ بخطة قصيرة الأجل، من خلال إلغاء نظام الامتحان الواحد، الذى على أساسه يكون التنسيق، ويستبدل بجهة محايدة من خارج منظومة التعليم الرسمية تعمل على التقييم الدورى على مدار العام للمنظومة التعليمية فى مراحلها المختلفة، وتعميم امتحانات القدرات، وأن تكون نسبتها من بين المعايير الأساسية فى اختيار الطالب للكلية التى يلتحق بها، بناء عن مواهبه وقدراته، وعلينا أن نعيد النظر سريعاً فى دور المعلم داخل الفصل التعليمى، الذى يجب أن يعتمد على التكنولوجيا فى تلقى العلوم، فمثلاً يشرف المعلم على الدروس التى يتلقاها الطالب من أساتذة متخصصين من خلال شاشات التلفاز، ويتابع أداءهم للمناقشات العلمية التى يجريها الطالب بعد مشاهدة الدرس، واقترح عدد من المشاركين بالمبادرة أن يساهم الطالب فى اختيار المناهج والموضوعات التى يريد مناقشتها خلال العام الدراسى، ما يجعلنا نخرج من قالب الحفظ والتلقين الذى أصبح غير موجود فى نظم التعليم على مستوى العالم، وفى الأخير إذا كانت الدولة مهتمة بأن يكون التعليم على رأس أولوياتها عليها أن تبدأ فى الأخذ بالحلول الموجودة التى لا يستلزم تنفيذها تكاليف باهظة.


مواضيع متعلقة