عاطف الطيب : أنا كـ«منتصر» فى «الهروب»: عاش يلهث ومات قبل أن يشبع
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر
لفت نظرى ذات يوم فيديو كليب لأغنية بعنوان «شنطة سفر»، أذكر أننى لم أتماسك وأنا أشاهده لأول مرة، بكيت كثيراً -بكيت بحرقة بالغة- دون أن أعرف بالضبط إن كانت الأغنية مست وتراً مشدوداً بينى وبين بؤس الوقع، أم أنها فجرت شجناً لذيذاً وكامناً!
الأغنية لـ«أنغام» عندما كانت سندريلا، أى قبل أن تقوس حاجبيها وتوسع حدقتيها وتستنفر مفاتنها كأنثى، والموضوع بسيط: شاب (الممثل طارق لطفى) متزوج من فتاة رقيقة (أنغام)، يبدو واضحاً أنهما تزوجا عن حب، لكن سبل العيش ضاقت، فقرر أن يسافر بحثاً عن رزق أوسع، الزوجة ليست موافقة، وتستحلفه بكل تفاصيل الحب -الذى هو أثقل من كل كنوز الدنيا- ألا يسافر، لكنه لا يستجيب ويتألم فى صمت، فيما عيناه الحزينتان تمتلئان قهراً وتسترقان النظر إلى وجه الزوجة التى بدت مستسلمة، منهمكة فى مساعدته فى إعداد حقيبة السفر وكأنها تجهز نعشه، يستقل الزوجان سيارة أجرة إلى المطار، تشيعه الزوجة بعينين أكثر حزناً وحيرة، يتجه الزوج إلى بوابة المطار، وفى اللحظة الأخيرة ينهار ويستدير عائداً ليرتمى فى حضن الزوجة، وهدير الطائرة يمر سريعاً فوق رأسيهما، ثم يخفت رويداً رويداً. ومن تحت غشاوة الدموع ألمح فى آخر تيتر النهاية اسم «عاطف الطيب»: أخيراً وجدت سبباً معقولاً لبكائى.
لم أشعر أننى قريب من شخص مثلما كنت أشعر تجاه عاطف: ابن حى بولاق الدكرور، القادم أصلاً من جزيرة «الشورانية»، مركز المراغة، محافظة سوهاج، ابن الرجل الطيب عبدالله، بلحيته البيضاء المهذبة ونظارته البنية التى تغطى معظم وجهه، ابن الطبقة التى حاربت نيابة عن كل المصريين ولم تفز من الكعكة إلا بالفتات، ابن «عزيمة» كمال سليم و«سوق كامل التلمسانى السوداء» وتراث صلاح أبوسيف الواقعى.
كان عاطف ريفياً فى كل شىء: خجله، وهدوئه الجميل، وصوته الهامس، وسمرته النقية، كبريائه، وشهامته، حسه الوطنى والسياسى العاقل، لهفته فى العمل وإحساسه الدفين بأن الحياة أضيق من طموح البشر، كان عاطف يشعر -فيما يبدو- أنه لن يعيش طويلاً، فكان يعمل وكأنه سيموت غداً، ولم نكن نفهم لماذا يتأرجح خطه البيانى صعوداً وهبوطاً، وكيف يكون مخرجاً لـ«سواق الأوتوبيس» و«أبناء وقتلة» فى الوقت نفسه!
قدم عاطف واحداً وعشرين فيلماً روائياً طويلاً خلال أربعة عشر عاماً، بدأها بـ«الغيرة القاتلة» فى 1982 وأنهاها بـ«جبر الخواطر» فى 1996، لكن درتها (سواق الأوتوبيس) الذى أصبح واحداً من أفضل عشرة أفلام فى تاريخ السينما المصرية، ولا يكاد يخلو منه استفتاء، كما أنه الفيلم الذى أسس لتصنيف عاطف ورفاقه باعتبارهم «موجة جديدة»، وزاد الناقد سمير فريد معتبراً أفلام هذا الجيل «واقعية جديدة» أو «واقعية بلا ضفاف» مستعيراً فى ذلك مصطلح المفكر والفيلسوف الفرنسى «روجيه جارودى».
قد لا يتسع المجال هنا للحديث عن الملامح الفكرية والجمالية لمشروع عاطف الطيب السينمائى، إنما يمكن القول إنه كان امتداداً لمشروع أستاذه ومعلمه صلاح أبوسيف، وتجاوزاً له فى الوقت نفسه، كان عاطف منحازاً تماماً لهموم المواطن البسيط، مواطن الطبقة المتوسطة الذى فرمه انفتاح السادات ووضعته تحولات السبعينات أمام اختبارات قاسية، واختيارات أشد قسوة، وكانت لغة عاطف السينمائية بسيطة إلى حد الألفة، خالية من أى ترميز أو تفلسف أو استعراض. حتى فى تعامله مع (قلب الليل)، إحدى روايات مرحلة نجيب محفوظ الفلسفية وأكثرها تعقيداً، ظل عاطف ملتزماً برسالة من شقين، أولهما أن: «السينما أخطبوط ضخم أصارعه، لا يمهلنى لحظة ولا يترك لى فرصة النظر إلى الوراء».. هكذا قال، وثانيهما طموح جارف لتغيير الواقع.
لم يكن عاطف يلتفت كثيراً إلى ما يقال أو يكتب عن أفلامه، ليس تعالياً بالطبع.. لكنه لا يريد أن يهدر ساعة واحدة من عمره -الذى كان يهجس بأنه سيكون قصيراً جداً- من دون أن يعمل، حتى إن منتجاً حرض عدداً من المخرجين القدامى وأصدروا بياناً يحذر من التعامل مع عاطف بحجة أنه الأنشط والأعلى أجراً بين مخرجى الثمانينات! حدث ذلك فى يوليو 1987، وكان رصيد عاطف فى ذلك الوقت حوالى عشرة أفلام، وقبل شهر من رحيله «غير المفاجئ» زار عاطف والدته وقال لها إنه سيسافر إلى الخارج لإجراء جراحة فى القلب، فطلبت منه أن يتئد وألا يرهق نفسه فى العمل، فقال لها: «السينما كل حياتى.. وأشعر أننى ما زلت فى حاجة لعمل أفلام كثيرة».
تحكى الأم قائلة: كنت أدخل عليه غرفته وهو طفل فأجده يرسم، فأسأله: «بترسم إيه يا عاطف؟»، فيرد: «بارسم سينما»، أما الحاج عبدالله الطيب فيقول مزهواً: ابنى قدم أفلاماً جميلة تناقش قضايا مهمة، لقد ترك للسينما المصرية تراثاً ينبغى أن يدرس، كان يحكى لى عن أفلامه، علمته الأمانة، أذكر أننى أعطيته جنيهاً ليلتحق بمعهد السينما، وكان آخر جنيه فى جيبى، كان إنساناً عصامياً، كون نفسه بنفسه، لم يخف من الموت أبداً، وعندما كان يمشى إلى جوارى وهو طفل أكتشف فجأة أنه اختفى.. فأذهب إلى سينما «سمارة» للبحث عنه، تسألنى عن فيلمه المفضل بالنسبة لى، إنه دون شك (سواق الأوتوبيس)، لقد كان موفقاً جداً فى اختيار نور الشريف لدور «حسن». وتحكى «أشرف»، زوجة عاطف التى رحلت بعد بضع سنوات من رحيله: «اشترينا الشقة ودبرنا تكاليف الزواج من إيراد (الغيرة القاتلة)، تزوجنا فى 21 مارس 1984 ومات فى 23 يونيو 1996، عشنا معا أحلى اثنى عشر عاماً، تسألنى من هو عاطف الطيب؟ إنه «حسن»، بطل (سواق الأوتوبيس)، و«منتصر»، بطل (الهروب)».
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر
- المواطن البسيط
- الناقد سمير فريد
- بولاق الدكرور
- تاريخ السينما المصرية
- حافظة سوهاج
- حى بولاق
- ذات يوم
- أبناء
- أبو
- أجر