«المركزى» يحذر من تفاقم الدين المحلى وعجز الموازنة ويرفع الفائدة لمحاربة التضخم والقضاء على أزمة الدولار

كتب: إسماعيل حماد

«المركزى» يحذر من تفاقم الدين المحلى وعجز الموازنة ويرفع الفائدة لمحاربة التضخم والقضاء على أزمة الدولار

«المركزى» يحذر من تفاقم الدين المحلى وعجز الموازنة ويرفع الفائدة لمحاربة التضخم والقضاء على أزمة الدولار

 

حذر البنك المركزى المصرى من تفاقم الدين المحلى وارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة ما يشكل ضغوطاً تضخمية على الاقتصاد، وذلك فى ضوء تقييمه الدورى للمخاطر المحيطة والنظرة المستقبلية للتضخم، مؤكداً أهمية اتخاذ إجراءات الضبط المالى وأخرى إصلاحية للحد من تفاقم الدين المحلى وارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة والتى تشكل ضغوطاً تضخمية على الاقتصاد.

{long_qoute_1}

وقال «المركزى»، فى تفسير أسباب قيامه برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لديه، إن تحقيق استقرار معدلات التضخم سيؤدى إلى تحقيق معدلات نمو اقتصادى مستدامة، مشيراً إلى أن قرار لجنة السياسة النقدية برفع المعدلات الحالية للعائد من شأنه الحد من توقعات التضخم، موضحاً أنها ستتابع عن كثب كافة التطورات الاقتصادية وآثارها على توقعات التضخم ولن تتردد فى تعديل معدلات العائد والعمل على استقرار الأسعار فى الأجل المتوسط.

وكشفت مصادر لـ«الوطن» أن بنوكاً محلية تسعى خلال اجتماعاتها الأسبوع الحالى إلى اتخاذ قرارات هامة بشأن تحريك أسعار الفائدة لديها بشكل إيجابى يتناغم مع قرارات البنك المركزى، مؤكداً أن بنوك القطاع العام «الأهلى» و«مصر» ستكون فى مصاف البنوك التى سترفع الفائدة لديها.

{long_qoute_2}

ويُعد سعر العائد لدى البنك المركزى استرشادياً للقطاع المصرفى وليس ملزماً للعمل به، فيما تعكف لجان متخصصة داخل كل بنك بشكل منفرد على تحديد أسعار الفائدة على تعاملاته المصرفية بناء على تكلفة الأموال لديه، وهو ما يجعل الفارق البسيط بين أسعار الفائدة لدى البنوك العاملة فى السوق، متوقعاً.

وتُعد خطوة رفع العائد على الودائع والقروض إحدى أدوات السياسة النقدية التى يستخدمها البنك المركزى لاستهداف التضخم، وتُعد إحدى الأدوات التى تعزز الطلب على العملة المحلية «الجنيه» والاستثمار فيها بدلاً من الدولار الذى بات محلاً للمضاربة والاكتناز خلال الفترة الماضية.

وقررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى المصرى فى اجتماعها نهاية الأسبوع الماضى رفع سعرَى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة بواقع 100 نقطة أساس تعادل 1% ليصل إلى 11.75% و12.75% على الترتيب، ورفع سعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بنفس النسبة ليصل إلى 12.25% وزيادة سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس أيضاً ليصل إلى 12.25%.

وقال «المركزى» إن تلك التحركات جاءت بعد ارتفاع الرقم القياسى العام الشهرى لأسعار المستهلكين بنحو 3.05% فى مايو 2016 مقابل ارتفاع شهرى قدره 1.27% خلال أبريل الماضى، فى حين ارتفع المعدل السنوى للتضخم العام إلى 12.3% فى مايو الماضى، من مستوى 10.27% فى أبريل الماضى، ويُعتبر أعلى معدل سنوى للتضخم العام منذ مايو 2015، ويرجع معظم التطورات الشهرية إلى التأثيرات الموسمية بمناسبة شهر رمضان الكريم وصدمات العرض التى أدت إلى ارتفاع متفاوت فى أسعار السلع الغذائية وعلى الأخص الأرز الذى ارتفع بنسبة 18% وساهم بنسبة 0.5 نقطة مئوية فى التضخم الشهرى، فضلاً عن ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، بالإضافة إلى تعديل أسعار السلع المحددة إدارياً، وعلى الأخص «الأدوية» التى ساهمت بنسبة 0.4 فى التضخم الشهرى، كما أن تعديل سعر الصرف فى مارس المنصرم كان له تأثير جزئى على التضخم الشهرى وفى ذات الوقت سجل التضخم الأساسى المعد من قبل البنك المركزى المصرى معدلاً شهرياً قدره 3.15% فى مايو الماضى، مقابل معدل قدره 1.24% فى أبريل الماضى، ويُعتبر أعلى معدل شهرى للتضخم الأساسى منذ يناير 2008.

وارتفع المعدل السنوى للتضخم الأساسى إلى 12.23% فى مايو من 9.51% فى أبريل، وهو أعلى معدل منذ فبراير 2009، وقد تأثر الناتج المحلى الإجمالى سلباً بالقطاعات المحلية والخارجية، حيث ساهم الطلب المحلى بنسبة 4.8 نقطة مئوية فى معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى البالغ 4.5% خلال النصف الأول من العام المالى 2015-2016، على الرغم من مساهمة صافى الطلب الخارجى بنسبة -0.3 نقطة مئوية.

وفيما يتعلق بالناتج المحلى الإجمالى بحسب القطاع فإن الخدمات هو الأعلى مساهمة فى الناتج وعلى الأخص قطاع التشييد والبناء، فى حين كانت مساهمة قطاع السياحة سالبة، بالإضافة إلى ذلك فقد استمر نمو الناتج المحلى مدعوماً بكل من قطاع التجارة الداخلية والزراعة والحكومة فى حين ساهم القطاع الصناعى بنسبة سالبة، ويرجع ذلك إلى الانكماش المستمر فى نشاط الاستخراجات، بالإضافة إلى المساهمة السالبة للصناعات غير البترولية.

ومن المنتظر أن يسهم ارتفاع أسعار الفائدة المتوقع على الودائع والقروض المصرفية فى زيادة فى معدلات الادخار بما ينعكس بشكل إيجابى على تعزيز مفهوم الشمول المالى من ناحية وتوفير مصادر أكبر لتمويل الاستثمار خلال المرحلة المقبلة عبر تعزيز السيولة لدى البنوك التى تقف حالياً عند مستوى جيد.

وعلى مستوى آخر قد يسهم ارتفاع أسعار الفائدة على رفع تكلفة الاقتراض من قبَل المستثمرين، وهو ما قد يشكل تأثيراً طفيفاً على توجهات الاستثمار خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن سعر الفائدة ليس المحدد الأساسى للتوسع أو بناء المشاريع لكنه يبقى محل اهتمام.

وعلى مستوى الدين المحلى فإنه من المتوقع أن تشهد الموازنة العامة للدولة ارتفاعاً فى تكلفة الدين المحلى بعد قيام البنك المركزى برفع أسعار الفائدة التى ستصل تداعياتها حتماً على تسعير أدوات الدين المحلى، وفى صدارتها أذون الخزانة الحكومية.

وفى إطار ما سبق فإنه لم يكن أمام البنك المركزى فى الوقت الحالى سوى اتخاذ قرار برفع أسعار الفائدة على القروض والودائع لمحاصرة التضخم الذى ارتفع مؤخراً إلى مستويات عالية، رغم إعلان المركزى فى وقت سابق أنه يستهدف تضخماً تحت نسبة الـ10%، بالإضافة إلى أن حل مشكلة الدولرة والمضاربة على العملات الأجنبية فى السوق السوداء يتطلب تعزيز الثقة فى الجنيه والعائد من الاستثمار فيه كأحد الحلول الهامة للمشكلة، وذلك فى إطار تنفيذ خطة شاملة لحل أزمة الدولار، والقضاء على المضاربات فى السوق السوداء، والتى تتركز على ترشيد استخدامات العملة الأجنبية من ناحية، وزيادة مواردها من ناحية أخرى.

وكشف البنك المركزى، قبل أيام، ارتفاع أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى بواقع 510 ملايين دولار، ليصل إلى 17.52 مليار دولار بنهاية شهر مايو، بعد أن ارتفعت بنحو 449 مليون دولار، خلال أبريل الماضى.

وتشمل خطة «المركزى» إصدار ضوابط تستهدف ترشيد الاستيراد وخلق مرونة فى التداول على النقد الأجنبى، بإلغاء الحد الأقصى على السحب والإيداع النقدى «الكاش» الدولارى، فضلاً عن جذب صناديق استثمار عالمية لضخ سيولة فى الاقتصاد المصرى إثر عملية التصحيح التى يعكف عليها البنك بمعاونة القطاع المصرفى المصرى.

وتتضمن الخطة تحجيم السوق السوداء وسد منافذها عبر تشديد عقوبات الاتجار فى العملة بالمخالفة للقانون، حيث انتهى البنك المركزى من إجراء تعديلات على بعض مواد باب العقوبات بقانون البنوك رقم 88 لسنة 2003، من شأنها تجريم وتشديد العقوبات على الاتجار فى العملة الصعبة وتهريب النقد الأجنبى خارج البلاد، فى إطار عملية تحديث للقانون بالكامل بما يتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية.


مواضيع متعلقة