مقالات من زمن فات: ورطة «كارتر»

صلاح منتصر

صلاح منتصر

كاتب صحفي

 

نتمنى حقيقة أن ينجح «كارتر» فى حل مشكلة بلاده مع البترول، وهذه الأمنية ليست من أجل الرئيس الأمريكى أو شعبه، ولكنها من أجل كل العالم الذى أحس أن أعظم معاركه المقبلة هى معركته مع البترول، والواضح أنه حتى أكبر الدول تخطئ فى الحسابات كما تخطئ أيضاً فى حل ما يواجهها من مشاكل بالرغم من كل ما تمتلكه من عقول إلكترونية وتكنولوجيا وإمكانيات مادية وفنية، وأكبر دليل على ذلك أن الرئيس نيكسون أعلن عام 1974 عن برنامج يحل مشاكل أمريكا مع البترول ويقلل من وارداتها، وتبعها الرئيس فوراً ببرنامج آخر أكثر تفاؤلاً لكن الذى حدث فعلاً أنه بينما كانت واردات أمريكا من البترول فى حدود 3 ملايين برميل يومياً أيام حكم نيكسون، فإن هذه الواردات وصلت إلى 8 ونصف مليون برميل يومياً، وبعد أن كانت فاتورة مشتريات أمريكا من البترول فى حدود 1500 دولار، أصبحت ترتفع حالياً إلى 600 ألف مليون دولار، ومتوقع أكثر، وورطة كارتر الكبرى فى مشكلة الطاقة أن كل الرؤساء السابقين اشتروا تدليل الشعب الأمريكى إلى الحد الذى أصبح معه هذا الشعب أكبر مستهلك ومسرف فى وقت واحد للبترول، وفى الوقت الذى ارتفعت فيه أسعار المنتجات البترولية فى كل العالم تميزت أمريكا أنها حتى الآن تبيع البترول بسعر أرخص من أى بلد آخر، والذى يطلبه كارتر من الشعب الأمريكى ليس هينا أو بسيطاً، الرئيس الأمريكى يطلب من شعبه أن يغير نظام حياته، أن يركب سيارة أصغر، وأن يمسى فى جو أبرد لتقليل استهلاك وقود التدفئة، ويعيش أيضاً فى جو أكثر حرارة لخفض استهلاك التكييف، وكارتر يريد من المواطن الأمريكى أن يتنازل عن جزء كبير من رفاهيته، وأن يعود من جديد إلى عصر استهلاك الفحم تملك أمريكا منه مخزوناً يكفى حاجتها لخمسمائة سنة، وإنما احتياطى البترول الأمريكى لا يكفى حاجتها إلا لتسع سنوات فقط، لقد كان الاعتقاد أن عصر الفحم قد ولى وانتهى، لكن الأيام أثبتت أن الفحم الأسود ينفع فى اليوم الأبيض.

الأهرام

5 مايو 1979