"الإداري" يحظر إحياء الأفراح والحفلات في ملهى ليلي أو قاعة "قرب المساجد"

كتب: إبراهيم رشوان وأحمد حفنى

"الإداري" يحظر إحياء الأفراح والحفلات في ملهى ليلي أو قاعة "قرب المساجد"

"الإداري" يحظر إحياء الأفراح والحفلات في ملهى ليلي أو قاعة "قرب المساجد"

بعد حكمها الأسبوع الماضي، بتأييد قرار الوحدة المحلية لمدينة كفرالدوار بالبحيرة، بغلق قاعة الحفلات بالمركب العائم "المحروسة" المطل على إحدى الكنائس، قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، حظر إقامة الملاهي الليليلة وقاعات الأفراح والحفلات بالقرب من المساجد، وذلك في قضية أخرى بمدينة المحمودية.

وصدر الحكم، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمد حراز وخالد شحاتة ووائل المغاوري نواب رئيس مجلس الدولة.

وشددت المحكمة في حكمها، على أن الإسلام دين الدولة، وأن مصر راية الإسلام بأزهرها وعلمائها ومفكريها، وأن للمساجد حرمتها ولا يجوز إيذائها، وأن المساجد بيوت الله وذكرها سبحانه في 28 آية من كتابه الكريم، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم ولا يجوز تعطيل رسالتها الجليلة، وأنه لا يجوز التَشْوِيشٌ على المصلين بإقامة الملاهي الليلية وقاعات الحفلات والأفراح قرب المساجد، لإحداثها ضوضاءَ وبلبلةً واختلاطا في السمع. 

وقضت المحكمة، بتأييد القرار المطعون فيه رقم 622 لسنة 2015 الصادر من الوحدة المحلية لمركز ومدينة المحمودية، فيما تضمنه من غلق صالة أفراح المركب "ليالي" المملوك للمواطن أحمد محمد الفقي بناحية شارع البحر بجوار السنترال القديم بمدينة المحمودية، إداريا وبالقوة الجبرية، وألزمت المدّعي المصروفات.

وذكرت المحكمة، في حيثيات حكمها، أنه وفقا للمادة الثانية من الدستور فإن الإسلام دين الدولة، وما من ريب أن مصر راية الإسلام بأزهرها وعلمائها ومفكريها وللمساجد حرمتها ولا يجوز إيذاؤها، ذلك أنه للمساجد أهمية بالغة في حياة المسلمين، فهي الزاد الروحي لمسيرة المسلم إلى الله تعالى، وهي دور عبادة وذكر وتضرع وخضوع وخشوع لله سبحانه، ومواضع تسبيح وابتهال وتذلل بين يدي الله ومقام تهجد وترتيل لكتاب الله وحفظ له.

وتابعت المحكمة: "لا يجوز التَشْوِيشٌ على المصلين بإحداث ضوضاءَ وبلبلةً واختلاطًا في السمع، ومثل تلك الملاهي والأفراح والحفلات من شأنها التأثير على أهل المسجد بالكلام في أمور الدنيا، وفي ذلك إيذاء لهم وإشغالا للمسلمين عن أداء طاعتهم لله على الوجه الصحيح، والتشويش محظور ولو كان بعلو الصوت بتلاوة القرآن فكيف يكون بغيره وهو في الأصل كلام الله المنزل على رسوله الكريم، إذ أخرج أحمد بن شعيب النسائي في السنن الكبرى تحت عنوان: ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن)، وذلك بسنده إلى أبي حازم التمار عن البياضي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال إن المصلي يناجي ربه فلينظر ماذا يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض في القرآن".

وأضافت المحكمة، أن الإسلام كفّل حرية العقيدة، ويحمي الحقوق والحريات العامة الأساسية لكل إنسان دون تحيز، وهو ما تبناه الدستور ووضع ضوابط تشكل الإطار القانوني لحدود ممارسة هذه الحريات، حيث تقف عند وجوب احترام حقوق وحريات عوام المسلمين المتصلة بممارسة الشعائر الدينية دون انتهاك، أو تعد نزولا على مقتضى القاعدة الشرعية القاضية، بأنه يتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر عام، وبهذه المثابة فللمساجد حرمتها، فهي إعلاء لكلمة الله في الأرض وذكره وتسبيحه وتلاوة آياته وتعاليمه ونسكه، ولا يجوز تعطيل رسالتها الجليلة تحت أي ظرف من الظروف، لذا فإنه لا يجوز للجهات الإدارية أن تسمح بإقامة الملاهي الليلية وقاعات الأفراح والحفلات أيا كانت قرب المساجد، توقيرا لرسالة المسجد العظيمة كدور عبادة في حياة المسلمين.

وذكرت المحكمة، أن المساجد بيوت الله سبحانه وتعالى، ونظرا لمكانتها وفضلها ذكرها الله سبحانه في ثمان وعشرين آية من كتابه الكريم، وأضافها إلى نفسه إضافة تشريف وتكريم، فقال سبحانه: "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" سورة الجن الآية (18)، ورغب سبحانه في بنائها وعمارتها وأخبر أن عُمَّارها المؤمنون بالله واليوم الآخر فقال تعالى: "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ" سورة التوبة الآية (18).

وأوضحت المحكمة: "بما أن العبادة في المفهوم الإسلامي شاملة جامعة لحياة الإنسان العابد لله تعالى، قال الله عزوجل: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) سورة الأنعام ( 162-163 )، وقوله تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ) سورة النور الآية (36)، كما أخبر سبحانه أن تعطيل المسجد، ومنع الناس من ذكر الله فيه ظلم، قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، سورة البقرة الآية (114)، ومن ثم أضحى التزاما على جميع الجهات الإدارية، عدم الموافقة على إقامة الملاهي وقاعات الأفراح والحفلات قرب بيوت الله احتراما لقدسيتها ومكانتها".

واستطردت المحكمة، أن المُشرع الدستوري حرص على النص أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، ووفقا لديباجة الدستور فإن المرجع في تفسيرها هو ما تضمنه مجموع أحكام المحكمة الدستورية العليا في ذلك الشأن، بينما الأزهر الشريف هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ومن ثم يتمخض الإلزام الدستوري الأول عن قيد قوامه ووجوب أن تتحراه كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتنزل عليه في تشريعاتها، فلا يجوز لنص تشريعي أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية في ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا أو تبديلا، وهي عصية على التعديل والتأويل، ولا يجوز الخروج عليها أو الالتواء بها عن معناها.

واختتمت المحكمة حكمها، أن المدّعي حصل على الترخيص رقم 440 غربية من قسم الملاحة الداخلية بمحافظة الغربية بتسيير المركب "ليالي"، وذلك لاستخدامها في غرض قاعة أفراح بناحية شارع البحر بجوار السنترال القديم، وأن الثابت من محضر اجتماع اللجنة المشكلة لدراسة إنشاء مرسى أن قاعة الأفراح تقع قرب أحد المساجد، ما يؤدي إلى غضب الأهالي من المصلين المترددين على المسجد  وارتأت اللجنة عدم الموافقة على الترخيص بالنشاط المشار إليه.

ولما كان نشاط قاعة الأفراح هو من الأنشطة التي تدخل ضمن محلات القسم الأول المنصوص عليها في قانون المحال العامة رقم 371 لسنة 1956، وبالتالي يسري على ذلك النشاط ما يسري على محال القسم الأول من قيود، ومن بينها أنه لا يجوز إقامة تلك الأنشطة في محلات قرب الأماكن المعدة للعبادة المصرح بإقامة الشعائر الدينية فيها وعلى القمة منها المسجد، فمن ثم يكون قرار الوحدة المحلية لمركز ومدينة المحمودية بغلق قاعة الأفراح بالمركب "ليالي" متفقا وصحيح حكم القانون.


مواضيع متعلقة