«هضبة الشهبة»: طفولة وسط المحروقات والركام

08:58 م | الأحد 29 مايو 2016

فى منطقة الدويقة، طريق طويل ممتد بين الصخور، غير ممهد، تقطعه السيارة على مهل، ويغلب على الطريق تعرجات واضحة، وعلى جانبيه غرف من صفيح وأخشاب أو من الطوب، ليس لها مداخل واضحة، بعضها تحت الأرض، والبعض الآخر سقفه يغطيه الجبل، البيوت مكونة من غرفتين، أو من غرفة واحدة مظلمة وسيئة التهوية، لعدم وجود نوافذ على الشارع.

وفى آخر منطقة الدويقة، تقع منطقة هضبة الشهبة، التى تم هدم معظم بيوتها، بأمر من رئاسة حى منشأة ناصر عام 2015، وتحيطها الجبال من كل مكان، وعلى يمينها يغطى الجبل باللون الأسود، لون الركام، حيث كانت المنطقة مخصصة لحرق القمامة والمخلفات، هناك يلعب الأطفال، ويهرولون حفاة فوق بقايا القمامة المحروقة.

شارع «أبوعلى البنا»، الذى يقع يسار أسفل الهضبة بعدة أمتار، كان يضم أكثر من 36 أسرة، يعيشون فى غرف متلاصقة ضيقة، لا يصل إليها نور أو تهوية، أصبح الشارع مغطى بالركام، كما تظهر آثار غرف صغيرة لا يتجاوز عرضها 3 أمتار، معظمها مطلى باللون الأزرق، تتجاور مع بعضها البعض، لتبقى هى الشاهد الوحيد على أن هناك حياة فى تلك المنطقة، بعدما تم هدمها بأمر من رئاسة حى منشأة ناصر، باعتبارها منطقة ذات خطورة على حياة المواطنين.

لم يتوقف أطفال الأحياء المجاورة عن اللعب فى تلك الأطلال المتهدمة، يصرخون ويصيحون، ويرفعون أيديهم ليلفتوا انتباه الكاميرات، بينما يتحرك أشرف حسام، رجل فى الستين من عمره، بخطوات حذرة، يرتدى جلباباً رمادياً، ويضع على كتفيه شالاً أبيض، مقبلاً من أسفل هضبة الشهبة، يقول: «كل الركام اللى تحت الهضبة دى كانت بيوت والناس كانت عايشة فيها»، مؤكداً أنه خلال عامى 2011 و2015، جرت أعمال هدم فى منطقة الشهبة، حيث كان الأهالى يعانون من خطر حقيقى، وخوف من تساقط قطع جبلية على منازلهم.

يقول أشرف إنه أحد سكان شارع أمير المؤمنين بمنطقة الدويقة، التى لم يصدر لها أمر إزالة حتى الآن: «إحنا الناحية التانية من الجبل، وبيقولوا لنا لسه مفيش خطر على حياتنا، بس إحنا كمان نفسنا نمشى زى أهالى أبوعلى البنا». مضيفاً: «الأهالى الذين تم إخراجهم من المنطقة أبلغوا عن سقوط صخرة فى منطقة الشهبة عام 2011، وقاموا بمطالبة المسئولين بسرعة التدخل، ونقلهم من المنطقة، وعندما جاء رئيس الوزراء السابق، إبراهيم محلب، وذلك بحضور رئيس حى منشأة ناصر، طالبوا الأهالى بالهدوء وعدم مقاومتهم أثناء القيام بهدم البيوت المعرضة للخطر، فى حين قيامهم بالفعل بتوفير وحدات سكنية لهم فى مناطق آمنة خارج الدويقة، وذلك فى منطقتى بدر والسادس من أكتوبر، أما بقية الأهالى فتم توفير بدل مسكن لهم مقابل 300 جنيه لكل أسرة، حتى الانتهاء من بناء مساكن لهم فى منطقة أسمرات».

يقول «أشرف»: «فيه ناس تفضل تناشد المسئولين ويقولوا خرّجونا من هنا هنموت، ولمّا ييجوا ينقلوهم يقولوا لهم مش عايزين نطلع، أنا نفسى كل منطقة الدويقة تنتقل بالكامل من هنا».