بعد مهزلة المؤتمر الصحفى.. خبراء: كفاءة الصحفيين تراجعت ولا بد من إجراءات صارمة لإنقاذ المهنة

كتب: إمام أحمد

بعد مهزلة المؤتمر الصحفى.. خبراء: كفاءة الصحفيين تراجعت ولا بد من إجراءات صارمة لإنقاذ المهنة

بعد مهزلة المؤتمر الصحفى.. خبراء: كفاءة الصحفيين تراجعت ولا بد من إجراءات صارمة لإنقاذ المهنة

يحضر المسئول، ويحضر الصحفيون والمراسلون، ويبدأ انعقاد المؤتمر بإلقاء بيان ثم تتوالى الأسئلة، ثم يغادر كل طرف لمواصلة عمله، إلا أنه فى مصر لا تسير الأمور على هذا المنوال فى أغلب الأحيان، ليتحول المؤتمر الصحفى إلى ساحة للمشاجرة الكلامية أو مناسبة لـ«الشو» أمام الملايين، وقد يتطور الأمر إلى «فقرة كوميديا» تنتهى باعتذار للمشاهدين، فى ظل غياب للمهنية والكفاءة والالتزام بموضوع المؤتمر من جانب «الصحفى» حيناً، وغياب القدرة على الشرح والتوضيح وإيصال المعلومة من جانب «المسئول» حيناً آخر.

{long_qoute_1}

فى المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير الطيران المدنى شريف فتحى، بعد ساعات من الإعلان عن فقدان الطائرة المصرية التى أقلعت من مطار شارل ديجول بفرنسا، وقف الوزير أمام الكاميرات للإدلاء بالموقف الرسمى للدولة، مؤكداً ضرورة الاعتماد على الحقائق وانتظار التحقيقات دون اللجوء للنظريات والفرضيات، لكن بعض الصحفيين والمراسلين كان لهم رأى آخر، «الطائرة المنكوبة سجلت عطلاً فى 2013 ولم يتم اتخاذ اللازم فيه» قال أحد الحاضرين، وهو ما أجاب عنه الوزير بعد اعتذار منمق بأن هذا «كلام فاضى.. لأن الطائرة مش عربية الموتور بتاعها بيتكتك وهنمشى بيها شوية، فالطائرات تتم صيانتها بشكل دورى.. إزاى أنا بتكلم عن طيارة كانت عطلانة من 2013 فيه طيارات كانت عطلانة الأسبوع اللى فات وبتتصلح وتطير، وهو ما يتم بشكل دورى ويومى قبل الإقلاع فلا مجال لمثل هذه الفرضية».

المشهد الأكثر إثارة فى المؤتمر عندما قاطع أحد الصحفيين الجميع، قاطعاً حكمه بأن المطار الذى أقلعت منه الطائرة يجب أن يتحمل المسئولية الكاملة، قائلاً: «علشان يبقى فيه حد تانى يشيل الشيلة.. احنا شيلنا الشيلة فى شرم الشيخ»، ليطالب الوزير بعدم إطلاق أحكام مسبقة والالتزام بالقواعد والمهنية، أما ثالث المشاهد الخارجة التى شهدها مؤتمر «الطائرة»، فدار حول سؤال غريب: «هل سننتظر حتى نهاية التحقيق لكى نحاسب من ارتكب هذه الجريمة؟»، فكان رد الوزير: «أومال نروح نحاسب من غير ما يكون عندنا حقائق؟»، ليرد المراسل الصحفى متطرقاً إلى موضوع آخر: «طب فين حقائق الطائرة الروسية؟»، ليأتى الرد: «خلينا فى الحادثة اللى احنا فيها.. هل أحاسب الناس دون إجراءات التحقيق؟».

مؤتمر «الطائرة المفقودة» مجرد حلقة جديدة فى سلسلة تضم عشرات الحلقات السابقة التى شهدت أخطاءً صحفية تارة بتجاوز دور الصحفى نفسه، وأخرى بالضعف المهنى الذى يوقعه فى مواقف لا يحسد عليها، الدكتورة ليلى عبدالمجيد، أستاذة الإعلام، أكدت أن أكبر خطأ قد يرتكبه الصحفى هو تخطى حدود مهنته ودوره إلى مهن وأدوار أخرى، مثل إصدار الأحكام القاطعة، أو تبنى وجهة نظر سياسية والدفاع عنها، «هذه خطايا كبرى مُنى بها الإعلام بكافة أشكاله حالياً، البعض أصبح لا يمارس الإعلام لكنه يمارس سياسة ويريد أن يظهر فى الصورة على أنه بطل»، عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة سابقاً طالبت المؤسسات الصحفية والإعلامية والنقابية بعقد دورات لرفع كفاءة صحفييها ومراسليها، واتخاذ إجراءات مهنية صارمة تجاه طريقة ومستوى أدائهم الصحفى والإعلامى.

الأزمات الصحفية والإعلامية المتكررة فى مناسبات عديدة، أرجعها الدكتور حسين عماد مكاوى، وكيل المجلس الأعلى للصحافة، إلى «إننا نعانى من إعلام يخلو فى أغلبه من المهنية»، فمستوى الكفاءة تراجع إلى حد كبير خلال السنوات الأخيرة، بحسبه، والتداخل بين العمل الإعلامى والموقف السياسى أصبح طاغياً، ولا بد من وضع حد لهذا الأمر الذى يهدد المهنة كلها.

بخلاف أزمات الصحفيين والمسئولين، يرى أيمن السعدون، خبير العلاقات العامة، أن هناك جانباً ثالثاً يتعلق بالتنظيم والإدارة، يحدد نجاح المؤتمر الصحفى أو فشله، العديد من القواعد والتعليمات يؤكد أنها لا تزال غائبة وتتسبب فى حدوث مشكلات كبيرة وإفساد بعض المؤتمرات: «أولاً يجب تحديد أسئلة محتملة وإعداد أجوبتها، التى قد تُطرح وتحرج المسئولين فى حال مفاجأة السؤال، ويجب عمل بروفات كاملة لجميع المتحدثين لتفادى أى أخطاء، وإعداد جدول زمنى بمدة البيان والأسئلة وتجنب الرد على أسئلة مكررة أو خارج موضوع المؤتمر»، يؤكد «أيمن» أن مدة المؤتمر وفترة السماح بتوجيه الأسئلة يجب أن تكون مقتضبة، موضحاً: «يفضل ألا يستمر أكثر من 30 دقيقة، أو ساعة كحد أقصى، لكن بعض المؤتمرات يتم فتحها لمدة زمنية واسعة ما يزيد من احتمالية حدوث مشكلات وافتعال أزمات من جانب البعض».

 

 


مواضيع متعلقة