القاسمي: القوات المسلحة الإماراتية قوية الإرادة وعازمة على حماية مؤسسات البلاد
![فيصل بن سلطان القاسمي](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/17854085201463475318.jpg)
فيصل بن سلطان القاسمي
أكد الشيخ فيصل بن سلطان القاسمي، استعداد أبناء الإمارات لخدمة وطنهم والتضحية من أجله بالغالي والنفيس، وتلبية نداء الواجب في مختلف الظروف، مشيرا إلى أن القوات المسلحة مرت بمراحل عديدة، تميزت جميعها بقوة الإرادة والإصرار على بناء مؤسسة عسكرية، قادرة على حماية مكتسبات الدولة وتطورها على الصعد كافة.
وقال القاسمي ــ رئيس أركان سابق ـــ إن احتفال القوات المسلحة في 6 مايو من كل عام بذكرى إعلان توحيدها، يعد إضافة قوية إلى بنيان دولة الاتحاد، وترجمة لأحد المبادئ الراسخة التي حرص عليها القادة المؤسسون، لتعزيز ركائز ومقومات مسيرة البناء والتطور والنهضة.
وأعرب القاسمي في حوار مع وكالة أنباء الإمارات "وام" بمناسبة الذكرى الـ40 لتوحيد القوات المسلحة، عن فخره واعتزازه بأن يكون من المؤسسين الأوائل للقوات المسلحة، مسترجعا السنوات الأولى لقيام دولة الوحدة وكيفية مواجهة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله - وإخوانه أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات صعاب مرحلة التأسيس وتحدياتها بشجاعة وإرادة قوية.
وأضاف: "نستحضر اليوم أرواح القادة المؤسسين، الذين اتخذوا قرار توحيد القوات المسلحة قبل 40 عاما، حيث كان قرارا حكيما استشرف المستقبل بعيون بصيرة"، مؤكدا أن قواتنا المسلحة تمتلك حاليا أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية، إلى جانب توفير البرامج التعليمية والتدريبية، والارتقاء بالقيم العسكرية والوطنية، وترسيخ روح الولاء للقيادة والانتماء للوطن".
وشدد القاسمي، على أن القوات المسلحة الموحدة تحمي وتصون الإنسان والوطن ومكتسباته، وتدافع عن سيادته وتمده بالكوادر المواطنة المسلحة بالإرادة والعلم والوطنية والانتماء، كما هنأ أبناء وبنات وقادة وضباط وجنود القوات المسلحة الإماراتية، وبارك لهم احتفاءهم بهذه المناسبة.
وتاريخيا، تأسست المرحلة الأولى من القوات المسلحة الإماراتية، بقيام قوة ساحل الإمارات المتصالحة في 11 مايو عام 1951، وأطلق عليها "قوة ساحل عمان" والتي أصبحت تعرف بعد ذلك بـ"كشافة الإمارات المتصالحة"، فيما كانت القوة تتكون من 5 سرايا مشاة وسرايا إسناد ولاسلكي وتدريب والمشاغل والطبية، إلى جانب الموسيقى العسكرية ومدرسة تعليم الصغار.
وتمركزت قيادة القوة في بداية تأسيسها في معسكر القاسمية في إمارة الشارقة، ثم انتقلت إلى معسكر المرقاب لاحقا، واتخذت من منطقة المنامة التابعة لإمارة عجمان مركزا للتدريب، وخلال العام 1956 تغير اسم القوة إلى "كشافة ساحل الإمارات المتصالحة".
وأكد القاسمي: "اتسم أداء القوات المسلحة الإماراتية بالتضحية والفداء منذ البدايات الأولى، ففي العام 1971 صعدت روح الشهيد سالم بن سهيل بن خميس إلى بارئها، ليسجل اسمه في التاريخ كأول شهيد إماراتي، وذلك بعدما لقي وجه ربه على يد القوات الغازية، عندما هاجمت جزيرة طنب الكبرى في محاولة لاحتلالها، وكان الشهيد في ذلك الوقت جنديا يؤدي واجب الحراسة في مركز شرطة جزيرة طنب الكبرى، التي تتبع إمارة رأس الخيمة، ولتخليد ذكرى الشهيد وتضحيته وبطولته، أطلق اسمه على مدرسة للتعليم الأساسي في منطقة آل منيعي الجبلية، لتصبح مدرسة سالم سهيل".
ومع خطوات الاتحاد الأولى، حظيت القوات المسلحة باهتمام خاص من قبل القائد المؤسس رحمه الله، وهو يواكب جميع مراحل التطور والتقدم الذي شهدته الإمارات منذ قيامها في الثاني من ديسمبر عام 1971.
وأشار الشيخ فيصل بن سلطان القاسمي، إلى أبرز المحطات في تجربته العسكرية والوطنية منذ البداية، عندما التحق بالقوات المسلحة، حتى أصبح رئيس أركان القوات المسلحة في الدولة، قائلا: "كنت وما زلت مشغولا بهموم المؤسسة العسكرية، فأنا قضيت معظم سنوات عمري بين أروقة المعسكرات والوحدات العسكرية وعاصرت رجالها".
ونوه القاسمي، بأنه التحق أولا بقوة ساحل عمان خلال العام 1954، وكان عمره 14 عاما، ثم ابتعث لدورة المرشحين في الأردن خلال ديسمبر عام 1955، وتخرج منها عام 1956، والتحق بدورات أخرى مثل الإدارة والمدفعية والخارطة والبوصلة والصور الجوية في الأردن، ثم عاد إلى الإمارات، وعمل في قوة ساحل عمان في التدريب، وانتقل إلى السرية في مدينة العين، حيث التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ــ طيب الله ثراه ــ عام 1957".
وأوضح القاسمي أنه التحق بدورة حرب الجبال أواخر 1957 وبداية 1958، وكان تحت قيادة البريطانيين، وكان يدرب ضباط من قوة ساحل عمان والعمانيين و"الإنجليز" على حرب الجبال في الجبل الأخضر، ثم انتسب لدورة المرشحين في بريطانيا عام 1960 في كلية مونز، وبعدها عاد إلى الإمارات، ثم أرسل إلى بريطانيا مرة أخرى للمشاركة في دورة في المدرسة العسكرية الثقافية في "بيكن فيلد"، ثم أرسل إلى هايث للتدريب على الأسلحة الخفيفة.
وأضاف أنه أرسل إلى "وور مانستر ــ manster war"، وهي دورة التكتيك لجميع الأسلحة، ثم عاد وانتسب لدورة توجيه الطيران، وبعدها سافر إلى بريطانيا والتحق بـ"برقيد قروب 38"، ومن ثم أرسل إلى منطقة تسمى "أوما" في إيرلندا للقوات البريطانية لتدخل السريع.
وينتقل الشيخ فيصل بن سلطان القاسمي إلى المرحلة الثانية من تاريخه العسكري وهي مرحلة عودته إلى الإمارات، قائلا إنه كان يعمل في مركز التدريب في المنامة مدربا لضباط الصف، وبعد ذلك تأسست في قوة ساحل عمان كتيبة "كتيبة الصحراء" التي رشح ليكون رئيس أركانها، ثم انتقل إلى التدريب مرة أخرى، وكان مساعد القائد في فئة التطبيق حتى عين قائد مركز التدريب في المنامة.
وأشار إلى أنه قبل قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر عام 1971، التقى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ــ كان حاكما لإمارة أبوظبي آنذاك الوقت ـــ وخلال اللقاء قال المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان: "نحن نريدك عندنا وأن تخرج من عند الإنجليز بطريقة سليمة".
وأضاف أنه بعد ذلك بفترة قصيرة، حضر مجددا لزيارة المغفور له الشيخ زايد، الذي طلب منه أن يكون مع صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، والذي كان يشغل منصب ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية حيث تم تعيينه رئيسا لديوانه.
واستطرد القاسمي، أنه بعد ذلك تأسست دائرة الدفاع في قصر المنهل في أبوظبي، حيث نظمها واستقطب الكوادر من الدول الصديقة، فيما طلب الشيخ زايد من صاحب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، إنشاء كلية عسكرية في الوقت نفسه، وكان التركيز على تجنيد أكبر عدد من الأفراد والتحاقهم في الوحدات.
وأوضح أنه عندما تم إنشاء كلية زايد، أرسله زايد بن سلطان آل نهيان إلى الملك حسين، حاملا رسالة بشأن جلب كوادر لكلية زايد العسكرية، فأرسل عددا من الضباط بقيادة العقيد صالح مصطفى، وبدأت أول دورة في الكلية كان أحد طلابها الفريق الركن حمد محمد ثاني الرميثي رئيس أركان القوات المسلحة الحالي، ثم تم استقطاب كوادر لمدرسة المشاة وكان أول تكوينها في المعسكر القاسمية في الشارقة فيما جاء كوادرها ومدربوها من السودان.
ولفت إلى أنه كان آنذاك برتبة عقيد ويشغل منصب وكيل دائرة الدفاع، من ثم كونت القوات الثلاث "البرية والجوية والبحرية" وأنشئت الوحدات المساندة للخدمات الطبية والإشارة والنقل والتموين والمستودعات، مضيفا أنه عند قيام الاتحاد في العام 1971 كانت القوة الضاربة "قوة دفاع أبوظبي" وتوجد في الإمارات قوات خاصة لكل إمارة مثل "دبي DDF" و"الشارقة SNG" ورأس الخيمة قوة متحركة و قوة أم القيوين، قبل توحيد القوات المسلحة كونت لجنة من الضباط من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت والأردن وهذه اللجنة تفقدت جميع القوات في الإمارات.
ولفت إلى أنه طلب منه تقديم محاضرة في القيادة العامة للتشكيلات والمعدات والقوة الموجودة في دفاع أبوظبي، بعدما عرض أمام الضباط واللجنة اندهشت اللجنة من العدد والعدة الموجودة في دفاع ابوظبي، وبعد حوالي 4 أشهر تقريبا من قيام توحيد القوات المسلحة، تم إرسال قوات إلى سوريا للمشاركة بحفظ الأمن في لبنان مدربة ومجهزة من قبل توحيد القوات المسلحة.
وتابع القاسمي: "كان تطور القوات المسلحة تجسيدا للنظرة الثاقبة للقائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وواصلت التطور والتقدم والارتقاء بدعم ومتابعة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتكون الذراع القوية والدرع الواقية والسياج الحصين لمسيرة الاتحاد ومكتسبات وإنجازات شعب الإمارات والأجيال المقبلة لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار، وأرسى قرار زايد بن سلطان آل نهيان الخاص بتوحيد القوات المسلحة دعائم الاتحاد وعزز من مسيرته، وكان بمثابة الأساس المتين الذي يعتمد عليه وكان له الدور الكبير في تطوير هذا الرافد المهم.
واستطرد القاسمي: "في يوم مشهود توحدت القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة، وذلك في السادس من مايو عام 1976 فسخر لها المغفور له الشيخ زايد كل الإمكانات اللازمة والطاقات البشرية المطلوبة لتأسيسها وتحديثها وتطويرها على مدى سنوات طوال، وكان الهدف الأسمى الذي لم تتوان قيادة الدولة عن تحقيقه، تأسيس هذه القوات على قواعد متينة قوية، من خلال متابعة كل ما هو جديد من تقنيات وصناعات عسكرية، رفعت مستوى القوات المسلحة إلى أعلى المراتب، فحرصت القيادة الرشيدة كل الحرص على توفيرها وتسخيرها".
واستكمل: في 21 ديسمبر عام 1971 تغير مسماها من كشافة ساحل الإمارات المتصالحة إلى قوة دفاع الاتحاد، التي تشكلت في 27 ديسمبر عام 1971 بقرار من المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأنيطت قيادتها والإشراف عليها لوزير الدفاع.
وخلال عام 1974 وبقرار من وزير الدفاع، تم تغيير مسمى قوة دفاع الاتحاد إلى القوات المسلحة الاتحادية، مع تغيير شعار وعلم القوة الجديدة، لتواكب التحديث والتطوير في الدولة مع إبقاء الواجبات والمهام والتنظيم ومرتبات القوة البشرية والتسليح والمعدات نفسها، وكذلك مواقع التمركز لقيادة القوة والسرايا ومركز التدريب، وبقيت هذه القوات تحت إشراف وزارة الدفاع لدولة الإمارات، واستمرت بهذه التسمية حتى العام 1976 وبقرار توحيد القوات المسلحة تم تغيير مسمى وحجم القوات إلى لواء، وسمي لواء اليرموك وضم إليه قوة حرس الشارقة الوطني، والتي كانت بحجم كتيبة مشاة وشكل لواء اليرموك ليضم 3 كتائب مشاة وكتيبة مدرعات العقرب، وتشكلت سرايا للخدمات الإدارية والطبية والإشارة والصيانة.
وتابع القاسمي: "جاءت الخطوة التاريخية، وكان لابد من أن يواكب قيام الاتحاد تطور كمي ونوعي في القوات المسلحة من وحدة صغيرة الحجم إلى قوة تضم كافة تشكيلات القتال والإسناد الناري والإداري، لتتناسب مع دورها الجديد، وتطلب ذلك وجود قوات مسلحة موحدة تحت علم واحد وقيادة واحدة، ومن هنا جاءت الخطوة التاريخية بقرار من المجلس الأعلى للاتحاد بتوحيد القوات المسلحة الإماراتية في 6 مايو عام 1976".
وأضاف: "بناء على توجيهات الشيخ زايد، صدر القرار التاريخي لرئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم 1 لعام 1976 في شأن توحيد القوات المسلحة، والذي نص على توحيد القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية تحت قيادة مركزية واحدة تسمى القيادة العامة للقوات المسلحة".
وشمل القرار إنشاء 3 مناطق عسكرية، هي المنطقة العسكرية الشمالية القوة المتحركة برأس الخيمة سابقا، والمنطقة العسكرية الغربية قوة دفاع أبوظبي سابقا، والمنطقة العسكرية الوسطى قوة دفاع دبي سابقا، وتم توحيد العلم العسكري والشعار والزي العسكري وأعلام القادة على مختلف مناصبهم.
وخلال العام 1978 صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم 1 لسنة 1978 بشأن استكمال تنظيم القوات المسلحة في الإمارات، حيث تم استكمالها وإعادة تنظيمها بدمج القوات البرية والبحرية والجوية دمجا كاملا على جميع المستويات، وإلغاء قيادات المناطق العسكرية وتحويل قواتها إلى ألوية وتشكيلات عسكرية نظامية، وبدأ عهد التطوير والتمكين.
وأشار الشيخ فيصل القاسمي إلى أن الشيخ زايد كان مهتما جدا بتعليم أبناء الإمارات، وتم إنشاء مدرسة "أبوعبيدة للتعليم" التي أصبح معظم الطلاب الذين تخرجوا منها قادة في القوات المسلحة، وأيضا كان الشيخ زايد رحمه الله يصرف الرواتب التشجيعية للطلاب لتكون حافزا لهم ولذويهم.