«الجلاب».. آيس كريم الصعايدة

كتب: رجب آدم

«الجلاب».. آيس كريم الصعايدة

«الجلاب».. آيس كريم الصعايدة

 هى واحدة من أشهر الصناعات فى محافظة قنا، خصوصاً فى قرية القناوية التابعة لمركز نجع حمادى، تعتمد فى صناعتها على العسل الأسود الخام، يُطلق عليها «آيس كريم الصعيد»، لأنها تشبه الآيس كريم، هى «الجلاب»، الحلوى التى اشتهر بها القناوية.

{long_qoute_1}

نشأت صناعة «الجلاب» مع العسل الأسود فى مدينة نجع حمادى، وتمركز صانعوها فى قرية «القناوية»، ولم تتمكن أى قرية على مستوى الجمهورية من أن تنقل تلك الصناعة إليها، رغم انتشارها فى كل مكان، فى الشوارع والأسواق والقطارات تجد باعة يحملون مقاطف مرصوصة عليها حلوى «الجلاب»، مرددين هتافات «يلا الجلاب الحلو.. الجلاب القناوى.. جلاب نجع حمادى»، ذاكرين أسعار تلك القطع التى تختلف حسب الحجم، لكنها لا تزيد على جنيه ونصف الجنيه.

تمر صناعة «الجلاب» بعدة مراحل، أولاها إحضار نوع من العسل الأسود «نصف مطهى» ووضعه فى وعاء محدّد من الصفيح ثم فى وعاء يسمى «النحاسة»، وفيه يتم غلى العسل حتى يصل إلى 100 درجة مئوية وقد تزيد، حتى يصبح لزجاً.

أما المرحلة الثانية فهى استخراج العسل اللزج الذى يميل لونه إلى البنى الداكن فى أوانٍ صغيرة، ويضاف إليه كربونات الصوديوم ويتم ضربه ليكون أكثر تماسكاً ويكتسب اللون البنى الفاتح، حينها تصبح الخلطة جاهزة. المرحلة قبل الأخيرة، يتم سكب الخلطة فى أقماع فخارية تشبه «الآيس كريم» وتظل لعدة دقائق حتى تتجمّد ويتحول لونها إلى الأصفر ويتم تفريغها على قطعة أسطوانية مصنوعة من سعف النخيل، أما المرحلة الأخيرة ففيها يتم نشر تلك الأقماع فى مساحة واسعة تملأها أشعة الشمس حتى تكون متماسكة.

خالد حسنى محمود، صاحب أكبر «نحاسة» لصناعة «الجلاب» فى نجع حمادى ورثها أباً عن جد، منذ أربعينات القرن الماضى، قال إن سبب إضافة كربونات الصوديوم لمادة العسل اللزجة بعد درجة غليان تصل درجتها إلى أكثر من 100 درجة مئوية، هى أنها تؤدى إلى زيادة الكمية مع خفة الوزن، وتساعد فى الوصول إلى لون الجلاب المعروف.

عدد النحاسات فى قرية القناوية نحو 9 نحاسات تغطى محافظات الجمهورية، حسب «خالد»: «النحاسة الواحدة بيشتغل فيها 5 صنايعية ده غير العمال، ينتجون يومياً من 30 إلى 35 صفيحة من العسل الأسود، تُباع الصحيفة بـ 120 جنيهاً».

رغم مرور سنوات طويلة على صناعة الجلاب لم يطرأ عليها أى تغيير حسب حمدى سعد، صاحب نحاسة حلوى فى القرية: «مفيش أى تطور حصل، إحنا بنستخدم الأدوات نفسها اللى ورثناها عن أجدادنا»، كاشفاً عن تقلص هذه الصناعة، فأكثر من 50 نحاسة أغلقت أبوابها بسبب عدم وجود دعم من الحكومة، وتركها الصنايعية لعدم وجود غطاء تأمينى: «بالعافية تجيب همها ومصاريف عمالها وربحها غير مجدٍ بسبب ارتفاع أجرة الصنايعية والعمال والسولار والعسل الأسود وكربونات الصوديوم».

منذ 20 عاماً يعمل حمادة محمد عبدالباقى، أحد صنايعية حلوى الجلاب فى هذه المهنة، يقول إنها تحتاج إلى طبيعة خاصة بسبب ارتفاع درجة الحرارة فى النحاسة، وتتطلب خبرة فى تملك خلطة «الجلاب»، موضحاً أن الصفيحة الواحدة التى يقدر سعرها بـ120 جنيهاً، تنتج ما بين 200 و300 قطعة جلاب حسب الحجم المطلوب: «أحياناً إنتاجنا بيكون أكتر من المطلوب، فبنقوم بتخزينه فى أقفاص، لغاية الموسم ما يرجع تانى».

 


مواضيع متعلقة