منير فخرى عبدالنور: المشهد السياسى «مرتبك» والملف الاقتصادى «صعب ومقلق».. والشباب «غاضب»

كتب: عادل الدرجلى

منير فخرى عبدالنور: المشهد السياسى «مرتبك» والملف الاقتصادى «صعب ومقلق».. والشباب «غاضب»

منير فخرى عبدالنور: المشهد السياسى «مرتبك» والملف الاقتصادى «صعب ومقلق».. والشباب «غاضب»

{long_qoute_1}

أكد منير فخرى عبدالنور، وزير التجارة والصناعة السابق، أن المشهد الاقتصادى صعب ومقلق ويواجه مشكلات عديدة أبرزها العجز المزمن فى الموازنة العامة للدولة، حيث إننا نعمل منذ عام ٢٠١٣ على تخفيض نسبة العجز فى الموازنة ولكننا فشلنا وما زالت تصل إلى 11.5%.

وكشف عبدالنور فى حواره لـ«الوطن» أن تمويل الجزء الأكبر من عجز الموازنة يتم بالسحب على المكشوف، وهو أمر خطير جداً، لافتاً إلى أن الدعم والأجور وخدمة الدين العام تمثل ٧٥٪‏ من إجمالى النفقات العامة والـ٢٥٪‏ المتبقية تصرف على الخدمات.

وأشار إلى أن صادراتنا السنوية لا تتعدى ٢٨ مليار دولار بينما وارداتنا السنوية تفوق قيمتها ٧٠ مليار دولار، والأزمة فى السياحة أننا فقدنا ثقة السائح، والصورة الذهنية لمصر فى الخارج أنها دولة تفتقر إلى الأمن والاستقرار، ونحن قصّرنا فى التواصل مع الإعلام الدولى بأسلوب علمى ومحترف لتغيير الانطباع السيئ عن مصر. {left_qoute_1}

وأوضح عبدالنور أن المشهد السياسى مرتبك والإرهاب الأسود يهددنا وأنصاره من الداخل تحاربنا، ومن ناحية أخرى الشباب غاضب، وأطالب أولى الأمر بإجراء حوارات مع الشباب الغاضب والاستماع لهم دون افتراض سوء النية فهذا حقهم علينا، فالدنيا تغيرت ولا يمكن أن تُحكم مصر سنة ٢٠١٦ كما كانت تُحكم قبل ٢٠١١ ويجب فتح قنوات الحوار لا سيما مع الشباب.

ويرى وزير التجارة والصناعة السابق أن برنامج الحكومة تجميع لمشروعات الوزارات دون «تعشيق» بينها، ولفت إلى أن الوزير يجب أن يكون «سياسياً» فالوزارة هيئة سياسية وتتحمل المسئولية السياسية وكل ما تتعامل فيه هى أمور سياسية. وإلى نص الحوار

■ كيف ترى مشهد الاقتصاد المصرى؟

- دعنى أبدأ بالقول إننى ترددت كثيراً قبل الموافقة على إجراء هذا الحوار، لأن الاستقطاب أصبح السمة الرئيسية لمجتمعنا السياسى، فلا يتقبل المجتمع الخلاف فى الرأى، ولا يتيح إجراء نقاش هادئ مجدٍ ومثمر، وتتراشق أطرافه باتهامات الخيانة والعمالة عند الاختلاف فى الرأى أو الموقف، وتفترض باستمرار سوء النية، لذا فكنت أرى أن السكوت من ذهب، ولكن من منطلق حرصى على نجاحنا فى بناء الدولة الحديثة التى ننشدها، ولا بديل لنا إلا النجاح، فإبداء الرأى، مؤيداً ومسانداً أو ناقداً ومعترضاً، واجب وطنى، أما عن المشهد الاقتصادى فهو صعب ومقلق إذ نواجه عدة مشاكل، لعل أبرزها العجز المزمن فى الموازنة العامة للدولة، ونحن نعمل منذ سنة ٢٠١٣ على تخفيض نسبة هذا العجز إلى الناتج المحلى إلا أنها ما زالت عند 11.5% وهى نسبة مرتفعة للغاية، وحل هذه المشكلة يتطلب اتخاذ إجراءات صعبة ومؤلمة، كما وصفها رئيس الوزراء لأنها ستحمل المواطن أعباءً إضافية فى ظروف يشكو فيها من ارتفاع الأسعار ومن انخفاض مستوى الخدمات العامة، لذلك يتعين أن توزع هذه الأعباء الإضافية، بحيث يتحمل كل مواطن القسط العادل منها وفقاً لقدرته، وفى جميع الأحوال يجب أن نعفى محدودى الدخل منها بل ونوفر لهم الحماية الواجبة.

{long_qoute_2}

■ من أين نعوض هذا العجز؟

- الخطير هو أننا نمول الجزء الأكبر من هذا العجز من خلال ما يسمى بالسحب على المكشوف، أى إن وزارة المالية تقترض من البنك المركزى مباشرة، وبالتالى نخلق قوة شرائية لا يقابلها إنتاج فترتفع الأسعار وتنخفض قيمة الجنيه وينخفض سعر صرفه مقابل العملات الأجنبية ويدخل الاقتصاد المصرى فى حلقة مفرغة من التضخم، حلقة جهنمية لا يمكن الخروج منها إلا باتخاذ وبحسم هذه الإجراءات الصعبة المؤلمة، وجدير بالذكر أن اتخاذ الإجراءات قد تأخر انتظاراً لانتخاب مجلس النواب واستكمال تشكيل لجانه.

■ وما هذه الإجراءات الصعبة؟

- هى إجراءات تهدف إلى زيادة الإيرادات العامة من خلال زيادة الإيرادات الضريبية، ومنها على سبيل المثال إصدار قانون ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب، ومن خلال زيادة الإيرادات العامة من أملاك الدولة وشركات القطاع العام وقناة السويس والبنك المركزى، من ناحية أخرى تهدف هذه الإجراءات إلى ترشيد النفقات العامة، وهنا دعنى أذكرك أن الدعم والأجور وخدمة الدين العام تمثل قرابة ٧٥٪‏ من إجمالى النفقات العامة، أى إن ٢٥٪‏ منها فقط هى التى تصرف على التعليم والصحة والنقل والأمن وغير ذلك، ولا يمكن أن ينمو الاقتصاد المصرى ويرتقى المجتمع فى ظل هذا الهيكل للموازنة، وأحب أقول إن الكلام سهل إنما الإصلاح صعب جداً وقاسٍ ومؤلم، ويتطلب التواصل مع الرأى العام للشرح والإقناع.

■ وهل هناك مشاكل أخرى يعانى منها الاقتصاد المصرى؟

- نعم، فإن مشكلة الهيكل الإدارى للدولة الذى هو فى رأيى فى حاجة ماسة إلى المراجعة والإصلاح، يمثل مشكلة كبيرة للاقتصاد، فالتداخل الكبير فى الاختصاصات بل والتضارب فى المصالح بين الوزارات والهيئات والمؤسسات سبب أساسى فى عدم قدرة المسئول على اتخاذ القرار السليم فى التوقيت السليم، وهو السبب الرئيسى لظاهرة البيروقراطية، وكثيراً ما يغل ويشل يد مُتَّخِذ القرار، وفى جميع الأحوال نحن فى حاجة إلى رئيس وزارة قوى قادر على حسم الخلافات والفصل فيها من خلال شخصيته وخبرته وعلمه وكفاءته.

ومن ضمن المشاكل أيضاً الاختلال فى ميزان المعاملات الخارجية، فصادراتنا السنوية لا تتعدى ٢٨ مليار دولار بينما وارداتنا السنوية تفوق قيمتها ٧٠ مليار دولار، وكان هذا العجز يتم سده من خلال ناتج الخدمات وأهمها السياحة وقناة السويس وناتج حركة رؤوس الأموال وأهمها تحويلات المصريين العاملين بالخارج والاستثمارات الأجنبية، وللأسف انخفضت إيرادات السياحة كما انخفضت الاستثمارات الأجنبية وتحويلات المصريين، لذلك سجل ميزان المدفوعات عجزاً.

■ وما الحلول لمواجهة انخفاض إيرادات السياحة؟

- أولاً يجب أن تعرف أنها انخفضت انخفاضاً كبيراً، فقد بلغت هذه الإيرادات 12.5 مليار دولار سنة ٢٠١٠، وهذا الرقم لم يتعد 5.5 مليار فى سنة ٢٠١٥، فقد انخفض عدد السياح المقبلين إلى مصر من 15 مليون سائح سنة ٢٠١٠ إلى أقل من 5 ملايين سنة ٢٠١٥، والمقلق ليس فقط انخفاض أعداد السائحين، إنما أيضاً انخفاض متوسط إنفاق السائح نتيجة لتخفيض أسعار الخدمات السياحية فى ضوء انخفاض الطلب، وقد انخفضت السياحة إلى مصر لعدة أسباب واضحة، منها الوضع الأمنى فى منطقة الشرق الأوسط ككل، ومنها ما ينقل فى وسائل الإعلام العالمية عن الأحداث الإرهابية التى تقع فى مصر، سواء كان فى شمال سيناء أو فى القاهرة، وأخيراً الحادث المؤسف للطائرة الروسية التى كان من شأنها التشكيك فى قدرتنا على حفظ أمن وسلامة السياح، أى أننا فقدنا ثقة السائح، والصورة الذهنية لمصر أو قل الانطباع السائد عن مصر فى الخارج أنها دولة تفتقر إلى الأمن والاستقرار، والحقيقة أننا نواجه مشكلة مماثلة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وعلينا أن نبذل الجهد لتغيير صورة مصر من خلال التواصل مع وسائل الإعلام المختلفة، والحقيقة أيضاً أننا فشلنا فى ذلك منذ ٣٠ يونيو ٢٠١٣. {left_qoute_2}

■ كيف ذلك؟ وما أسباب الفشل؟

- إننا لم ننجح منذ ٣٠ يونيو فى إقناع الرأى العام فى أغلب الدول أننا نسعى إلى بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة تحترم الحريات العامة وحقوق الإنسان، ولم ننجح فى إقناعهم بالمصاعب التى نواجهها فى إيجاد التوازن بين حفظ الأمن ونحن نواجه هجوماً إرهابياً شرساً من ناحية، واحترام الحقوق الأساسية للمواطن من ناحية أخرى، وأى متابع للصحافة العالمية يلمس النقد الذى يوجه إلينا، وهو مبنى أساساً على انطباع وليس بالضرورة على واقع، وفشلنا فى تغيير هذا الانطباع يرجع لعدة أسباب، منها الآلة الإعلامية للإخوان التى تساندها قناة الجزيرة وجريدة الجارديان البريطانية وغيرها، التى تعمل ضدنا فى كل مكان، ومنها أيضاً تقصيرنا فى التواصل مع الإعلام الدولى بأسلوب علمى ومحترف لتغيير هذا الانطباع، والصراحة أننا إذا لم ننجح فى تغيير هذا الانطباع السائد سنفشل فى جذب الاستثمارات الأجنبية وفى جذب السياحة.

■ الدولة مقبلة على مشروعات ضخمة واستثمارات كبيرة ألا ترى أن هذا مؤشر جيد؟

- بكل تأكيد هو مؤشر جيد، إنما يجب أن نقدم على هذه المشروعات وفقاً لأولويات، فالأهم قبل المهم، لاحظ أن طموحاتنا لا حدود لها، فضلاً عن سعينا لتحقيق نجاحات سريعة، إنما من ناحية أخرى قدراتنا التنفيذية والاستيعابية محدودة بقدرتنا على تمويل هذه المشروعات وتوفير اليد العاملة المدربة لها، وتوفير البنية الأساسية لمساندتها، لذا لا يمكن أن نقدم على كل المشروعات فى آن واحد ويتعين أن ننفذها وفقاً لجدول أولويات.

■ ما الأولويات من وجهة نظرك؟

- يجب أن تكون المشروعات مدروسة دراسة اقتصادية تؤكد جدواها آخذة فى الاعتبار عائدها المباشر وغير المباشر، المالى وغير المالى، كما يجب أن يكون عائدها سريعاً، وأن تتيح فرص عمل جديدة لتساهم فى حل مشكلة البطالة، وأن تنتج منتجات ذات قيمة مضافة عالية ولها أثر إيجابى على الميزان التجارى.

■ هل يمكن أن أقول إن مشروع الفرافرة والمليون ونصف المليون فدان تنطبق عليها هذه الشروط؟

- لا أستطيع أن أحكم على مشروع المليون ونصف المليون فدان فلم أطلع على دراسته، إنما مشروع الفرافرة كجزء من المشروع الكبير تنطبق عليه هذه الشروط، فهو إضافة مهمة للرقعة الزراعية المصرية فى منطقة غنية بالمياه الجوفية ستتيح فرص عمل جديدة وتنتج منتجات زراعية تقلل من وارداتنا أو تزيد من صادراتنا.

■ وما رأيك فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؟

- مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لست متحمساً له على الإطلاق، فمن حيث الأولوية هناك ما هو أكثر منه أهمية كثيراً، ومن حيث اختيار موقعه أخشى أن تمتد القاهرة بعد تنفيذ هذا المشروع من ٦ أكتوبر غرباً حتى مدينة السويس شرقاً، وأن يسكنها ٣٠ مليون نسمة وتستعصى إدارتها وخدمتها، وأتساءل ألم يكن أجدى إن كان ولا بد من إنشاء عاصمة إدارية جديدة أن نقيمها غرب المنيا فى منتصف القطر شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، ينتعش من خلالها الصعيد الذى عانى عبر عقود طويلة بل قرون من التجاهل وعدم الاهتمام؟ إننى أعتقد أن الأمثلة الناجحة لإقامة عواصم إدارية فى دول العالم أقيمت بعيدة عن مركز العاصمة القديمة، بهدف إعادة توزيع السكان وتكريس اللامركزية.

■ هل مصر تعد بيئة جاذبة للاستثمار؟

- كى نكون بيئة جاذبة للاستثمار يجب أن تتوفر عدة شروط أهمها أن يكون لدينا بنية أساسية مساندة للعملية الإنتاجية والتسويقية، عمالة ماهرة ذات إنتاجية عالية ومنخفضة التكاليف نسبياً، هيكل تشريعى واضح ثابت ومحفز، وأمن واستقرار سياسى وأمنى وتشريعى، وللأسف الانطباع السائد فى الخارج أن مصر تعانى من بيروقراطية معطلة، وتواجه أزمة عملات أجنبية تمنع المستثمر الأجنبى من تحويل أرباحه للخارج.

■ كيف ترى قرارات محافظ البنك المركزى المتعددة وتأثيرها على الاستثمار؟

- السوق شعر أن البنك المركزى غير مسيطر ولا يملك رؤية واضحة للسياسة النقدية، وترتب على ذلك المضاربة على سعر صرف الجنيه وأزمة العملات الأجنبية، وذلك له آثار سلبية على مناخ الاستثمار، وقبل اشتعال الأزمة كنت قد طالبت محافظ البنك المركزى بأن يراجع ويدرس الإجراءات التى اتخذت سنة ٢٠٠٣ عندما تم تخفيض سعر صرف الجنيه فى عهد وزارة المرحوم عاطف عبيد، وكان الإجراء ناجحاً واتخذ فى التوقيت السليم وبالأسلوب المناسب، فمن ناحية تم تحديد سعر صرف الدولار بأعلى من السعر الذى كان سائداً فى السوق الحرة وقتها (overshooting)، ومن ناحية أخرى وفر البنك المركزى الأرصدة اللازمة للدفاع عن سعر الصرف فى مواجهة المضاربات، وهو ما لم يتم عندما قرر البنك المركزى تخفيض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار ليصبح 8.80، فلم يقتنع السوق واشتعل سعر الصرف ليبلغ ١١ جنيهاً فى السوق الحرة، وأى تعدد لسعر الصرف له أثر بالغ السلبية على الاستثمار.

■ كيف ترى المشهد السياسى الحالى؟

- المشهد مرتبك فمن ناحية الإرهاب الأسود يهددنا وأنصاره من الداخل يحاربوننا ومن ناحية أخرى الشباب غاضب، غير مرتاح من الحاضر وقلق من المستقبل، وأعتقد أننا فى حاجة إلى إعادة بناء ائتلاف ٣٠ يونيو الذى جمع كل الأطياف السياسية من أنصار الدولة الوطنية، وأعتقد أيضاً أننا يجب أن نتحاور مع الشباب الغاضب ونستمع إليه ونسعى إلى طمأنته والاستجابة إلى بعض المطالب العادلة والممكنة لنعيده إلى ائتلاف الدولة المدنية، وأذكر فى هذا الصدد أنه فى شهر أكتوبر ٢٠١٣ وفى عهد وزارة الدكتور حازم الببلاوى بينما كانت الجامعات ملتهبة تخرج منها المظاهرات يومياً وكان الحديث فى مجلس الوزراء يدور مطولاً حول الإجراءات الأمنية الواجب اتخاذها لمواجهة هذه الموجة الغاضبة نجحنا أنا والدكتور أحمد البرعى فى إقناع وزير الداخلية آنذاك محمد إبراهيم مصطفى، بلقاء قيادات الشباب من رؤساء اتحادات الطلبة من الجامعات المختلفة، وبالفعل عقدنا عدة اجتماعات كان أولها فى وزارة التضامن الاجتماعى، وأذكر أن المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان وقتها حضر الاجتماع، وعقدت باقى الاجتماعات فى نادى الشرطة بالجزيرة واستمعنا إلى الشباب وأجبنا عن أسئلتهم، فكان لهذه الحوارات أفضل الأثر على تهدئة الأجواء، لذلك أطالب أولى الأمر بأن يجروا حوارات مع الشباب الغاضب ويستمعوا إليهم دون افتراض سوء النية فهذا حقهم علينا، ويجب أن نعرف أن الدنيا تغيرت ولا يمكن أن تحكم مصر سنة ٢٠١٦ كما كانت تحكم قبل ٢٠١١ يجب أن نفتح قنوات الحوار لاسيما مع الشباب.

■ الشباب دائماً هو المحرك للشارع فلماذا يغيب الحوار معهم؟

- يجب أجراء الحوارات المستمرة مع الشباب، لأنه بالفعل هو المحرك الأساسى للشارع، كما يجب أن نستخلص الدروس المستفادة من تجاربنا السابقة فنجاحاتنا فى ٢٥ يناير وفى ٣٠ يونيو كانت نتاج تحالف الشعب مع الجيش، فالجيش دون الشعب لن ينجح فى تحقيق الأهداف التى نصبو إليها كما أن الشعب دون الجيش لن ينجح، وأقول للذين يعتقدون أن ٢٥ يناير حدثت بسبب خلاف بين الجيش والشرطة أو بسبب خلاف شخصى بين المشير طنطاوى وحبيب العادلى، إن نظرتهم قاصرة لأن لولا نزول الشعب فى الميادين فى القاهرة والإسكندرية والسويس وغيرها من المدن لما تغير النظام، وأقول للذين يعتقدون أن ٣٠ يونيو لم تكن إلا حركة مخططة من الأجهزة، إن نظرتهم قاصرة أيضاً لأن الفضل فيها يرجع إلى جبهة الإنقاذ وائتلاف القوى المدنية و٣٠ مليون مصرى تظاهروا يومها فى كل ميادين وشوارع مصر، والدرس المستفاد هو أنه يجب أن يكون الجيش والشعب يداً واحدة كى ننجح.

■ كيف ترى البرلمان الحالى؟

- لقد تم انتخابه فى ظروف استثنائية فلم تكن هناك أحزاب تستطيع أن تخوض هذه المعركة وكنا أمام قانون ونظام انتخابى أنا شخصياً لى عليه تحفظات كثيرة ولكن انتهينا بمجلس نواب لا شك أن له إيجابيات كثيرة منها تمثيل المرأة والشباب والأقباط تمثيلاً لم تشهده البرلمانات السابقة، من ناحية أخرى أغلبية النواب يفتقدون الخبرة البرلمانية السابقة، كما أن رئيس المجلس نفسه، يفتقد للخبرة، ولكننى متفائل بالمجلس وأعتقد أن الرئيس والأعضاء سيكتسبون بسرعة المعرفة اللازمة ويؤدون أداءً طيباً خاصةً أن هناك نواباً منتخبين ومعينين ممتازين وأصحاب خبرة فى مجالات عديدة.

■ سبق أن قلت إن ائتلاف دعم مصر ائتلاف هش وضعيف هل ما زلت عند رأيك؟

- نعم.. لأنهم لم يتفقوا على برنامج أو موقف أو سياسة أو فكرة أو منهج، لذا فهو ائتلاف يفتقد الصلابة، وأعتقد أننا سنشهد خلافات داخلية عندما تناقش مشروعات القوانين، وهذا أمر صحى.

■ وما سر ضعف الأحزاب خاصة حزب «الوفد»؟

- لا تقلّب المواجع.. الوفد فشل فى ٢٥ يناير وفى ٣٠ يونيو فى فهم حركة التاريخ، فمن أكثر من الوفد كان يمكن أن تقوم على أساس مبادئه الدولة المدنية الحديثة؟ فهو الحزب صاحب التراث الذى رفع شعار الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة، هو الحزب الذى ناضل لمدة ثلاثين سنة لحماية الدستور ومبادئه، مصطفى النحاس هو أول من تصدى لاستغلال الدين لأغراض سياسية فى خطابه الرائع عندما أصر عند تتويج الملك فاروق أن يقسم على الدستور فى البرلمان أمام نواب الشعب وليس على كتاب الله أمام شيخ الأزهر الشريف، هذه الرسالة لم تفهمها قيادات الوفد وإن فهمتها فلم تؤمن بها، ولذلك لم تعمل على أساسها وخلت من خطابهم ولم تصل للشارع ببساطة لأن فاقد الشىء لا يعطيه.

■ وكيف ترى الأزمة الأخيرة فى الوفد واقتحام فؤاد بدراوى للحزب؟

- شىء مؤسف ومؤلم ولا أريد أن أرى أو أسمع أو أعرف أى شىء عنها، من الأفضل أن تطوى صفحة الوفد لتبقى فى كتب التاريخ صفحة ناصعة البياض قدر الإمكان، وفى ذكرى المصريين رمزاً للنضال والثبات على المبدأ.

■ كيف تقول ذلك وأنت حفيد أحد مؤسسى الوفد وابن أحد الذين أعادوه إلى الحياة سنة ١٩٨٤؟

- أشعر بالأسى لأن هناك من سرق جزءاً من هويتى، كم أكون فخوراً بهم لو نجحوا، والنجاح هنا ليس بعدد مقاعد البرلمان إنما فى حمل الأمانة وتوصيل الرسالة والثبات على المبادئ، إنما للأسف افتقدوا الثقة فى النفس والإيمان بالمبدأ فحاولوا أن يسيروا فى ركاب الغير مهما كان هذا الغير ومهما كانت توجهاته، لقد خانوا الأمانة وفشلوا.

■ وكيف ترى أزمة الصحفيين الأخيرة؟

- لا تدخلنى فى عش الدبابير، لقد كتبت تويتة منذ عدة أيام وقبل انعقاد اجتماع الأهرام قلت فيها بالحرف «أين رئيس الوزراء من أزمة الصحفيين؟ أليس من الحكمة أن يجتمع بوزير الداخلية ونقيب الصحفيين لإيجاد حل يرضى الطرفين وتهدأ الدنيا؟» وكان رد الفعل صعباً جداً أقل تهمة وجهت للصحفيين هى الخيانة والعمالة ورفض أن تجتمع الحكومة مع هؤلاء! الحقيقة أن المشاعر ملتهبة والاستقطاب فى أوجه، ونحن فى حاجة إلى قدر كبير من الحكمة والسياسة للتعامل مع هذا المناخ، وللأسف يبدو أننا نفتقد هذه الحنكة السياسية المطلوبة والقدرة على التواصل والاستماع إلى الآراء المختلفة بهدوء.

■ هل الوزير يجب أن يكون سياسياً أم «تكنوقراط» فقط؟

- طبعاً يجب أن يكون الوزير سياسياً.. فالوزارة هيئة سياسية وتتحمل المسئولية السياسية وكل ما تتعامل فيه هى أمور سياسية من سعر رغيف العيش إلى تقديم الخدمات العامة إلى اتخاذ قرار الاستثمار فى مشروع قومى، وكان ممكن أن نتفادى كثيراً من الأزمات لو أحسنا العرض وتدخلنا فى التوقيت المناسب بالطرح والشرح والإقناع ومنها أزمة الجزيرتين وأزمة الصحفيين.

■ كيف ترى أداء الحكومة.. وما رأيك فى برنامجها؟

- الحكومة تعمل فى ظروف صعبة للغاية ويبذل الوزراء جهوداً جبارة، وهناك وزراء يؤدون أداءً ممتازاً ويستحقون التقدير والإشادة منهم على سبيل المثال الدكتورة غادة والى، وزيرة التضامن الاجتماعى، أما فيما يخص البرنامج فهو تجميع لمشروعات الوزارات كلها دون «تعشيق» بينها، إنما إن كان المطلوب أن أوجه نقداً للبرنامج فسأنتقد الجملة التى أنهى بها رئيس الوزراء تقديم برنامجه أمام البرلمان بما معناه «أن هذا هو ما يجب عمله» والحقيقة ليس ذلك هو ما يريد النواب أو الرأى العام معرفته، إنما يريدون معرفة ما الذى ستلتزم الحكومة بتنفيذه كى تحاسب على أساسه.

■ لو عرضت عليك الوزارة مرة أخرى هل ستقبل؟

- هذا دور الشباب وعليهم أن يتقدموا الصفوف ويتحملوا المسئولية.

 

 

 

 

 


مواضيع متعلقة