قانون تأمين صحى أم تمييز صحى؟

خالد منتصر

خالد منتصر

كاتب صحفي

من الممكن أن يتحمل المواطن كل عورات وخطايا وعيوب الحكومة فى سبيل ميزة واحدة وهى أن تؤمنه صحياً وتحميه من غول المرض المفترس، من الممكن أن يتحمل مواطن هجير الفقر المؤقت ويربط الحزام، ولكن يتحمله أسفل مظلة تأمين صحى عادل لا يضحى به لأنه فقير ولا يجعله قرباناً للأثرياء، فالتأمين الصحى هو الذى يزرع الثقة فى مستقبل آمن لأن المرض مفاجأة غير سارة وكارثة من الممكن أن تداهم الإنسان فى أى وقت، المرض كالزلزال.. كالبركان لا يحترم مواعيد ولا سناً ولا مقاماً ولا طبقة ولا ديناً ولا جنساً، وأكبر ظلم فى الكون أن أعالج لمجرد أننى غنى وأملك ثروة أو علاقات، ومهما وفرت لى الحكومة سولاراً أو بنزيناً أو سكراً أو زيتاً ولم توفر لى الدواء والطبيب والسرير والمستشفى، فأنا أعيش فى غابة لا فى وطن.وصلتنى رسالة من الأستاذة د. مجد أحمد قطب، التى فضلاً عن أنها أستاذة أطفال متميزة فهى أيضاً مهتمة بالشأن السياسى والاجتماعى المصرى، وتعشق هذا البلد حتى النخاع، تقول الرسالة عن قانون التأمين الصحى الجديد: «القانون به الكثير جدا جدا من المواد التى تستحق النقد الموضوعى، لكن أود أن أعرض ما أراه العوار الحقيقى فى القانون، الذى يفتح باب الفساد والإفساد على مصراعيه، وفيما يلى أوضح العوار فى هيكل القانون: القانون يتحدث عن إنشاء هيئة جباية للأموال وهى المهيمنة على جميع أمورها، وهذه الهيئة تقوم بالتعاقد مع «مقدمى الخدمة الصحية»، وبذلك يضمن مقدم الخدمة الصحية دخلاً ثابتاً بمجرد حصوله على تأشيرة التعاقد مع الهيئة، وطبعاً لا يوجد نص يحدد ما هى المعايير التى يتم بناءً عليها التعاقد ولا المدة ولا دور متلقى الخدمة من المصريين، وآلية وصلاحية متلقى الخدمة فى اختيار أعضاء الهيئة وعزلهم والرقابة عليهم، ولا يوجد نص يمنع التضاد فى المصالح ولا صلاحية للشعب فى عزل أعضاء الهيئة أو إلغاء تعاقد «مقدم الخدمة» إذا ثبت أن الخدمة لا ترقى لطموح المصرى فى علاج كريم. وما معنى أن تكون لهيئة الجباية صلاحية التعاقد؟! يعنى الذى ترضى عنه الهيئة ضمن أن يكون له «سبوبة» اشتغل أو لم يشتغل.. سواء كانت الخدمة جيدة أو سيئة، يعنى من الآخر مستوى الخدمة مرتبط برضا الهيئة وليس رضا متلقى الخدمة.. وما دخل هذا بالفساد والإفساد؟ يعنى سيكون على «مقدم الخدمة» الانبطاح لرغبات الهيئة حتى ترضى عنه.. وتضع المعايير التى تضمن استمراره واستحواذه على نسبة من سوق تجارة «التأمين الصحى»، يعنى وما هو الصحيح إذن، بفرض أن مبدأ الجباية ضرورى؟ يجب أن يتم فصل هيئة الجباية ونهب أموال الشعب عن الهيئة التى تقوم بتسجيل «مقدمى الخدمة»، إذا توافرت لها شروط مزاولة المهنة والأمن والمساحة... إلخ... إلخ، يعنى من الآخر الناس التى تخضع للتأمين الصحى تذهب لمن تثبت كفاءته الحقيقية فى «السوق»، وبذلك ستكون المنافسة حقيقية لاكتساب ثقة محتاج الخدمة الطبية، وتمول الدولة الخدمة الصحية العلاجية حيث يرتضى المريض، وحيث يكون هم مقدم الخدمة الأول والخير هو إرضاء المريض، وليس إرضاء الهيئة أو بعض أعضاء الهيئة! ولن تتحول القصة إلى «كيف تقتنص أموال الشعب وتقدم له خدمة طبية رديئة، لتعظم المكاسب من الهيئة؟». أما الجريمة الكبرى فى حق المصرى فهى المادة ٢٨، تعفى جميع أموال الهيئة الثابتة والمنقولة وجميع عملياتها الاستثمارية وعوائدها أياً كان نوعها من جميع الضرائب والرسوم، بما فى ذلك الضريبة العامة على المبيعات، كما تعفى العمليات التى تباشرها الهيئة من الخضوع لأحكام القوانين الخاصة بالإشراف والرقابة على هيئات وشركات التأمين».