نصار في "المؤتمر الدولي للغة العربية": يجب استنفار المؤسسات لحماية اللغة

كتب: سلوى الزغبي

نصار في "المؤتمر الدولي للغة العربية": يجب استنفار المؤسسات لحماية اللغة

نصار في "المؤتمر الدولي للغة العربية": يجب استنفار المؤسسات لحماية اللغة

قال الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، إنه لم تتشرف لغة في تاريخ الإنسانية بما شرفت به اللغة العربية، التي جعلها الله سبحانه وتعالى لغة قرآنه الكريم، وتشرّفت أيضًا بأنها لغة التعبد لما يقرب من ملياري مسلم على مستوى العالم.

وأضاف نصار، خلال مشاركته في فعاليات المؤتمر الدولي الخامس للغة العربية المنعقد في دبي في الفترة من 5 إلى 8 مايو الجاري برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة حاكم دبي، أنه نظرا لقيمة ومكانة هذه اللغة في حياة العرب حرص الاستعمار على أن يضعفها ويفرض هيمنته اللغوية المعبرة عن قيمه وثقافته على الشعوب التي استعمرها كي تدين له بالخضوع التام والولاء المطلق، وذلك لأن اللغة في النهاية تعبر عن الهوية والوطنية والقومية والذات الثقافية والتراث الحضاري، بما تختزنه من علوم العرب وتاريخهم وحضارتهم، لافتًا إلى مدى الضعف الذي وصلت إليه العلاقة مع اللغة العربية على مستوى الأجيال الصاعدة حتى أصبحت محلاً للنفور في نظرهم، إلى جانب ما تتعرض له هذه اللغة من الهجوم بين الحين والآخر من أعداء الأمة العربية والثقافة الإسلامية.

وأكد رئيس جامعة القاهرة، أنه إذا كان جزء من المشكلة نابعًا من صعوبة اللغة العربية بالمقارنة ببعض اللغات الأخرى، فإن هذه الصعوبة ليست العامل الحاسم في الموضوع، فهناك أجهزة الإعلام المختلفة، وهناك مسؤولية البيت وهناك مسؤولية التربية في مراحل التعليم المختلفة، سواء التعليم قبل الجامعي أو التعليم الجامعي، مشيرًا إلى أنه من اللازم استنفار كافة المؤسسات التعليمية والثقافية في العالم العربي لحماية اللغة العربية والهوية العربية والمستقبل العربي.

وقدّم نصار ورقة عمل في جلسة بعنوان "جهود الجامعات العربية في خدمة اللغة العربية" ضمن جلسات عمل المؤتمر، أشار خلالها إلى واقع اللغة العربية في جامعة القاهرة، فقال إنه يمكن التعرف على هذا الواقع من خلال المعاهد الأكاديمية المتخصصة في تعليم اللغة العربية للطلاب الذين يلتحقون بها، ويأتي اسم كلية دار العلوم وهي أعرق كلية جامعية متخصصة في تدريس اللغة العربية وآدابها، أنشئت عام 1872، وضمت إلى الجامعة عام 1946.

وتتجه الدراسة في هذه الكلية إلى نوعين من العلوم، العلوم الأساسية في اللغة العربية والعلوم المساعدة في تعلم اللغة العربية. والعلوم الأساسية في اللغة العربية، تشمل علوم النحو والصرف وفقه اللغة واللغات السامية والشرقية.

أما العلوم التي تساعد في تعلم اللغة العربية، فهي العلوم الأدبية والنقدية التي تشمل تاريخ الأدب والنصوص الأدبية والنقد والبلاغة والأدب المقارن.

وأضاف أن المعهد العلمي الآخر هو كلية الآداب، وهي أيضا واحدة من أعرق كليات الجامعة حيث بدأ إنشاؤها عام 1908 وضمت إلى جامعة القاهرة عام 1925م، ومن أبرز أقسامها قسم اللغة العربية وآدابها الذي شهد كبار المفكرين والأدباء في العصر الحديث، أمثال طه حسين وسهير القلماوي وشوقي ضيف وحسين نصار وشكري عياد ومحمود شاكر، عبد العزيز الأهواني، محمود علي مكي، نبيلة هانم إبراهيم، عبد الحميد يونس، عز الدين إسماعيل، محمد مندور، ومحمد كامل حسين والشيخ أمين الخولي وعائشة عبد الرحمن وجابر عصفور.

وإلى جانب هذين المعهدين العريقين هناك كليات أخرى تهتم باللغة العربية اهتماما وظيفيا، وذلك مثل كليتى الإعلام والحقوق، حيث تستعين بأساتذة متخصصين في تدريس اللغة العربية بهذه الكليات، لكي يتخرج الطالب قادرا على استخدام اللغة العربية بصورة صحيحة، في مجال الإعلام والقضاء والمحاماة.

وأوضح رئيس جامعة القاهرة أن الاهتمام باللغة العربية في جامعة القاهرة، لم يقتصر على الكليات المتخصصة في تدريسها وإنما زاد الاهتمام بإنشاء مراكز ذات طابع خاص تتبنى قضية تعليم اللغة كتابة واستماعًا وتحدثًا كمركز التدريب اللغوي بكلية دار العلوم، ومركز اللغات والترجمة بكلية الآداب، ومركز اللغة العربية واللغات السامية بكلية الآداب، وذلك بقصد مساعدة المنتسبين إلى الجامعة من الوافدين من غير الناطقين بالعربية في تعلم اللغة العربية، حتى يتسنى لهم التفاعلُ الإيجابي مع زملائهم من ناحية وفهمُ العلُوم التي يدرسونها باللغة العربية من ناحية أخرى.

وعن دور جامعة القاهرة في النهوض باللغة العربية في مراحل التعليم قبل الجامعي فيتمثل في الوثيقة التي أصدرتها الجامعة منذ نحو عشر سنوات بمناسبة الاحتفال بالعيد المئوي للجامعة، بقصد النهوض باللغة العربية على مستوى التعليم والتلقي والتقييم مما يجعلها قريبة من عقول الطلاب ووجدانهم، وينطلق باللغة إلى آفاق أوسع من الفهم والحوار والتبادل الثقافي.

وهذه الوثيقة أعدّها عدد كبير من الأكاديميين والتربويين ومجمع اللغة العربية والمجلس الأعلى للثقافة وجمعية لسان العرب وغيرهم من خريجي جامعة القاهرة، وتستهدف تزويد المشتغلين بتعليم اللغة العربية بتصور واضح لمنهج تعليم هذه اللغة في مراحل التعليم العام، يساعد في توجيه العملية التعليمية بمختلف مجالاتها.

وتتطرق نصار إلى المشكلات التي تواجه تعليم اللغة العربية، ومنها الازدواجية اللغوية ويقصد بذلك أن اللهجات العامية تمثل أبرز التحديات أمام اللغة الفصحى، فالطالب المصري يتأثر في قراءته باللهجة المصرية وهكذا سائر اللهجات. وكذلك المشكلة النحوية أو الطريقة التي تقدم قواعد اللغة العربية إلى المعاصرين بدءا من تلاميذ المدارس حتى كبار المتخصصين، وأكد أنها طريقة تحتاج إلى مراجعة جذرية، وليس إلى مجرد تغيير بعض الأمثلة والشواهد.

ودعا نصار إلى وضع المصطلح المناسب من اللغة العربية لكل المصطلحات الأجنبية التي سادت بسبب انتشار التكنولوجيا، حتى لا تصبح اللغة العربية متخلفة عن حضارة العصر.

في ختام كلمته، قال رئيس جامعة القاهرة "إننا اليوم مطالبون بمناقشة مشكلات تعليم اللغة العربية، ولا تكون مجرد (كهنوت) يصل إليه بعض المتخصصين وحدهم، وإنما ينبغي أن نعمل على أن تكون المعرفة اللغوية في مرحلتها الأساسية متاحة لكل مثقف عربي وأن نخلي الطريق من كل عقبة تحول دون تحقيق هذا الهدف، ولا بد أن نقاوم كل التحديات التي تقف في وجه لغتنا العربية حتى تستعيد مكانتها بين اللغات ونستعيد نحن أيضا مكانتنا بين شعوب الأرض ذلك أن اللغة هي إحدى عناصر الهوية".


مواضيع متعلقة