«سند البنات»: «رمضان».. ميكانيكى بالنهار ومسئول عن شقيقاته الأربع باقى اليوم.. «ساب المدرسة وشال الهم»

كتب: إمام أحمد

«سند البنات»: «رمضان».. ميكانيكى بالنهار ومسئول عن شقيقاته الأربع باقى اليوم.. «ساب المدرسة وشال الهم»

«سند البنات»: «رمضان».. ميكانيكى بالنهار ومسئول عن شقيقاته الأربع باقى اليوم.. «ساب المدرسة وشال الهم»

 

توفى الوالدان وتركا 4 بنات فى مراحل عمرية مختلفة، وابناً وحيداً أُلقيت على كاهله مسئولية لم يكن ينتظرها فى هذه السن المبكرة، فجأة وجد نفسه مسئولاً عن شقيقاته ليس لأنه الأكبر سناً لكن لأنه «سند البنات» والرجل الوحيد بينهن، ليست «الرجولة» مجرد صفة سيحملها فى بطاقته الشخصية التى لم يستخرجها بعد بحكم سنه التى لم تتخط الـ15 عاماً، لكنها «أفعال ومواقف» يؤديها رمضان فى سنه الصغيرة بقوة ومسئولية الكبار. نصف ساعة سيراً على الأقدام، يقطعها رمضان عبدالواحد يومياً من منزله بحى عابدين إلى ورشة الميكانيكا التى يعمل فيها بالقرب من ميدان العتبة، نصف يوم يقضيه داخل الورشة حتى يتحصل فى نهايته على 50 جنيهاً يعود بها إلى المنزل الصغير الذى يتكون من صالة وحجرة واحدة يتوزع بينهما 4 فتيات بعضهن على «وش جواز»، وولد يواظب على عمله بلا انقطاع ودون أن يشغله أى أمر آخر فى حياته، «هفكر فى إيه غير الشغل والبيت وإخواتى البنات، بكون فى الورشة طول اليوم الصبح ومعاهم بالليل، ويادوب ممكن أقعد مع جماعة أصحابى شوية فى طريقى بين الورشة والبيت».

{long_qoute_1}

حصل على شهادته الإعدادية قبل عام، بعدها قرر أن يتفرغ للعمل، «صاحب بالين كداب، يا إما شغل بجد، أو مذاكرة بجد، وأنا ماكنش ليَّا فى طريق المذاكرة قوى، وبعدين آخرة التعليم إيه غير الشغل، أدينى جبتها من الآخر ونزلت الورشة بدرى»، يرى أنه لم يستفد شيئاً طيلة السنوات التى قضاها داخل فصله الدراسى، كل ما تحصل عليه أنه أصبح يجيد «فك الخط» دون فائدة أخرى من كل هذه الأعوام الدراسية التى مر بها بين المرحلتين الابتدائية والإعدادية، «بكتب اسمى وبعرف أقرا، ماخدتش حاجة تانية من المدرسة، كنا بنروح نلعب ونجرى ونهرب من فوق السور، وساعات المدرسين يكدرونا شوية جوه الفصل، مفيش حاجة تانية بتتعمل»، شعوره بعدم الجدوى من الدراسة، وشعوره بالمسئولية بعد فراق والديه فى حادثة أودت بحياتهما، إلى جانب حالة المعيشة التى تزداد ضيقاً كل يوم، أسباب عديدة دفعته معاً للخروج من المدرسة وخلع الزى الدراسى، والتوجه إلى الورشة وارتداء «عفريتة» العمل.

رغم نحافته، وضعف تكوينه الجسمانى الذى يبدو عليه، يؤدى عمله فى نشاط شديد، ينقل ويرتب ويرفع و«يشيل ويحط» فى كل مكان داخل الورشة وخارجها، قوة لا يتوقعها من ينظر إليه للوهلة الأولى، وتحمل يصدر منه يفاجئ الجميع، إلا زملاءه وأسطواته فى العمل الذين اعتادوا على ذلك، «كتر الشغل بيعلم التحمل، وأبويا كان بيقولى دايماً خليك راجل، الرجولة مش كلام، لكن قوة وتحمل»، مفهومه عن «الرجولة» الذى جعله يثابر على أداء عمله، هو نفس المفهوم الذى يجعله يتحمل مسئولية شقيقاته، رغم أن ثلاثاً منهن تكبرنه سناً، «الحكاية مش بالسن، أبويا وأمى ماتوا وسابونى أنا و4 بنات، لازم آخد بالى منهم وأكون جنبهم دايماً، لينا قرايب واقفين معانا وبيسألوا عننا، لكن فى الآخر الباب بيتقفل علينا إحنا الخمسة لوحدينا»، يتمنى تزويجهن حتى يطمئن عليهن ثم يبدأ بعد ذلك مشواره نحو تكوين أسرة، «لازم إخواتى يتجوزا قبلى، عمرى ماهفتح بيت وهم لسة جنبى، وكمان أن لسة سنى صغير، أطمن عليهم وبعدين أفكر فى نفسى»، ينهى عمله بين سيارات الزبائن، ثم يستبدل زياً نظيفاً يصحبه معه إلى الورشة بملابسه المتسخة بالشحم، وينطلق بطاقة جديدة بين شوارع العتبة ووسط البلد حتى يصل إلى منزله بالحى الشعبى القديم، «برتاح أكتر فى البيت والشارع بتاعنا، مابكونش تعبان وأنا راجع من الشغل، وساعات أقعد مع أصحابى شوية قبل ما أرجع لإخواتى».


مواضيع متعلقة