وامرساه

1- ما زالت قطارات مصر تتخبط، وتترنح، وتفقد صوابها، ويهوى بعضها فوق رأس بعض، ويتمزق البشر تحتها، وتزهق الروح الكريمة، من الإنسان المصرى الكريم، من غير ذنب منه ولا تقصير، وما كادت القلوب المصرية الحزينة تلتقط أنفاسها، وتحاول أن تتناسى أحزان كارثة قطار أسيوط، والأطفال الأبرياء الذين دهسهم القطار، حتى هوت على رؤوسنا كارثة قطار البدرشين، فجر أمس الثلاثاء، حيث اصطدم قطار بضائع بقطار التجنيد، الذى يحمل جنود الأمن المركزى، فكانت الحصيلة هذه المرة تسعة عشر قتيلاً ومائة وسبعة من المصابين والجرحى، كما هى آخر تصريحات الدكتور أحمد عمر، المتحدث الرسمى لوزارة الصحة والسكان، والعدد المذكور هو إلى ساعة كتابة هذا المقال، وهو قابل للزيادة، فكم من بيت وأسرة فقدت أحد أفرادها، من الشباب اليافع الكريم، الذى تنعقد عليه آمال أسرته، فهجم الأسى والمرارة عليهم، وخيّم الموت على بيوتهم، وعلى قلوبنا وبيوتنا جميعاً، وأنا أتوجه إلى رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسى، وأقول له: هؤلاء جميعاً أمانة فى يدك، وأنت مسئول عنهم أمام الله تعالى، وقد بلغ الإهمال من المسئولين عن شعبك أن الكوارث تحصده حصداً كما ترى، فلا تتهاون فى محاسبة المسئول مهما كان حجمه ومركزه، وإلا فدماؤهم فى رقبتك، وها نحن نمتثل لما علمنا إياه الدكتور صفوت حجازى، ونقول: وامرساااااه، فهل من مجيب؟ 2- أطلَّ علينا شهر ربيع الأول، حيث مولد سيدنا ومولانا محمد، صلى الله عليه وسلم، صاحب الخلق العظيم، الذى بعثه الله تعالى مبشراً ونذيراً، فسَدَّده لكل جميل، ووَهَبَ له كل خُلُقٍ كريم، وجعل السكينة دثاره، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة كلامه، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، وجمع به بعد الفرقة، وألَّف به بين قلوب وأهواء متشتتة، وأهواء مختلفة، وقد جاء شهر مولده الكريم، لنتذكر ونستحضر تلك القيم الجليلة، والأخلاق النبيلة، وليكون احتفالنا بمولده الكريم إحياء وإنعاشاً لأخلاقه المشرفة، وقيمه الرفيعة، ولهذا فنحن نعكف فى (مكتب رسالة الأزهر) على الإعداد والتحضير لمبادرة أخلاقية، ذات بنود ومقترحات، ندعو إليها رموز الوطن من علماء وكتّاب ومفكرين وسياسيين، ويتبناها الإعلام المصرى الرسمى وغيره، لإعادة التعريف والنشر للقيم الأخلاقية الجليلة، لا سيما فى هذه الفترة العصيبة من تاريخ الوطن، التى تشهد تراجعاً حاداً، فى مستوى الأخلاق والآداب، وتشهد انفلاتاً أخلاقياً وسلوكياً مقلقاً، وكل ذلك حتى تحتفل أمة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، بمولده الشريف، بأن تعيد إحياء منهجه الأخلاقى، ونجعل شعار هذه المرحلة: (وإنك لعلى خلق عظيم)، ونطلق معها حملة: (الصادق الأمين)، وحملة (العَمَل يحقق الأَمَل)، وغير ذلك، من الحملات التى تنادى بالصدق، والضمير، والإيمان، وطهارة القلب واللسان، واحترام الإنسان، وتعظيم قيمة العمل والإنتاج والعمران، وتعميق معنى الانتماء وحب الأوطان، خصوصاً فى أوقات الشدائد والكروب والمحن، كما برز حبه صلى الله عليه وسلم لمكة المكرمة فى أشد أوقات عدوان أهلها عليه، يوم أن أخرجوه منها، ما يوازيه عندنا شدة الانتماء لمصر فى أشد أوقات أزماتها الاقتصادية، كالفترة التى نحن فيها، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه ورسوله، وبهجة قلوبنا، وقرة أعيننا، سيدنا ومولانا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. 3- اللهم اكشف الكرب عن المكروبين، وأنزل السكينة والصبر على قلوب أهالى ضحايا قطار البدرشين، والطف بالجرحى والمصابين، وأنزل السكينة على مصر وأهلها، واجمع من شملهم ما تفرق، وافتح لهم بركات من السماء والأرض، وحسّن أخلاقهم، ووسع أرزاقهم، وكن لهم وليّاً، وبهم حفياً، واجعل مخافتهم أمناً، وضيقهم سعة، وأعِدْ عليهم عوائد لطفك الجميل، وعطائك الجزيل، واجعل شهر ربيع المبارك الأنور شهر فرج ولطف وغوث لأهل مصر جميعاً، وللمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وللبشرية كلها، وبلغ بنا دينك، وعلمنا مرادك من كتابك، وارزقنا الأدب معك، وافتح لنا فتوح العارفين بك، وخذ بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك، اللهم جَمِّلْنا بالعلم، وسَهّلْ أخلاقنا بالحلم، وأخرجنا من ظلمات الوهم، واشرح صدورنا بالفهم، واهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، وأَنِرْ بواطننا بأنوار القرآن العظيم، والذكر الحكيم، الهادى إلى صراطك المستقيم، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد، صاحب الخُلُقِ العظيم، والمجد الصميم، والأدب العميم، والذوق الرفيع الكريم، وعلى آله وأصحابه أهل الانقياد له والتسليم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.